29-03-2014 11:16 AM
سرايا - سرايا- يرتكن ابو مهند الى جذع شجرة صغيرة، ينظر الى الاوز والحمام البري وهو يجالس نجله مهند يشاطره ابتسامة، فيها شيء من السعادة، ينثر لهم بعض الخبز والقمح، هذا المشهد ليس في محمية طبيعية، او في ساحة برية او غابة تدلف بالأشجار والمساحات الخضراء، بل هذا التوصيف في حي الجرن بمخيم جباليا للاجئين الفلسطينيين الذي يعج بمئات الالاف من السكان في اصغر مساحة جغرافية يوجد بها اكبر تعدادا للبشر على وجه البسيطة.
ابو مهند الذي اكتفى ان يعرف نفسه بهذه الكنية، يجمع عدد من الدواجن مثل البط والاوز والدجاج والحمام، باسمائها الكثيرة والمختلفة ومنها النادرة.ويقول ابو مهند الذي يعاني اصابة في قدمه طالته في احدى العمليات العسكرية الإسرائيلية على شمال قطاع غزة في عام 2003 "هذه الدواجن للتربية والاكل والرزقة وايضا للتسلية، نقوم بتربيتها،
لنقص العمل وشحه، والاستفادة منها في الطعام، والبيع والتجارة، انا اقوم بهذا العمل بالمشاركة مع بعض الاصدقاء والاقارب، نجد بعض السعادة في هذا العمل المسلي والجميل والذي يعرفك بالطيور والدواجن بأشكالها واسمائها المختلفة".ويضيف ابو مهند في العقد الثالث من العمر، متحدثا اثناء زيارة خاطفة لمكان تربية بعض الدواجن، والذي يقع وسط حي سكني تلفه المنازل من كل جانب "انظر المكان غير نظيف كثيرا، ولكن اقوم بتربية جيدة لهذه الدواجن والطيور، انها عمل جيد وان كان لا يدر مال جيدا".ويكمل حديثه وهو متكأ على عصا قديمة "بعض الاقارب والاصدقاء يعملون على هذه المهنة لأنه لا يوجد عمل ولا شيء لهم فيحاولون ان يصنعوا عملا من لا شيء
"، ويضيف "ناهيك عن انها مهنة وعمل يحبها بعض الناس حيث تربى عليها الاجداد والاباء الذين اعتمدوا عليها كثيرا".المواطن ايوب الذي يقطن بلدة جباليا واشترك مع ابو مهند في نفس المهنة غير المدرجة على قائمة المهن لدى وزارة العمل في غزة، يقول "الحياة مع الحمام افضل وجميلة، تفضل لو تبقى معهم على طول".ويتحدث ايوب (45 عاما) وهو سعيد ان احدى وسائل الاعلام زارت "خشيته" مكان لتربية الدواجن، "لا أحد يأتي هنا كثير غير اولادي وبعض الجيران حتى ينظروا الى الحمام غريب المظهر".
"المساحة ضيقة لا يوجد مكان للسكن فما بالك كيف نحاول ان نصنع اكواخ للطيور والدواجن، هناك مساحة صغيرة نحاول ان نجعلها مناسبة لهم مع اقل الامكانيات المتوفرة".وعن سبب التربية يقول ايوب الذي يكنى ابو المجد "انا لا اعمل منذ 10 اعوام انها فترة طويلة، ولكنها قصيرة بالنسبة لغيري، لا يوجد شيء استطيع ان اعمل به في غزة، لقد تعبت كثيرا وانا ابحث، فنصحني احد الاصدقاء بتربية الطيور والدواجن، المهنة متعبة ولكنها تعطيني في الشهر 120 دولار ما يعادل 450 شيقل بالعملة المحلية(الاسرائيلية)، انه مبلغ متواضع ولكنه يكفيني انا واسرتي المكونة من 7 افراد".
قطاع غزة الذي يعيش اسوء اوقاته حيث يضرب عليه من قبل اسرائيل حصارا مشددا دخل عامه الـ8 مخلفا ارقام مخيفة من الاضرار الاقتصادية، حيث يعتمد اغلب سكانه على المعونات الدولية، والتي طالتها الازمة من خلال تقنينها من قبل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الاونروا) لما قالت انها اعادة تقيم للحالات، وهو ما ادى الى اشتداد وطأة العصف المعيشي في هذا القطاع الذي لا يزيد طوله عن 45 كم ويسكنه قرابة الـمليون و800 الف نسمة في اخر احصائية وردت في عام 2013.
ابو المجد وهو احد العاملين سابقا داخل الخط الاخضر في البناء، يقول "يجب ان يتحلى مربى الطيار بالحنكة والصبر لانها تحمل من التعب ما يجعلك تفكر كثيرا في مواصلة العمل".
ويختم ابو المجد حديثه بالقول للآسف "العوزة" أي الحاجة، صعبة ويجب ان اعمل على اطعام اسرتي وليس الاشتكاء لاحد"لان ساعدي ما زال قويا، ويجب ان اكون عامل بجد حتى بعلم ابنائي انو مواصلة الحياة تحتاج الى العزيمة لا الى الخمول".