10-03-2014 04:41 PM
بقلم : سامي شريم
يترافق ما يجري من أحداث تُدّمي القلوب و تُوجع الضمائر على الأرض العربية للأسف مع غياب عربي تام عن ساحة الفعل واتخاذ القرار، حيث أننا مستعدون لدفع الثمن فقط دون أن نشارك حتى في اتخاذ القرار أو تغيير الواقع اللئيم المفروض الذي زعزع كيان الشخصية العربية وزلزل أركانها ما أدى إلى غياب الإحساس بالمواطنة وفقدان القناعة بجدوى المُجتمعات المدنية وفشل القيادات والإدارات العامة العربية في تلبية حاجات الأفراد والجماعات ما أدى إلى بروز التطرف الديني بإدعاء القُدرة على ملئ الفراغ وما رافق ذلك من مؤامرة تستهدف الإبقاء على تَخُلف وجهل وتبعية الدول العربية لتتحول إلى مُطيه وأداة لتحقيق مخططات الغرب وإيديولوجياته في حماية اسرائيل وضمان دوام الاستيلاء والسيطرة على مقدرات الأمة ،وباتت الأمة تبحث عن تحالفات خارج إطارها الطبيعي ، فتارة تطلب الحماية الدولية وأخرى الإقليمية ، وننشد التحالف مع محاور إقليمية كإسرائيل وتركيا وإيران وننسى أننا كدول قُطرية ضعيفة تَدَّعي الحفاظ على مصالحنا الوطنية والخوف من طَمَعْ الأَشِقَاء وجَشَعُهم ونذهب بثرواتنا لنُلقيها صاغرين في أيدي من يضمرون لنا الشر ويعتبروننا عبيداً ويتركوننا كالأيتام على موائد اللئام .
وفي طريق البحث عن بدائل تَبْرُز الآن أصوات لحلف إيراني عراقي سوري لبناني وآخر مصري سعودي تركي يضم باقي دول الخليج وربما الأردن الذي يقف على صفيح ساخن ينتظر قراراً للحفاظ على هدوئه أو إشعاله!!!،إن مثل هذه المحاور لن تؤدي إلا إلى مزيد من الضياع والفرقة والإنقسام ، وكلنا يعلم حجم المعاناة التي عاشتها وتعيشها شعوب المنطقة الفقيرة منها والغنية التي تنتظر دورها ولن يطول الإنتظار ، أُكلتُ يوم أُكلَ الثور الأبيض !!!! وكلكم تعرفون من الثور الأبيض ومتى أُكلَ حيث بدأَ العد العكسي ليصل الدور للجميع !!!.
قد تجدون ما أقوله غريباً ، وأعلم تماماً أن القومية العربية قد أنهكت عُشاقها ولكن لا مصلحة للدول العربية إلا في عودتها إلى الحضن القومي الدافئ ، ولن تستطيع أي منها المحافظة على كيانها إلا في هذا الإطار، لقد بقيت الدول الوطنية القوية تبحث عن امتدادها القومي إلى أن حان الوقت لتكون دولة وطنية قومية ، وبغض النظر عن الزمن الذي لزم لتحقيق الحلم ولكنه تحقق فنرى أوروبا وقد طحنت حروبها 50 مليون قتيل واستغرقت سنين ولكنها عادت أوروبا الموحده وألمانيا مكثت 40 سنة منقسمة عادت وقد أخذت بأسباب القوة لتكون ألمانيا الموحده ، وكذا القومية التركية والقومية الإيرانية و الإنجليزية والروسية ، هذه دول عريقة عمرها مئات السنين ولكنها عادت لإمتدادها الطبيعي ، وأصبحت دول مُهابةُ الجانب بعد أن سحقتها الهزائم والإنقسامات.
إن حالة الغبن والتآمر والظلم والخيانة التي يمر بها المواطن السوري والعراقي والمصري والليبي من شقيقه العربي حالة متكررة في تاريخ الشعوب والأمم ، و بعيداً عن التسطيح والتشويه وسوء الإستخدام ، وأنا أحس تماماً بعمق المأساة والمعاناة ولكنني أحس بأن سكوتي شراكة في المؤامرة، وقناعاتي المتواضعة وإيماني المُطلق بأن القومية العربية حق لي ولكل عربي لا يمكن قبول التنازل عنه ، إن هذه الأمة بإمكاناتها لا زالت وستبقى قادرة على عمل شيء يُمَكِنُهُ وقف المأساة ومنع المعاناة وإعادة بناء كفيله برسم دور يتناسب وحجم الأمة وقوتها.
و من هنا أُطالب كل عاقل قادر على التوجه للأطراف الداعمه للنزاع في سوريا خصوصاً بعد الموقف الخليجي من قطر ، وبعد إحساس الخليج بأن ثمن المواصلة سيكون غالياً.
وقد تكون الفرصة مواتيه للأردن لِلَعبْ هذا الدور بعد أن رفض طلباً أمريكياً بالمشاركة في المؤامرة ، وأن التناقضات الدينية والقومية والمذهبية والقومية تم وأدّها والتغلب عليها في أوروبا ، فلماذا يعجز العرب وهم يتحدثون نفس اللغة و تربطهم وحدة الدم والتاريخ ويواجهون نفس المصير ؟؟!!!