16-03-2014 08:35 PM
سرايا - سرايا - لم يتخيل الحاج سليمان الحمامدة من سكان قرية وادي النعم بالنقب المحتل أن أرضه التي يملكها منذ عشرات السنين، وقد غرسها بالقمح والشعير، دمرتها جرافات الاحتلال الإسرائيلي أمام عينيه، وحولتها إلى جرداء قاحلة بعدما كانت خضراء.
وذاق الحاج الحمامدة (74عامًا) مرارة إبادة وتجريف المحاصيل الزراعية في أرضه على مدار ثلاث سنوات، بحجة أنها ليست ملكًا لأصحابها، وأنها تابعة "لدولة إسرائيل".
يقول إن جرافات الاحتلال وما تسمى "بدائرة أراضي إسرائيل" قامت على مدار الثلاث سنوات الماضية بتجريف وحراثة أرضه التي تبلغ مساحتها نحو 200 دونم، ثلاث مرات، وفي كل مرة كان يعاود زراعتها من جديد، مما كلفه خسائر باهظة.
ويضيف أن المواطن يواجه أوضاعًا اقتصادية صعبة بالنقب، فهو لا يستطيع شراء طن الشعير الواحد، كونه يكلف نحو 2000 شيكل، وأحيانًا لا نستطيع الحصول عليه لعدم توفره في القرية، مما يفاقم من معاناتنا.
ويشير إلى أن التضييق الإسرائيلي على أهالي النقب يزداد يومًا بعد يوم، بحجة دفعهم للرحيل، لافتًا إلى أنهم بالمقابل لا يتلقون أي دعم أو تعويض مادي عن خسائرهم.
ورغم الهجمة الإسرائيلية المتواصلة، وقساوة العيش، إلا أن الحمامدة يتسلح بالصمود والبقاء على أرضه، ويصر على زراعتها من جديد وغرسها بالقمح والشعير، في تحد واضح لسياسات الاحتلال.
وتمارس "إسرائيل" هذه السياسة في محاولة للتضييق على سكان النقب، وحصارهم في مصادر رزقهم الرئيسة، وبالتالي دفعهم للقبول بمخططات الترحيل والتهجير، لصالح إقامة المستوطنات والمشاريع التهويدية.
سياسة ظالمة
ويقول رئيس المجلس الإقليمي للقرى غير المعترف بها بالنقب عطية الأعثم لوكالة "صفا" إن سلطات الاحتلال تتبع سياسة ظالمة حيال عرب النقب، وتتعامل معهم بعنصرية بهدف الوصول بالمواطنين إلى نقطة اليأس، والقبول بشروط تفرضها عليهم، من أجل تهجيرهم ومصادرة أراضيهم.
ويوضح أن "إسرائيل" تقوم بملاحقة المواطنين العرب، بحجة أن تلك الأراضي تابعة "للدولة"، وأنهم استولوا عليها، رغم أنها أرضنا ونحن من طردنا منها، وتمت ملاحقتنا ومصادرة أراضينا، فهذه الأرض لنا وسنبقى ندافع عنها.
وبدأت سياسة الاحتلال في تجريف المزروعات والمحاصيل الزراعية بالنقب بعد عام 2000، وأخذت هذه السياسة تتسع رقعتها، حتى تم حرث وتجريف نحو 15 ألف دونم، بادعاء أن "العرب تعدوا عليها".
ويبين الأعثم أن تلك الأراضي مزروعة بالقمح والشعير، والعديد من المحاصيل الزراعية ما قبل قيام "دولة إسرائيل"، لافتًا إلى أن سياسة الاحتلال لم تتوقف عند ذلك، بل قامت في الآونة الأخيرة باقتلاع الأشجار، وهدم منازل المواطنين وتركهم بدون مأوى.
ويصف الوضع الاقتصادي بالنقب بأنه "متردي وسيء"، بسبب السياسة التي تنتهجها سلطات الاحتلال بحق العرب، ناهيك عن ملاحقتهم باستمرار، الأمر الذي أدى لانتشار الفقر وارتفاع نسبة البطالة.
ويؤكد أنه ليس أمام المواطنين أي خيار سوى النضال والصمود، والدفاع عن أرضهم والحفاظ على تراثهم وتاريخهم، نظرًا لأن "إسرائيل" تحاربهم وتعمق مشاكلهم الاقتصادية والاجتماعية من أجل إيصالهم إلى الفقر المدقع والبطالة أو تحويلهم لمجرمين وعملاء، وبالتالي تهجيرهم وإقامة المستوطنات.
محاربة رزقهم
ويعتبر مدير مؤسسة النقب للأرض والإنسان أحمد السيد اهلاك المزروعات وتجريف آلاف الدونمات بأنها وسيلة من وسائل التضييق الاقتصادي والحصار على السكان بهدف مصادرة رزقهم، واقتلاعهم من أراضيهم.
واستخدمت المؤسسة الإسرائيلية هذه السياسة –وفق السيد- بعد هدم عدد كبير من منازل المواطنين، وما تزال قائمة، فمع موسم الزراعة والشتاء تقوم آليات الاحتلال بحراثة المزروعات، بحجة أنها "أراض تابعة للدولة"، رغم أنها أراضي عربية فلسطينية.
وكانت سلطات الاحتلال تستهدف الأراضي الزراعية بالنقب من خلال رشها بالمواد الكيماوية والسامة، مما أدى لإهلاك المزروعات، وأثر على حياة السكان.
ويلفت إلى أن سكان النقب يعتاشون على رعي المواشي والإبل، وأن حراثة محاصيلهم الزراعية تضر بهم، وتعرض حياتهم للخطر، مشيرًا إلى أن هناك آلاف العائلات يعيشون تحت خط الفقر.
وحول دور المؤسسة في دعم السكان، يؤكد السيد أن مؤسسته تدعم قضية العرب وتقف إلى جانبهم، من خلال زراعة أشتال الزيتون، وإعادة المزروعات التي تم حرثها، ودعم أصحاب المواشي أيضًا، ناهيك عن تقديم المساعدات الغذائية والعينية لكافة المتضررين.
من جانبه، ينوه رئيس اللجنة المحلية في قرية وادي النعم لباد أبو عفاش إلى أن آليات الاحتلال جرفت قبل أسبوعين نحو 3 آلاف دونم في القرية مزروعة بالقمح والشعير، تكبد أصحابها خسائر فادحة، خاصة في ظل شح الأمطار خلال هذا الموسم.
ويضيف أن سلطات الاحتلال تستهدف سكان النقب باستمرار للتضييق عليهم وترحيلهم، فهي لا تقدم لهم أي خدمات ولا تعويضات عن خسائرهم الزراعية، مطالبًا الجميع بالوقوف أمام هذه الهجمة، ودعم صمودهم، وبقائهم على أرضهم.