08-03-2014 09:42 AM
بقلم : أيمن موسى الشبول
بعد سنوات„ من تتبع المواطن للأحداث والأخبار عبر القنوات والوكالات الأجنبية ، تم الإعلان عن ولادة قناة الجزيرة القطرية في بداية تسعينيات القرن الماضي وليتحطم بعدها الاحتكار الأجنبي لنقل الأحداث والأخبار العربية والعالمية .
في تلك الفترة كان المشاهد العربي قد أصايه الملل والضجر وهو يتابع القنوات الرسمية العربية المتقوقعة والمنغلقة على نفسها ، وكان قد أصابه اليأس من بلوغ الخير اليقين عبر اعلام أجنبي استحوذ عليه أثرياء اليهود وخدامهم ، فجاء الفرج للشعوب العربية غداة الاعلان عن ميلاد قناة الجزيرة الفضائية والتي حملت هموم المواطن العربي وتبنت كل آماله وقضاياه ، ونقلت الخبر الصادق وتابعت الحدث العربي والعالمي بأمانة„ وحيادية„ ؛ وتم للمواطن العربي كل ما تمناه وهو يتابع صعود هذه القناة الفضائية على الساحة الاعلامية العالمية كواحدة من أهم القنوات الاخبارية المتميزة ، ولتحقق قفزة ونقلة نوعية على الساحة الاعلامية العربية والعالمية ؛ فانتقل الاعلام العربي من حالة الجمود والسلبية إلى حالة الحركة والايجابية ومن وضعية الانتظار والخمول إلى وضعية المبادرة والبحث ؛ ومع مرور الأيام تطورت هذه القناة لتصبح شبكة اعلامية واسعة„ الانتشار ومتخصصة„ في نقل ومتابعة كل ما يدور في هذا العالم الواسع وفي كافة المجالات ( السياسية والثقافية والاجتماعية والعلمية والرياضية والترفيهية .... ) .
ولكون هذه التجربة عربية ؛ فقد راهن البعض على فشل هذه التجربة القطرية في بداية الأمر ؛ فردد بعض المشككين ظنونهم وتخميناتهم : ( لا بد أن تنحرف هذه القناة عن نهجها الموضوعي والمستقل وستخضع عاجلا” أم آجلا” للضغوط القوية من هنا وهناك ! ) بينما قال آخرون : ( ستثبت الأيام للمواطن العربي بأن هذه القناة صدى” وتكرارا” إعلاميا” لمواقف الحكومة القطرية الممولة لهذه القناة ؛ لذا ستعزف الجماهير العربية عنها قريبا” ! ) ولكن الأحداث قد توالت على هذه الأمة العربية واكتشف المواطن عدم صحة هذه الظنون والتخمينات والتأويلات ، وبقيت هذه القناة عصية على كل الضغوط والصعوبات والتحديات ، ولم تخضع لأي من الإملاءآت والايماءآت القادمة من هنا وهناك ، وحملت الهم العربي بأمانة ومسئولية ونقلت الخبر العربي بصدق„ وحيادية„ ومهنية„ ، وكان لهذه النهج الصادق والمتميز ثمنه الذي دفعته قناة الجزيرة ومعها الحكومة القطرية في أكثر من مرة ، فتعكرت العلاقات القطرية مع بعض الدول والأنظمة المصادرة للحريات والحقوق في كثير من المرات على خلفية تقرير للجزيرة كشف زيفهم ، كما قصفت مكاتب الجزيرة الاخبارية في افغانستان وفي العراق واستشهد لها مراسلون واعتقل وسجن كثيرون ، ولا زالت طواقم الجزيرة عرضة للتهدبد والقتل والاعتقال من قبل الأنظمة المستبدة والمصادرة للحريات والحقوق .
لم تبتعد هذه القناة عن وجدان وهموم وآمال أمتنا العربية في يوم„ من الأيام ، ولم تنحرف عن نهجها الصادق وعن حياديتها المطلقة في نقل الخبر وتوصيف الحدث ، لذلك فقد حازت هذه القناة على ثقة الجماهير العربية واقتربت من وجدان وقلوب الشعوب العربية وعادت الأنظمة المستبدة وأعداء الحرية .
قال كثيرون بأن استقلالية هذا القناة ومهنيتها العالية هي سر نجاحها ، بينما قال آخرون بأن هذه القناة هي ظل اعلامي لسياسة الأنظمة الممولة والراعية لها ، وبأنها لا تختلف قيد أنملة عن بقية القنوات العربية وغير العربية والتي شوهت الحقائق وسوقت للسياسات المشبوهة القادمة من هنا وهناك ؛ ولكن المدقق الصادق والمتابع الجيد لنهج قناة الجزيرة الاخبارية سيجزم باستقلالتها الدائمة وبمهنيتها العالية ، وسيخلص بأن هذه القناة هي اليوم صرح إعلامي كبير ومفخرة حقيقية للاعلام العربي المستقل والهادف والصادق ، وبأنها اليوم الملاذ الآمن لكل الباحثين عن الحقيقة في وسط هذه الضوضاء الاعلامية .
وفي النهاية فاننا نقول : إذا كانت هذه القناة الناجحة قد حاكت الرؤى والسياسات القطرية فيما حققته ؛ فنعم تلك السياسات ونعم تلك الرؤى ! وإن كان لهذه القناة نهجها الاعلامي المستقل والحيادي ؛ فنعم الإعلام العربي الصادق والموصوعي والهادف !