-->

حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الخميس ,28 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 17103

في العلاقة بين السلطة والشعب

في العلاقة بين السلطة والشعب

في العلاقة بين السلطة والشعب

29-06-2008 04:00 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم :

 

تمثل العلاقة بين قوى التسلط والمجتمعات المتسلط عليها نقطة الضعف الأساس في شكل (الدولة) العربية المعاصرة، تلك العلاقة التي أدت الى تكوين مسميات دول وأشباه يتم فيها   اختصار ( الوطن) بشخص واحد ...    ، والى امتلاءه بصنف مقزم من الشخوص يسمون عبثا مواطنين     ، ليتولد بالتالي شكلا ... للحاكم ، وشكلا .. آخرا   للأفراد ، في علاقة ليس أساسها ثنائية الحق والواجب ، .....، وبذا ، كان الوطن يسقط لمستوى اقطاعية ، يملكها شخص أو عائلة ، لديهم طبقة من المساعدين الأتباع   والبقية الباقية عبيد غاية أمنيات أفضلهم أن يرتقي لطبقة (الحرس المدللين)   ليس الا، مع وجود قلة قليلة جدا تقبض على جمر الحرية والكبرياء مصيرها العذابات في السجون أو المنافي   وبات ينظر اليها اجتماعيا بأنها طبقة المثاليين الغير (واقعيين) ، ومن هنا ، تضاءل كل شيئ وسادت البيولوجبا وانتهت العملية الحياتية لرحلة محددة الأبعاد تبتدئ بسرير الولادة لتنتهي في أقرب مقبرة ، ومن هذا الشكل البدائي للعلاقة والذي هو أساس هذا البقاء خارج أسوار الزمن ، فقد فقدت المنطقة العربية فرصتها في النهضه كما نهضت غيرها ممن تشابهت معها   بالظرف تخلفا وفقرا قبل مئة عام ،عن هذه العلاقة سنتحدث عبر حلقات آملا بأن نفرز نقاشا جادا عن هذه الصورة البدائية للحكم ، علنا نرى الحكم عليها ، انسانيا وثوريا واسلاميا ، وعلنا نستشرف أسباب استمرار حاضرها وآفاقها المستقبلية .

 

ثلاثة مشاهد سأفردها بداية قبل الدخول لصلب الموضوع :

 

المشهد الأول ، يعتاد أحد سلاطين دويلات سايكس بيكو البائسة على نثر المال من سيارات موكبة باتجاه المواطنين الذين يلاحقون هذا الموكب متهافتين على المال ، يحدث هذا الموقف بشكل دائم حال دخول موكبه لأي حي أو بلدة ، هو يعتقد هكذا أنه يظهر كرمة الشخصي بتصدقه على الشعب ...(من أموال الشعب المسروقة )، الا أن ما يظهر من هكذا صورة هو النذالة والخسة   ليس الا .

في احدى المرات ، تم القاء المال من الموكب باتجاه سيدة عجوز تجلس في ساحة بيتها الريفي ، الا أن الدهشة اعترتة لعدم قيامها مهرولة لأخذ المال ، فأعاد لها قائد حرسة والذي حين سألها عن سبب عدم اهتمامها بعطاء السلطان ، أجابته بكبرياء قائلة ، قل لسيدك أن (الكلبة شبعانة )...

 

هنا نرى بوضوح انتصار الكبرياء للأنسان ازاء سقوط مخز للسلطان ....

 

المشهد الثاني ، يجلس أحد السلاطين في خيمته أثناء زيارته لأحد البلدات ، وفي الخارج يقف طابور طويل من (الرجال) يحمل كل منهم ورقة بيضاء يحدد فيها ما يستجديه من الحاكم   (الذي يسرقة)، تسولا رسميا تصوره العدسات وتبثه التلفزيونات الوطنية بكل تفاخر للدلالة على رفق الأب بأبنائه ، هنا نرى علاقة أبوية ، فيها القائد الأب   الذي يحكم ويملك ، وفيها الأبناء القصر الذين يحكمون (بضم الياء) ويستجدون ، وهي أيضا علاقة رعوية ، الراعي والقطيع...حيث تستجدي الغنمات حبات الشعير...وهنا كان الفرد يتلاشى كليا لصورة أخرى مقززة

  لنرى بوضوح   صورة الانتصار النهائي للسلطان ازاء السقوط النهائي للانسان ..

