26-03-2014 09:53 AM
بقلم : سعد فهد العشوش
الاغوار الجنوبية تعد واحدة من أكثر مناطق الأردن فقرا على الرغم من أنها تحوي في جنباتها خيرات الأردن الطبيعية والسياحية والمائية بالإضافة الى موقعها الاستراتيجي ..فهي سلة غذاء الأردنيين ومشتاهم الذي لا غنى عنه.
الأغوار الجنوبية واحدة من محطات الذاكرة الوطنية نشم من خلالها رائحة الوطن العطرة ودماء الشهداء الزكية ..يعاني أهلها من الفقر والحرمان وتحت أقدامهم كنوز الأرض ومعادنها ..كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ والماء على ظهورها محمول.
تقرأ في وجوه شيوخها ألم الجرح وتجاعيد الزمان ووجع السنين، وفي عيون أطفالها أحلام بريئة تحاكي مرارة الفقر والعوز والتهميش وفي صدور شبابها قد استوطن القهر وخيم فوقها بؤس الحياة...شركات كبرى قائمة على أرضها تلوث هوائها النقي وتنفث سموم دخانها في أفئدة أبنائها بلا رأفة ولا رحمة .
ذباب ينافس أهلها حتى على وجبة طعامهم، وذئاب تقيض مضاجعهم وتلتهم فلذات اكبادهم ولا يملكون إلا أن يحمدوا الله ويسترجعون وأن يجرهم في مصيبتهم خيرا منها ..مياه ملوثة ترتفع بها نسب الكبريت والملوحة مما يجعلها غير مستساغة لا للشرب ولا لطهي الطعام.
غياب للمشاريع التنموية، ومستوى معيشي متدني ونسبة بطالة مرتفعة في صفوف شبابها وشعور بالضنك وغياب لعدالة توزيع مكتسبات التنمية والمشاريع الانتاجية ، وتحييد وابعاد واقصاء لأبناء اللواء عن لعب أي دور على الساحة السياسية , ومعاناة دائمة في ظل أوضاع تتداخل فيها قساوة الطبيعة وإهمال بعض المسؤولين.
شركات ومصانع ومشاريع تتوسع على اراضيها ويزداد انتاجها ورأس مالها من جيوب فقر أهلها الذين لا يجنون منها إلا الفتات لا بل ويحرمون حتى من الوقوف على بواباتها للبحث عن فرصة عمل تحقق لهم دخلاً معقولاً وحياة كريمة .
أبناء الأغوار الجنوبية رغم الظلام الدامس الذي يلتحفون به، إلا أنهم يضيئون ليلهم بايمانهم وقناعاتهم ورضاهم لحالهم وحبهم لوطنهم ..فهم خير من إنتمى لهذا الوطن ..بسطاء في حياتهم ولكنهم كبار حتى في فقرهم وعوزهم, يمتلكون قلوبا بيضاء نقية ..يكرمون الضيف وعابر السبيل, يحدوهم في ذلك نقاء سريرتهم وطبعهم النبيل .
أبناء الأغوار الجنوبية...أصبح من الضروري أن تلتفت اليهم الدولة الأردنية ، فهم أبناء الوجع الذين ولدوا من رحم المعاناة، وعلى جباهم السمراء تتلألأ قطرات العرق لتختلط بتراب الأرض على أمل أن ينبت الزرع ويزيد الإنتاج ..فقد نبت الزرع وزاد الإنتاج بالفعل ولكنه للأسف انتاج بلا تسويق ليثقل كاهلهم ويزيد من وجع السنين التي أرهقتهم .
أبناء الأغوار الجنوبية رغم قلة الحيلة, وشح ذات اليد وتهميش المسؤولين, ورغم كبواتهم وعثراتهم وقساوة الطبيعة عليهم، فانك لا ترى فيهم إلا حب الوطن والقيادة وتمسكهم بثوابتهم الوطنية .
أياديهم خشنة الملمس، لا تعرف إلا موسم البذر والزرع وقطف الثمار, فهم المغلفون بطبقات من الفقر والحرمان والقهر والحزن على شغف الحياة، هؤلاء هم أبناء الأغوار الجنوبية ابتلعوا أوجاعهم لأجل الوطن رغم ثقل حجم
المعاناة ولسان حالهم يردد قول الشاعر :
الغور أمي وبنت الجار ترضعها
الغور أرضي لغيري بت أزرعها
وهل مسقط الرأس للإنسان غلطة بات طول العمر يدفعها ؟.
والله من وراء القصد .