02-04-2014 03:35 PM
بقلم : سامي شريم
عجيب ما حَدَثَ في مجلس النواب الأردني في الأسبوعين الماضيين وكأنّ النواب يتعمدون النيل من هيبة مجلسهم ومكانته التشريعية بل السياسية والإجتماعية أيضاً فالأصل أن المجلس يُمَثل إردة الأمة !!!! وعندما تتجه إرادة الأمة بناءً على استطلاعات متتالية نحو التخلص من الحكومة ، فعلى المجلس أن يُبادر إلى تنفيذ هذه الرغبة دون إبطاء وأن لا يتجاهلها وهو مُلزم بالعمل بموجبها ، وقد جاء تفويضه إبتداءً للعمل على انجاز هذه الإرادة واحترامها لكي يبقى مُتمَتعاً بالشرعية التي تُؤهل النائب والمجلس بالنتيجة للاستمرار بإكمال سنواته الأربع ما يُعرف بمدته الدستورية، ومع ذلك تأتي الحكومة لتنتزع الثقة لنفسها وتنتزعها من المجلس وتنتزع هيبته التي ما فتئت تتآكل مع كل قرار وموقف مُخَيْب للآمال يتخذه المجلس .
كنت أتمنى على المجلس الكريم وأنا احترم الكثيرين من أعضاءه وأكنُ لهم محبةً وتقديراً كبيرين وهم أهِلٌ لذلك أن يتمكنوا من قيادة المجلس إلى بَرْ الأمان وأن يَبِروا الأمة تلك التي منحتهم الثقة وكَرَمتهم بتمثيلها وحَمَّلَتهُم أمانة المسؤولية وشرف الخدمة على أن يضعوا على رأس أولوياتهم أن الإعتداء على كرامة المواطن ولقمة عيشه خط شديد الإحمرار!!!!.
لقد رافق وصول بعض الشخصيات المُحترمة والمؤهلة إلى مجلس النواب مواقف كريمة إبتدأَ بها المجلس السابع عشر والذي ورثَ إرثاً لا يُحسد عليه من ضياع للهيبة وتآكل للمصداقية وتقزيم للشخصية السياسية مهما بلغ موقعها ، حيث باتت علاقة الشك والترقب والحذر هي التي توصف العلاقة بين السياسي ورجل الشارع حيث تَواصلَ التراجع على كافة الأصعِدة وفي كافة المجالات ولكافة الأنشطة التي تُمارسها الدولة حيث تَمَثلتْ الانجازات إن وجدت وتمحورت حول مصالح اصحاب القرار ومن يدور في فلكهم حيث كانت ولا زالت المكافأت والتعينات والرواتب الفلكية وجاء هؤلاء الأفاضل وهم يحملون الآمال والأحلام بإعادة لَملَمة ما بعثرهُ التاريخ السياسي الحديث من فسيفساء الشخصية السياسية وَلَيتهم يستطيعون !!!! فقد وجدوا أمامهم من الفريق العابر للمجالس والمُصر على انتهاج نفس السياسات التي أودتْ بالحياة البرلمانية الأردنية وسَحقْتها وما بدّلوا تبديلاً إلا من رَحِمَ ربي ولغرض في نفس يعقوب ولا علاقة للوطن والمواطن بهذا الغرض واستطاع هذا الفريق أن يَكبحْ جماح هذه الإنطلاقة الوطنية ويمتص اندافعها ويُحولُها رويداً رويداً على طريقة ترويض الخيول إلى خيبات وانتكاسات جديدة تتسق وتتناغم مع الأداء الحكومي وبدأت الأبواق الإعلامية تُبرر النكوص والتراجع وتُقدمه على أنه انجاز عز نظيره .
وللعلم فإن جرائم الفساد لا تتقادم إلا في الأردن !!! ولا يُبَرأ الفاسد الذي يُعرف فساده القاصي والداني إلا في الأردن !!!! ولا يُصبح الفاسد مُشرعاً ووزيراً ومُحصناً إلا في الأردن ؟؟!!!! ولا يُكرم الفاسد ويكون سبباً في تراجع الثروة الحيوانية إلا في الأردن!!! فبماذا يُبرر النائب الذي دافع وصَوتْ على قرار المجلس بعدم تشكيل لجنة للتحقيق في قضية فساد وتزوير الإنتخابات لمن وكيف سيُبرر قراره ؟؟؟!!!..
كيف تمنح الحكومة الثقة بهذه الأغلبية واستطلاعات الرأي وما يلمسهُ المواطن والتقارير العالمية تؤكد تراجع الأداء الحكومي ونكوصه ، رغم ما تتغنى به الحكومة من انجازات واستعراض الرئيس وما رافقه من فهلوة وتذاكي ، وكذا قوة الأبواق المُطبلة والأيادي المصفقة التي ربما تعلم أو تنساق جهلاً بلا علم وراء تزييف الحقائق وتقديم الفشل على أنه قمة الإنجاز، وقد أوضحتُ في المقال السابق كيف تراجعت الحكومة في موازين التقييم الدولية بشكل دراماتيكي لا يدع مجالاً للشك أو التخمين .
كل ذلك وتحصل الحكومة على ثقة النواب على حساب رصيدهم في الشارع الأردني تفوز الحكومة ويخسر المجلس هيبته ومصداقيته بسيره وراء حكومة لا يمكن أن يقتنع بها رجل الشارع وهو يرى سياطُها تَلهبْ ظهرهُ ساعة بعد ساعة ، وكل هذا كوم والتصويت على عدم السماح بتشكيل لجنة للتحقيق في تزوير الإنتخابات عامي 2007 , 2010 ، إن جريمة تزوير الإنتخابات لعامي 2007 و2010 من أهم وأخطر قضايا الفساد في التاريخ السياسي الأردني والتي أَثّرَت سلباً على مسيرة الأردن السياسية والإقتصادية وما أدت بالنتيجة إلى تبرئة الفاسدين بالجملة والمفرق ، وحل لجان التحقيق في قضايا الفساد بهدف حق أُريد به باطل ورفع شعار تفرغ النائب والحكومة للتشريع حيث كانت الإفرازات لأسوء قوانيين في التاريخ الأردني قانون الإنتخاب وقانون المالكين والمستأجرين وقانون تقاعد النواب ومنحهم جوازات سفر دبلوماسية والذي باشر الأردنيون المُطالبة بتعديلها وإلغاءها قبل اكتمال مراحل اعتمادها دستورياً وكذا رؤية الحكومة الثاقبة التي قدمتها في مشروع الهيكلة الذي كان أقرب الى الهركلة منه إلى الهيكلة !!!!...