22-02-2014 10:08 AM
بقلم : د . نزار شموط
شهدت ايام ما قبل صدور نتائج ما يسميه العامه ( تقرير المصير ) التوجيهي حاله من الترقب المشحون بالرعب لما ستسفر عنه النتائج , فالاجراءات العسكريه المشدده التي صاحبت تقديم الامتحان , اعطت انطباعاً سلبياً لدى اهالي الطلبه عما ستسفر عنه النتائج , وخرجت النتائج اخيراً وبعض الجامعات قد قطعت ما يزيد على اسبوعين في التدريس , والسؤال المطروح الى متى سنبقى في هذه الحاله من التخبط في كل ما يتعلق بالتوجيهي سواءً من الوزاره او من الاهل , ولماذا نحن ثانويتنا غير ؟؟
فكل الدول المجاوره عندها امتحان ثانويه , ويمر بكل يسر وسهوله وبدون الزوبعات التي تثار عندنا كل عام . حتى اننا متميزون بالاسم ( توجيهي ) .
وبات وقع الاسم على الطلبه والاهل مفزعاً ,ربما توحي دلالات الاسم انه يوجه الطالب اما للفلاح واما ل للفشل .
هذا الكابوس الذي بات يؤرق الاْسر في العام مرتين آن له الاوان ان يرتحل,بصورته الحالية , بعد ان ادى دوره على اكمل وجه خلال العقود المنصرمة من تاريخ اول امتحان (توجيهي ) عقد منذ بدء المسيرة التعليمية في الاردن ..
لا اقول هذا استخفافاً ولا تحجيماً لاهمية هذا الامتحان , ولكن في السنوات الاخيرة حدثت مجموعة من الاختراقات غير المقصودة , التي غيرت الصورة النمطية الايجابية عن هذا الامتحان , ورغم تغير الظروف والمستجدات المعرفية والتقنية التي طرأت , و ظهور الوسائط التكنولوجية , وتغير معايير التقييم , فقد حافظ امتحان التوجيهي على نمطة الكلاسيكيكي الذي يعتمد على قياس بعض القدرات العقلية وعلى رأسها قدرة الحفظ , واغفل الاستنباط والربط والتحليل والاستقراء والكثير من القدرات التي باتت تميز الافراد وتحدد مستويات الذكاء لديهم . ,
الجانب الاخر, ازدياد عدد الطلبة كل عام بنسب مرتفعة , حتى وصل العدد بحدود (150 ) الف طالب , وترتب على ذلك زيادة التكلفة المالية لعقد الامتحان , حتى وصل للدورتين في العام الماضي بحدود ( 25) مليون دينار , ناهيك عن الجهود التي تبذلها كل القطاعات المشاركة من مراقبين ومصححين ورجال امن وغيرهم الكثير ممن يشارك في انجاح سيرورة الامتحان .
كل هذا يتطلب منا البحث عن بدائل وايجاد اليه لاجراء امتحان يراعي كل التغيرات التي تحدثنا عنها سابقاً , وبمعيارية عالية ودقيقة , وبكلفة مالية اقل , وجهد بشري محدود . وبفترة انجاز قياسية توفر لنا التقييم الصحيح والدقيق لمستويات الطلبة
وفي رأيي المتواضع ان افضل البدائل والمعمول بها عالمياً واثبتت فاعلية هي الامتحانات الالكترونية ( اون لاين ) والتي تعمل بها غالبية جامعاتنا الاردنية حالياً
لما توفره هذه الامتحانات الالكترونية من سرعة في انجاز الامتحان من حيث توفير الوقت والضبط والشفافية وصعوبة الغش , والسرعه والدقة في إعطاء النتائج .
بالإضافة لقدرة الامتحانات الالكترونية على استخراج تقارير إحصائية تقيم نسبة إجابة كل سؤال من أسئلة الامتحان مما يساعد في تطوير العملية التدريسية والتعرف على نقاط الضعف عند الطلبة من اجل تقويمها لاحقا .
و يتميزهذا النظام للامتحان بالكفاءة و السرعة و السرية التامة وصعوبة لجوء الطلبة للغش كما اسلفت , والتي باتت الشغل الشاغل لضبط الامتحان . و يتميز كذلك بقدرته على إنشاء تقارير بإجابات الطلاب وأخرى بمعاملات التمييز والصعوبة . كما يمكن من خلال النظام عرض الامتحان للطلاب في بيئة آمنة ويسهل ظبطها . .
والمطلوب لتحقيق هذه الغاية وضع تعليمات للامتحانات الالكترونية , وتوفير مختبرات الحاسوب لإجراء هذه الامتحانات ، والعمل على إنشاء مختبرات جديدة لزيادة السعة الاستيعابية لعملية الامتحانات الالكترونية . و إنشاء وتطوير نظام الكتروني خاص بهذه الامتحانات ، يشتمل على مزايا متعددة وإمكانيات كبيرة . ويحقق كافة المتطلبات والاحتياجات التي تستلزم وجودها عملية إجراء الامتحانات الالكترونية .
واستخدام احدث التقنيات البرمجية لذلك , والعمل على إنشاء شعبة خاصة في الوزارة للامتحانات الالكترونية للثانوية العامة ضمن دائرة الحوسبة في مركز الحاسوب وبالتنسيق مع دائرة الامتحانات ، للإشراف وإدارة وتنسيق عملية الامتحانات ، وتزويدها بكادر مؤهل، يقوم بعملية وضع اسئله الامتحانات مع لجنة متخصصة من مدرسي المواد لانشاء بنك للاسئلة وفق احدث المعايير المعتمده لهذه الغاية , بحيث تراعي معايير بناء الاختبارات التحصيلية التي لا تعتمد على الحفظ فقط , بل تقيس القدرات العقلية الاخرى التي ذكرناها سابقاً وبصورة صادقة واختيار افضل الكفاءات لهذه الغاية وإدخال اسئلة الامتحانات والأجوبة على نماذج مختلفة وحسب طبيعة الامتحانات وبحسب البرمجيات الخاصة بهذا الشأن ، ليصار بعدها استخراج الإجابات والتقارير التي يتم طلبها لإجراء الدراسات المطلوبة لذلك لاحقاً .
ربما القاريء يعتقد ان هذا الامر يتطلب عملاً استثنائياً , ولكن اقول ان البدايات ربما تكون صعبة وتتطلب جهداً وقراراً جريئاً ومدروساً , ولكن النتائج المتحققة لعقد الامتحان بهذه الالية ستشكل نقلة نوعية تحقق الدقة والضبط , وتمنع الاختراقات والغش , وتقيم الطلبة بحسب القدرات الذكائية والمعرفية لديهم , وتخفض التكلفة والجهد بشكل كبير, وتخرجنا من الاخطاء المتكرره في وضع الاسئله , وقدرتها على التقييم الصحيح , وتخلصنا من حالة الانتظار الطويله لصدور النتائج .