 

المشهد الثالث ، كان يصرخ رافضا استثناءه من معونات السلطان ، ذاك لأن شيخ البلدة كان   قد صنفه على انه من ميسوري الحال ، لكنه مع هذا كان يرفض هذا التصنيف الايجابي متمسكا بصفة الفقير السلبية ، ويطالب ( بحقه) بشدة رغم   أنه قد   قيل له ان استثناءك هذا كرامة لك ،  وانه ارتقاء بك عن هذا الاذلال ،الا أنه كان يظهر عدم الادراك والكثير من الاستخفاف ،ثم أنه قد قيل له أنك محارب قديم كنت قد خضت عدة حروب واذ كنت بحاجة لشيئ ما فذاك هو من واجب (الدولة) أن تؤمن لك العيش الكريم والرعاية الكاملة بعد تقاعدك ، هذا   واجب عليها وحق لك ، لم يعر الرجل أي انتباه لهذا الكلام الذي بدا له غريبا كليا عن ثقافته واستمر بالصراخ غاضبا على استثنائه من (معونات ) السلطان .

 

هنا نرى بوضوح صورة السقوط كاملة ، سقوط السلطان (الفاسد الذي يدعي الصلاح )   وسقوط الانسان ( الذي أدمن الاستجداء ).

 

لنعد للبدايات ، والمتمثلة بازدياد أعداد البشر واتجاههم من البدائية (البداوة) الى المدنية وهنا سنرى ان الحاجة لتكون المجتمعات تبدو حاجة ماسة اتجه اليها الانسان منذ القدم لتحقيق مصالح رئيسة له رغم أن هكذا خيار كان يسبب له خسائر أيضا ، المصلحة الرئيسية تبدو اقتصادية أمنية وهنا بالتأكيد   فالأمن هو الذي يعني الشعور بالحماية والمنعة ،الأمن الذي يوفر الكرامة وهو بالتأكيد يتناقض كليا مع مفهومه العربي الرسمي الحديث ، اقتصاديا   كانت المسألة تتعلق   بقدرة الفرد على العمل أو المبادلة وبالتالي الاكتفاء وتأمين الاحتياجات ، لكن يبدو أن الأمن   كان هو   الهدف الأكبر ، اذ ان وجود فرد ما وأسرته منعزلين سيجعلهم عرضة للمخاطر ازاء انضمامهم لمجموعة ما ( المجتمع) ، وبذا يحقق الفرد مطلبية الرئيسيين   أمنيا واقتصاديا مقابل سلبيات أخرى تجبره على الانصياع ( للقانون) أو تجبره على الخدمة العسكرية أو حتى الموت في سبيل الدولة ( الهيكيلة التنظيمية للمجتمع) ، وأيضا ستجبره على الانصياع   لشروط ( المجتمع) المتمثلة بالعادات والتقاليد أو اتباع دين المجتمع لتجنب نبذه أو استغلاله أو قتله باسم الكفر ، ومن هذه الأسباب الأساسية اللازمة للبقاء والقادرة على   منح فرص ( للتطور) نشأت فكرة العقد الاجتماعي منذ آلاف السنين والذي هو عبارة عن اتّفاق مجموعة من "الأفراد" فيما بينهم لتكوين "مجتمع"، بناءً على قاعدة الفائدة المتبادلة وتجنب الأضرار، مقابل تسليم الفرد لإرادة الجماعة، ممثّلة بالسلطة .

 

ما الذي يجري في الوطن العربي حاليا ؟

 

أولا      بالنظر شرقا وغربا نرى أن الكثير من مجتمعات البشر تسير ضمن دول يسودها القانون ويتم فيها تداول السطة سلميا ، في ديمقراطيات هي بالتأكيد ليست مثالية بسبب تدخل مراكز قوى مالية وعسكرية الا أنها تمثل حالة متطورة تقترب من فكرة العقد الاجتماعي ، حيث تنتشر الصحافة الحرة ( على الصعد الداخلية ) وتنتشر الصحافة   التحقيقية يساند كل ذلك نضالات لا تخبو   للنشطاء وبالذات   اليساريين ونضالات حزبية ومؤسسية ، وكل هذا يصب أخيرا في مصلحة دولة الشعب القادرة على الحفاظ على حيويته ورفاهيته وشعوره بالحرية .

