15-03-2014 10:15 AM
بقلم : الدكتور طارق أحمد عمرو
تتوفر الأمة الاسلامية بما فيها قلبها العروبي النابض ممثلا بالوطن العربي الكبير على عناصر متينة تسهم في اعادة انتاج وحدة اسلامية معاصرة تسهم في توحيد خطاب الأمة تجاه غيرها وتمثيل قضاياها المصيرية بشكل واضح بعيدا عن اشكاليات التفرقة والتجزئة القائمة على العرق والمذهب والاقليم.
الأمة الاسلامية تستأثر بموقع جغرافي فريد متصل نسبيا يشكل العنصر العربي فيه قلب هذا الموقع وهذه خصيصة توحيدية لا تتوفر لكثير من الدول العظمى الحالية أو للامبراطوريات السابقة.
كما يشترك أبناء الأمة في لغة واحدة هي اللغة العربية؛ فهي لغة رسمية للعرب كما انها لغة روحية حضارية للمكونات الأخرى كالأتراك والفرس والأكراد والأمازيغ والأفارقة والمالاويين.
ويشكل الدين الاسلامي العنصر الثالث للوحدة؛ فهو دين المسلم وحضارة وثقافة غير المسلم من أهل الكتاب وغيرهم من مواطني المجتمع الاسلامي.
هذه العناصر تتظافر لتشكيل حالة وحدوية بين المسلمين لعدم وجود ما ينافيها من عوامل تفرقة حقيقية بين أبناء الأمة، قال الله تعالى:"وأن هذه أمتكم أمة واحدة".
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد"، أي أنهم وحدة واحدة كما الجسد، وهذه يشير الى وحدة مادية حقيقية تستتبع وحدة شعورية بالألم والخلل في أي موضع من مواضع هذا الجسد.
نعم، وجدت عوامل لتفرقة الأمة ومعاول لهدم بنيانها، الا أنها كانت عموما: اما بسبب خارجي ممثلا بحروب من الأمم الأخرى أو كحملات الفرنجة أو الاستعمار الغربي الحديث، أو بسبب عوامل فتن داخلية من فرق تسعى لشق صف الأمة كالفرق الباطنية والخوارج والتي تسعى لتفتيت الهوية الحضارية للأمة من الداخل وتبث أفكارها المتحللة أو المتطرفة بين المواطنين.
وعلى ذلك فالأمة لم تصادف حالة انقلاب على نفسها أو على مكونات نسيجها العرقي (العرب والترك والكرد والفرس والأمازيغ والأفارقة والقوقاز) الا حينما نجح عدوها الخارجي من تثبيت أقدامه استعمارا في قلب الأمة؛ والا فالأمة في حالة تصالح مع ذاتها من حيث الأصل والوضع وهكذا يجب أن تبقى وتستمر.
وحدة الأمة العربية الاسلامية ليست أسطورة بل هي واقع دام مئات السنين ولم يهتز الا في عصور انحدار حضاري للأمة تعاون على اصطناعه عدو خارجي قوي و آخر داخلي خفي.
ولتستكمل الأمة بناء وحدتها يمكنها أن تستلهم أشكالا متعددة كالتكامل الاقتصادي، وتوحيد التشريعات (قانون موحد) وليكن في بعض التشريعات من حيث المبدأ
ان الامة العربية الاسلامية لا تعاني من اختلافات الدين واللغة التي تعاني منها الدول الأوروبية والتي أمكن لها النجاح في مشروع الوحدة رغم الحروب الطاحنة التي عصفت بشعوبها على أيدي دولها، ولذا فعوامل الوحدة لدى الأمة العربية الاسلامية تبقى هي الأقوى والأوفر حظا لاستكمال بناء مجتمع عربي اسلامي موحد.