24-02-2014 09:26 AM
بقلم : عمرعزم القرالة
لا يخفى على أحد ان حقيقة ما يجري على الارض الاوكرانية هو محاولة حثيثة لتغير قبلة البلاد الاولى (روسيا ) ,وتوجيه الولاء لاوروبا ونظامها الرأسمالي ,في خطوات راديكالية مارستها المعارضة الاوكرانية غربية الهوى ان جاز التعبير , والتي كانت طرفا محوريا في أحداث الثورة البرتقالية عام 2004 نتج عنها خسارتها للمعركة السياسية آنذاك لتفوق حزب الاغلبية (حزب الرئيس ) في فرض سياساته على الارض وتظاهر اللآف من مؤيدي فيكتور يانوكوفيتش لتؤول المعركة الانتخابية لصالحه وبقرار من المحكمة الدستورية للبلاد آنذاك, وقد يجد المتابعون أن ما يحدث الآن من قبل المعارضة بمثابة رد الصفعه السياسية لرئيس وحزبه , فميدان الاستقلال في كييف ركزت مطالبه على افشال الثورة البرتقاليه مثل الرجوع لدستور 2004 والاعلان عن انتخابات مبكرة ,اضافة لمطلب ضمني باخلاء سبيل زعمية المعارضة البارزه يوليا تيموشينكو.
وهذا ما كان ,فيبدو أن الرئيس الاوكراني رضخ لمطالب الميدان وبتوقيعه اتفاق يضمن الاستقرار الداخلي للبلاد وتدفع بالمواجهة نحو طاولة الحوار يمكن القول أن الامور في طريقها للحل ,ولكن اللافت في الامر أن الطرف الروسي رفض التوقيع على الاتفاق وبتصريح مثير أدلى به المبعوث الروسي بعد مغادرته الاجتماع بقوله"أنا ذاهب لتأليف فيلم سينمائي حول ما رأيت" وفي المقابل رحب البيت الابيض بما تم التوصل اليه ,وهنا تكمن التخوفات من غضب الدب الروسي وما قد يؤكد ذلك جملة القرارات التي أعلن عنها البرلمان الاوكراني والذي اكتسب بموجب الرجوع لدستور 2004 الكثير من الصلاحيات والتي بطبيعة الحال كانت بيد الرئيس حليف روسيا .
تحاول المعارضة بشتى الطرق انهاء الهيمنة الروسية على البلاد وفي احدى خطواتها مارست مكرا سياسيا قابله ما يكفيه من فهم روسي عندما رُفعت أعلام الثورة السورية في العاصمة كييف في محاولة لايصال انطباع عام أن الجيش والرئيس في مواجهة الشعب ,وما قام به أوباما من تهديد لجيش الاوكراني في حالة نزوله لشارع مع علمه بقوميته السوفيتية هو استفزاز حتى ينزل ,هذا السرعة المريبه في دعم المعارضة الاوكرانية قابلها رد حكومي سريع -فهم المُراد- في الموافقه على المطالب والاعلان عن انتخابات رئاسية مبكره يرافقه ضوء أخضر خفي من الكرملن في محاولة لجر المعارضة لفكرة الحوار والجلوس على الطاولة , وبدهاء الروس اشترط مبعوثهم أن يكون آخر الموقعين على الاتفاق وعندما حانت اللحظة رفض التوقيع وخرج معلنا معارضة لما تم ,وبالتالي عاد الروس للمربع الاول , وهنا أتوقع أن بوتن رأى أن الاجدى هو توفير الطاقات والاموال لقضايا تفاوضية مقبلة وممارسة سياسة المد والجزر التي يحترفها الكرملن .
القوى التي تدعم المعارضة وتغذي زخم المظاهرات من أهدافها الاساسية اشغال الروس عن ازماتهم الاخرى وأهمها الازمة السورية في محاولة لتدخل غربي ذا يد طويلة يمارس لعبة متشعبة تكمن بدايتها بيد الدول الكبرى والتي في نفس الوقت تعتبر لاعبه مؤثرة في الازمة السورية ,فقد يكون اخفاق جنيف 2 وتطورات المعارك في سوريا وتصريح أوباما بوجوب البحث في خيارات أخرى أو (ايجاد) غيرها اعلان ضمني لتغير سياقات المناورة , و حتى زيارة السيسي للكرملن قبل أسابيع قد تكون شكلت أثر في سياسة الغرب والتصريح الامريكي المستبعد لاي دور لبوتن في ترشيح المشير للانتخابات الرئاسية المقبلة في مصر دليل واضح على اشتداد المناكفات .
قد تكون لحظة قراءة هذا المقال شاهده على تطورات دراماتيكية مثيرة في الازمة الاوكرانية وصراع القبلتين لم يهدأ بعد ,ولن ترضى موسكو بسهولة ذهاب شقيقة الماضي بعيدا عنها, فكل الاطراف تقريبا ما زالت غير راضية ومتخوفه , ولكن ما هو مؤكد أن أوكرانيا تجاوزت خط الرجعة بما يخص المعادلة السياسية التقليدية في آلية الحكم .