 

  في مجتمعات أخرى مثلا كوريا الشمالية أوالاتحاد السوفيتي المنهار وقبلها الأنظمة الفاشية والنازية ، نلاحظ مجتمعات مملوكة لأنظمة شمولية بقيادة زعيم مؤله   لديه مجالس نواب وحكومات ( ينتخبها) مدير المخابرات ، وحيث يتمتع السلطان بيد طليقة وصلاحيات مطلقة تحميها طبقة (الحرس المللين)   وأجهزة أمنية شديدة السطو وعدد لا محدود من المخبرين ، ومن هذه الصورة التي يشعر فيها الفرد بفقدان الوطن وبفقدان الذات ، يقل الابداع وتقل الانتاجية وتفقد الشعوب حريتها وانتمائها وحيويتها ، ومن هنا سقط الاتحاد السوفيتي بدون اطلاق طلقة واحدة ضدة بسبب عوامل التآكل الداخلية التي سببتها هكذا علاقة مشوهة للحكم وها نحن نرى ترنح كوريا الشمالية وها هي تقدم تقريرا تلو الآخر عن نشاطاتها النووية ازاء الرغبة في البقاء محتضرة هكذا متنازلة للعدو عن قمة الكبرياء في الوقت الذي هي ليست مستعدة للتنازل ( لمواطنها) في أي شيئ .

 

من هذين النمطين نرى أن مؤسسة الحكم العربي تقف في محور ( الدولة) السوداء الخائفة المخيفة ، حيث الديكتاتورية   الناجمة كافراز طبيعي تراكمي لشمولية الحكم وحيث العلاقة الأبوية الرعوية وحيث الشعوب الباهتة المستهلكة الغير مبدعة ، ومن هنا كانت (الدولة) تفقد استقلالها ويزداد فقرها وتقل منعتها ضد الخارج بسبب الوهن الداخلي حيث ينتشر الفساد ويكثر اللصوص الوقحين المتباهين والمتكبرين وحيث تتفكك المنظومة الاجتماعية مبتعدة عن عقدها وتقل الاخلاق ( لاحظ أعداد العاهرات والمافيات   في دول الاتحاد السوفيتتي سابقا حيث ما ان انهار النظام الا وانكشف الخراب وارتفعت الستارة عن أفراد (مفجوعين) غير خلوقين وأيضا لننظر لأنفسنا ولنرى التجارة البينية العربية للمخدرات والأفلام الاباحية والعاهرات والعلب الليلية والعلاقة الوطيدة اللاخلاقية بين طبقات الكلاب المدللة فيما بينها ).

اذا النظام العربي الرسمي ، يمثل القبيلة بثقافتها البدائية ويحول الأوطان لممالك تعيش على الهامش لا تفوح منها الا العفونة ،ويسير في طريق الشمولية والتي هي طريق محتم للضياع ، وهذا ما سنراه عبر الحالة العراقية هنا في النقطة الثانية .

 

ثانيا خسر العراق البعثي حربه مع قوى الغزو والاستعمار وسقطت الأرض محتلة ، وان كان الشهيد صدام قد كان يمثل لنا أملا (ولو كاذب) وكان بعداوته لاسرائيل يمثل مخزونا استراتيجيا للمنعة ( وان كان ذلك مجرد خيال) ،الا أن كل هذا يجب أن لا يمنعنا من قراءة عميقة للتجربة العراقية منذ الثورة الشيوعية فيه   وحتى الاحتلال ، وان أردنا أن نكون موضوعيين وعلميين في آن فيجب أن نحلل المسيرة هناك كاملة بابتعاد كلي عن العاطفة .

تمثلت واحدة من أسوأ نقاط ضعف العراق بعد الاحتلال بغياب الشخصيات القيادية الوطنية رغم هذا الزخم الكبير للأسماء الموجودة على الساحة ، ذلك كما أسلفنا بسبب اختصار الوطن في شخص القائد ، واضفاء الاسطورية والعظمة عليه والتأليه ، عبر ماكينة اعلامية ضخمة تمثل كل اعلام موجود ، اذ لم يكن يسمح بالاعلام المستقل ، وساد الحزب وثقافته ، وامتلأ بالوصوليين وضعاف النفوس ، وهؤلاء عمقوا عبر السنين الطويلة صورة واحدة للعراق الذي هو الشهيد صدام ، وحين وقع الاحتلال ومن ثم قتل الرئيس ، كان العراق يقف لخمس سنوات فاقدا لشخصيات وطنية بمستوى الرئيس بسبب أن لا أحد كان من الممكن له أن يظهر ، وامتلأ العراق بالشخصيات الطفيلية التي تجد في الخطاب العرقي أو المذهبي وسيلة للحضور ، حضورا مميتا وقتالا أدى لحرق الأرض والعرض والناس هناك ، وهنا لو سألنا ، لو كان في العراق صورة مختلفة ، هل سيحدث كل هذا؟

 

في العراق ، لم يكن العقد الاجتماعي يجد أي تطبيق ،فلا تم تبادل حقيقي للفائدة ولا تم تجنب الأضرار ، وكان أن المؤسسة الأمنية مهما بلغت قوتها هي غير قادرة على الوقوف في وجه جيش العدو ، وأن الجيش لا يمكن أن يكون قويا بدون أفراد أقوياء ، وأن الأفراد الأقويا لا يتكونون بأمر رئاسي وانما بالشعور العميق بالمواطنة والحرية والمشاركة .

