05-03-2014 09:23 AM
بقلم : المهندس وصفي عبيدات
لقد أجازت المادة (٢٥ ) من تعليمات تصنيف المقاولين للمقاول الدمج في التصنيف لأكثر من مجال او تخصص ولم تضيف أية شروط مالية او ادارية تذكر على هذه الإجازة وإنما أبقت على الشروط نفسها المطلوب من المقاول تحقيقها للتصنيف لأول مرة ، مما فتح الباب امام الكثير من المقاولين ذوي النفوذ والملائة المالية العالية للتصنيف في اكثر من مجال .
ان الجميع بين اكثر من تصنيف في المقاولات يُجاز قانونا ولكن بشروط ، أهمها إحقاق المنفعة العامة وعدم إلحاق الضرر بالآخرين ، اي انه قبل تشريع اي قانون او تعليمات يجب النظر في تبعياته وتأثيره على المجتمع المحيط ، وفي حالتنا فان المجتمع المحيط هو المقاول الأردني بغض النظر عن درجة تصنيفه او اختصاصه ، بمعنى آخر يجب ان تكون المنافع من القوانين والتعليمات الملحقة به متساوية لكل أفراد المجتمع المعني ، وفي المجتمعات المتحضرة يقوم المشرع بسن القوانين ومرفقاتها بناءً على دراسات ميدانية شاملة لعينات واسعة من المجتمع ، وعمل مقارنة دقيقة بين سلبيات وإيجابيات تلك القوانين تفاديا لأي إجحاف قد يقع على اي شريحة من شرائحه ، كما ان المشرع يضع القانون قيد التنفيذ ثم يراقب درجة قبول العامة له عند تطبيقه عليهم، وما هو تأثيره الفعلي على سير العمل بمقتضاه ، فان حظي القانون بقبول الأغلبية فيستمر العمل به ، وان كان لايحظى بالأغلبية فانه يعاد دراسته وإجراء التعديلات المناسبة بما يحقق المصلحة العامة.
في حالتنا نحن وفيما يخص تعليمات الإجازة للمقاول الأردني التصنيف لأكثر من تخصص ، فإنني وكعضو في هذا المجتمع اجزم بان المشرع قد غفل عن مصلحة الشريحة الكبرى من المقاولين الأردنيين وانتصر لمصلحة فئة قليلة منهم ، وانا متأكد انه لو تم عمل استفتاء الان حول عملية الدمج الحالية ، فانه لن يحوز الا على نسبة قليلة جداً وهي المتنفعة منه ، والغالبية العظمى من المقاولين سيرفضون هذا التشريع وهذه التعليمات ، لان ضرره اكثر بكثير من نفعه للأسباب التالية :
١- معظم المقاولين الذين لديهم اكثر من تصنيف هم مقاولو الإبنية ، ذلك لان غالبية أعضاء المجلس يكون في العادة من مقاولي الأبنية والأعمال المدنية ، فلا عجب ان ينتصر هؤلاء لأبناء جلدتهم .
٢- يُحرَم معظم مقاولي الاختصاصات الاخرى من هذه المنفعة من التشريع كون ما يقارب ال (٩٩٪ ) من مشاريع الدولة واكثر من ( ٨٠٪ ) من مشاريع القطاع الخاص ، تشترط ان يكون المقاول الرئيسي تخصص أبنية ، وهذا يعني ان الخبرات العملية تكون للمقاول المدني ، ويخرج المقاول الاخر ( الفرعي ) وفي الغالب يكون مقاول كهروميكانيك خاوي اليدين ، فالمقاول المدني يستفيد من خبرته المدنية وجزء كبير من خبرات المقاول الفرعي ان لم يكن كاملها ، لذلك فانه يستطيع التصنيف بتخصص كهروميكانيك بهذه الخبرات المكتسبة على حساب المقاول الفرعي ، وكتجربة شخصية فإنني قد خسرت خبرات بأكثر من ثلاثة ملايين دينار لمشاريع قمت بتنفيذها كمقاول فرعي ، حيث ان المقاولين الرئيسين رفضوا إعطائي شهادة خبرة بحجة انهم بحاجتها للتصنيف في نفس المجال ( كهروميكانيك ) ( فبالله عليكم ايوجد ظلم اكثر من هذا الظلم الذي يقع على المقاول الفرعي غير المدني وبصورة شرعيه نصت عليها له التشريعات )
٣- بناءً على ما ذكر في البند (٢ ) أعلاه فانه لا يمكن لمقاول الكهروميكانيك وغيره من التخصصات غير الأبنية ان تستفيد من هذه التشريعات الا على نطاق ضيق جداً لا تتجاوز عدد أصابع اليد ، وهم من المقاولين الذين يقومون بتنفيذ مشاريع اهليه خاصة وتكون بسبب علاقات شخصية ، اذ يقوم صاحب العمل بتكليف مقاول الكهروميكانيك بتنفيذ كامل العمل بطريقته الخاصة ، عندها يستطيع هذا المقاول تسجيل خبرات مدنية لصالحة ، قد تؤهله بعد فترة للاستفادة من ازدواجية التصنيف مكررا ان هذه الحالات فردية ولا تكاد تذكر .
٤- نظرا لسوق المقاولات والإنشاءات المتأرجح ومحدودية العطاءات التي بالكاد تستوعب المنتفعين من هذه التعليمات فان مصير مقاولي التخصصات الاخرى وعلى رأسها الكهروميكانيك الزوال .
٥- ان المتصفح من مقاولي الكهروميكانيك للعطاءات التي يعلن عنها في الجرائد المحلية يصاب بالإحباط لان كل العطاءات تشترط مقاول مدني ، على ان يكون لديه تصنيف كهروميكانيك ، ويتعطّف الإعلان على مقاول كهروميكانيك آخر في حالة ان المقاول الرئيسي ليس له تصنيف مشابه ، والطامة الكبرى ان معظم من تنطبق عليهم شروط العطاءات هم من لديهم التخصص الفرعي المطلوب .
٧- بعض الشركات التي لديها تصنيفات اخرى غير التصنيف الرئيسي تقوم بتعين كوادرها عند تجديد التصنيف فقط وتعتمد على مقاولين من الباطن او فنيين في تنفيذ الاعمال وبأسعار متدنية مما يؤثر على جودة العمل .
٨- عدم تحقيق المنافسة الحقيقية بين المقاولين ، اذ ان المقاول الذي لديه اكثر من تصنيف بالتأكيد سيكون سعره اقل من سعر المقاول الذي لديه تصنيف واحد ، لذلك فان المشاريع خاصة الكبيرة منها تكون حكرا على فئة محدودة من المقاولين ، مما يتسبب في إفلاس بعض المقاولين الآخرين
٩- بما اننا ننتمي لنقابة مهنية يفترض انها تكون سباقة في تطبيق العدل والنزاهة ، وجب عليها اعادة النظر في هذه التعليمات والاتصال بجهات التشريع لإجراء تعديل يحفظ حقوق الجميع ، لان الجميع أردنيون وكل الأردنيين متساوون في الحقوق والواجبات ، وهذا ليس منّة من احد وإنما هو ضمان من دستور الله ومن ثم من الدستور الأردني ، والنقابات المهنية هي في طلعية الجهات الرسمية وغير الرسمية التي يجب ان تحرص على تطبيق النزاهة وتحقيق العدالة بين أعضاءها .