15-03-2014 10:40 AM
بقلم : تمارا الدراوشه
عندما أقدم الجندي الإسرائيلي على قتل المواطن الأردني القاضي رائد زعيتر، والذي سقط شهيد ا على الأرض الفلسطينية المحتلة ، إثناء زيارة الشهيد إلى مسقط رأسه مدينة نابلس في الضفة الغربية ، وما أن انتشر خبر استشهاد القاضي زعيتر حتى عم الغضب وسط الشارع الأردني ، والشارع الفلسطيني ،وان كان غضب الشارع الأردني هو ما يعنيني هنا .
بعد انتشار الخبر وسط النخب النقابية والسياسية ، حتى بدأت فورة الدم لديهم وصبوا غضبهم على الحكومة ، وشمل هذا الغضب مجلس النواب الذي سارع معظم أعضاؤه إلى البحث عن أي وسيلة ، ليوصل شجبه واستنكاره لما حدث ، واجزم أن معظمهم بدأ يفكر بخطبة نارية يلقيها تحت قبة المجلس ، أو كلمات يقولها أمام أي وسيلة إعلام ، فقط ليحاول استرضاء الشارع الأردني الذي غضب أولا، وكان أصلا غير راضي عن أداء مجلس النواب ولازال ، رحم الله شهيد الأمة القاضي رائد زعيتر.
أقف هنا بعد حديث وزير الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة ، في إحدى البرامج على التلفزيون الأردني ، عندما تحدث معاليه عن مصلحة الأردن العليا ، وكيف أن مصلحة الوطن العليا ومكانتها الدولية ، كانت هي الغاية حتى لا تنجر الحكومة تحت مصطلح فورة الدم ، فترضي بعض النخب السياسية ، ولكنها قد تؤثر سلبا على مصلحة الأردن العليا .
أعتقد وغيري الكثيرين ، بأن ثورة الغضب لدى مجلس نوابنا لم ولن تتعدى الزوبعة في فنجان ، لأن تاريخنا معهم طويل ، كنت أتمنى أن يتم دعوة المجلس إلى عقد جلسة طارئة مباشرة فور استشهاد القاضي الأردني ، لا أن تعقد الجلسة في اليوم الثاني ، فالحدث أحق بأن تعقد له جلسة طارئة لبحث أولويات رد الفعل اتجاه ما حدث ، لا أن تصبح ردة فعل النواب مأخوذة من الشارع ، فأنا أدرك بأن الشارع الأردني لو كانت لديه الثقة المطلقة بمجلس نوابه ، لما غضب بهذا الشكل ، وترك نواب الأمة يتصرفون لأنهم الأولى بذلك .
إن الحكومة وبكل تصريحاتها التي تلت الحادث الأليم ، كانت رافضة وبشدة ، ومستنكرة لما حصل ، وقد عبرت عن غضبها واستنكارها بالطرق القانونية والدبلوماسية ، التي تفرضها الأعراف الدولية ، وقد حققت الهدف بذلك ، وهو إجبار إسرائيل على الاعتذار ، وهذا السلوك لم تعتاده إسرائيل فهي تقتل وتنتهك الأعراف ، ولكنها لا تعتذر .
وفوق اعتذارها انصاعت إسرائيل كذلك لطلب الحكومة بأن يتم تشكيل فريق تحقيق مشترك ، للوصول إلى حقيقة استشهاد القاضي الأردني زعيتر، وبعد ذلك تابعنا جلسة مجلس النواب ، وإجماع النواب على مطالب ثلاثة ، جاءت كما يلي :- طرد السفير الإسرائيلي ، وسحب السفير الأردني ،وإطلاق سراح الجندي احمد الدقامسه ،وإعادة النظر باتفاقية وادي عربة .
وقام المجلس بإعطاء الحكومة عطوة لمدة أسبوع للرد على مطالب مجلس النواب ، وكأن الحكومة هي صاحبة الدم المهدور عند مجلس النواب ، فاغلب النواب طرحوا شروطهم ومطالبهم أمام الشعب لاسترضائه ، لكنهم لم يضعوا مصلحة الأردن العليا أمامهم .
وهل تحقيق هذه المطالب يحتاج لمهلة أسبوع مثلا، يعطى كعطوة للحكومة ،وكأن الحكومة تمثل الطرف الأخر المطلوب بالدم ، أعتقد أن مصلحة الأردن العليا هي الأولى على كل القضايا ، صدقوني حتى لو كان الشهيد بيننا لوقف مع مصلحة الأردن العليا ، ولما دعا إلى وضع الأردن الممثل بحكومته في زاوية ضيقة أمام الشعب ، والكل يعرف الحقيقة وان كان يكره سماعها .
أخيرا أدعو الله أن يتقبل فقيد الوطن مع الشهداء وأن يسكنه فسيح جناته ، وأتمنى أن نفكر جليا بمصلحة الوطن العليا ، سواء كنا نوابا أو أعضاء في الحكومة ، أو من عامة الشعب ، وأن تكون لدينا الثقة المطلقة بحكومتنا وبقدرتها على التصرف مع هذه القضية بشكل يحفظ كرامة الأردنيين ويحافظ على مصلحة الأردن العليا ، دون أن نجعل من الحكومة خصم لنا وكأنها مسؤولة عن مقتل القاضي زعيتر، وبالتالي نفرض عليها شروط ونمنحها عطوة لمدة أسبوع لتنفيذها .
وفي النهاية أقول إن لم يكن عند النواب ثقة بقدرة الحكومة على معالجة هذه القضية ، فليتم طرح الثقة بها وبدون مزاودات ،وان كان المجلس يرى نفسه بأنه عاجز عن تحقيق طموح الشارع الذي أوصله إلى قبة المجلس ، فليستقيل هو أيضا ، فمصلحة الأردن العليا هي الأساس قبل كل شيء فلسنا بحاجة إلى إعطاء عطوة ومن ثم تتبعها صلحة ، وفي النهاية تنتهي القضية بدون تحقيق نتيجة وكأنها لم تتعدى ((زوبعة في فنجان )).