 

في العراق ، سمح الرئيس صدام للمفتشيين الدوليين ( أي أمريكا ) بالدخول لغرف نوم القصر الرئاسي ، بينما كنت مرة أنظر لاحدى تلك القصور ليرتعب صديقي العراقي قائلا لي بأن لا أنظر فالحرس هناك يشكون حتى في النظرة ، وهنا لو كان الرئيس صدام قد قدم التنازل لشعبة عبر ديمقراطية حقيقية تضفي لقرار تشاركي في اعلان الحرب أو احقاق السلام ، ألم يكن ذلك بأكثر أملا ونجاعة ونجاحا من التنازل للعدو ؟

 

في العراق أيضا ، كانت الأفواج من الغربيين الذين يأتون لبغداد كمتعاطفين وانسانيين يجدون كل الحفاوة والتقرب أملا باحداث شيئ ايجابي لدى الرأي العام العدو أملا في السلامة ، بينما العراقيات الفقيرات يفترشن شوارع عمان ، لاحقا ، تم اكتشاف أن معظم أولئك المتعاطفيين كانوا جواسيس ، وعادت النسوة لبغداد أمهات ثكلى أو قتيلات أو مغتصبات أو مضللات ، فلماذا كان كل هذا ؟

يقول لي أحد أصدقائي لماذا كل هذه القسوة التي تظهرها ضد الشهيد صدام ، ولكن أصدقكم القول ، هي ليست كما قال ، فالحب والاكبار باقيان ، وفي العتمة يسرني   ضوء ولو كان من عود ثقاب ، لكنما هو الواجب أن نتداعي لقراءة لا يتقنها الا الرجال ، أولسنا برجال ؟ وهل سنبقى هكذا ننتظر جميعا نفس المصير ، لا ،وألف لا ،   ما حدث في العراق ، صدمة كبرى ، أراها كفيلة بأن توقضنا ، وأرى أنه قد آن لنا أن نستيقض .

 

في العراق ، لم يكن هناك نقص في أي شيئ وسوء عدا الادارة ، وفي العراق ،لم تكن المشكلة في الخطاب المبدئي ولا في الأيدولوجيا المتبعة ، انما كان السوء في احتكار الصواب واحتكار السلطة ، وان أردنا أن نصدق القول ، فبرغم أن الجريمة هناك معلقة في رقبة أمريكا ، الا أن الضحية كان سببا ، اذ تضخم بلا ضخامة ، وبنى بيت العنكبوت وأدعى ما أدعى ...

الشهيد صدام ، هو أفضلهم بكل تأكيد ، ......ولكن لو كان صدام حسين قائدا موضوعيا وعادلا ، لكان قد استقال بعد غزو الكويت ، لكن لم يتم هذا ، وان أردنا أن نكن موضوعيين ، فأن بغداد لم ( تسقط) انما تم احتلالها وسقط النظام   ، وكذلك القدس لم تسقط وانما سقطت أنظمة النكسة كاملة ، والقوات الأمريكية لا تستقر في أرض شعب الحجاز بجوار بيت الله الحرام ، انما تستقر على أنوف ... السلطة من أبناء العائلة ..... الملاكة هناك، فدولة الشعب لا تسقط ، هكذا يعلمنا التاريخ وانما تسقط ....

 

اذا هناك شعب وسلطان ، والنظام العربي الرسمي ، لا يرى الشعب ، ولا يعتبر وجودة الا أرقاما وطنية ودافعي ضرائب وحرس حدود ، لكن ، أهو الحق هذا والصواب ، لنرى ذلك في لقاء قادم عن السلطة اسلاميا وثوريا وانسانيا .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 








طباعة
  • المشاهدات: 17103
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
29-06-2008 04:00 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. هل اقتربت "إسرائيل" ولبنان من التوصل لاتفاق إنهاء الحرب؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم