15-03-2014 12:14 AM
سرايا - سرايا - في رحلة الغربة والضياع بمخيم الزعتري لا يملك الأطفال السوريون ترف التعرف على الأدب والفن والمسرح، لكن مجد وتيماء والكثير من أقرانهما في مخيم اللاجئين السوريين الأشهر أصبحوا يعرفون الكاتب الإنجليزي شكسبير، ويحفظون "الزعتري" نصوص مسرحياته، ويعتبرون الوقت الذي يقضونه في خيمته من أفضل أوقاتهم وأمتعها.
في خيمة تحمل اسم شكسبير وصورته، نصبت قبل خمسة أشهر، وبمبادرة من الممثل السوري نوار بلبل لتدريب مجموعة من الأطفال السوريين على التمثيل، يستعد 120 طفلا من أطفال المخيم لتأدية العرض الأخير من مسرحية "الملك لير" في 27 من الشهر الحالي، والذي يصادف اليوم العالمي للمسرح.
وفي حديثه، قال نوار بلبل "في البداية كانت الفكرة جنونية أن تنفذ عرضا مسرحيا في مخيم الزعتري وتدرب الأطفال هناك، فمن ناحية لم تتجاوب المنظمات في المخيم مع الفكرة، وانتاب الأطفال الملل من حضور الضيوف إلى المخيم والتقاط الصور معهم والانصراف وكأنهم مادة للفرجة، من ناحية أخرى".
وأضاف أنه مع الوقت بدأ الأطفال ينسجمون مع المسرحية ويدركون جمال التمثيل، لدرجة أن أعدادهم تزايدت بشكل كبير، وأصبح بعضهم يتجمعون خارج الخيمة ولا يمكنهم الدخول بسبب ضيق المكان، لكن المفاجأة كانت أن الأطفال الممثلين حفظوا النص بسرعة وكذلك الأطفال الذين كانوا يستمعون خارج الخيمة.
وقال بلبل إن "الأهالي أبدوا تفاعلا جميلا معنا وأصبحوا يتجمعون مساء عند "كرفاناتهم" ويطلبون من الأطفال تمثيل ما تعلموه ويبدون ملاحظاتهم حول كيفية أداء الشخصيات وحركاتها وكأنهم مخرجون، وهذا أمر يسعدني ويجعلني أعتقد بأن شكسبير أصبح يتجول فعلا في مخيم الزعتري".
وأكد بلبل أن هدفه من هذا المشروع هو لفت الأنظار إلى مخيم الزعتري، "فرغم كل ظروف العيش الصعبة فالناس فيه قادرون على الإبداع والتمسك بالحياة، وهم يحتاجون ملامسة إنسانيتهم وليس مجرد التصدق عليهم بخيم وأغطية وبعض الغذاء".
ولا يتعلق نص مسرحية الملك لير وهاملت لشكسبير بالثورة السورية بشكل مباشر، بحسب بلبل الذي أكد أن هناك من يتساءل أين هي الثورة في هذا العمل؟ لكنه يؤكد أنه "عندما يأتي الأطفال إلى الخيمة للتدرب "بشحاطات" بلاستيكية ويمثلون بهذا الشغف والبراعة فأعتقد أنهم يثورون على واقعهم، وأدهشني كيف انتشر بينهم الاقتباس من المسرحية "أكون أو لا أكون"، تلك هي الثورة".
ويشير الممثل السوري أن الأصدقاء الذين زاروا المخيم وحضروا التدريبات أبدوا تعاطفا وإعجابا كبيرين بالأطفال، والكثيرون منهم قدموا دعما للأطفال والمشروع، فخيمة التدريب تم شراؤها من التبرعات التي قدموها، وهناك من تبرع ببجامات وآخر بأحذية للأطفال، وحتى أبو فراس السائق الأردني الذي يقلنا يوميا إلى المخيم تبرع بوجبة غداء للأطفال أعدتها زوجته.
وأشار بلبل إلى أن "خيمة شكسبير" تبعد عن المسجد في الزعتري 17 مترا فقط، ويطلب الأطفال خلال التدريب الذهاب للصلاة، وعندما يخرج المصلون من الجامع أيضا يلقون التحية ويرددون عبارات تشجع الأطفال، وقال "أذكر هذا ردا على من يتهم المخيم أنه بيئة تولد الإرهابيين، إنه شعب مدني، وخيمتنا موجودة في منتصف المخيم دون أي سياج أو حماية".
وشارك في هذا المشروع الموسيقي عمر نويران الذي أسس لكورال من أطفال الزعتري، حيث يؤدون الموسيقى المرافقة للعرض المسرحي.
وتحدث نويران للجزيرة نت عن الطاقة الإبداعية التي يمتلكها الأطفال السوريون في المخيم، والحاجة لملء أوقات فراغهم الكبيرة، مؤكدا أن هناك أعدادا كبيرة جدا من الأطفال الذين يريدون أن يتعلموا الغناء في الكورال، لكن ليس هناك مكان يتسع لهم، وبقي لفترة طويلة يدربهم وجزء منهم خارج الخيمة.
وبين أن الأطفال يعانون نفسيا من ظروف الحرب واللجوء، والحياة في المخيم لا توفر لهم متنفسا لتفريغ طاقاتهم، مؤكدا أهمية هذا النوع من الأنشطة.