03-04-2014 12:12 PM
سرايا - سرايا - تعددت المعاناة بحجمها وشكلها ووقتها ، فما خلفته آلة الحرب الإسرائيلية لازالت شاهدة علي جرائمه التي لا تفرق بين مدنين وعزل وشيوخ ونساء فالجميع في دائرة الاستهداف وعلي الجميع تحمل المسؤولية، أيام مضت أشبه بشبح موت يلاحق عائلة غزية ترتقب سقوط الموت المحمل مع أكوام الحجارة والكرميد الذي يستر منزلهم من ويلات الزمان .
جدران منزل تركت عليه براويز بداخلها آيات قرأنية وأحاديث شريفة بالإضافة لصورٍ من الطبيعة لعلها تجمل وتستر ما حل بمنزلهم الشبه مدمر، وفراش قديم تبدو كأنه عاصر القرون الثلاثة الاخيرة وشبانً في عمر الورود بدءت حياتهم تنطفئ شيئاً فشيئاً ، وفتيات في ربيع عمرهم يحلمن بأن يكونو جزء مُنتج ليس مستهلك في مجتمع فلسطيني أرهقه الإحتلال والحصار فضلاً علي رغبتهن بأن يعيشوا حياة كريمة كباقي الفتيات .
المواطن جبر القرناوي ( 60 عام ) هو رب أسرة لعائلة مكونة من ثمانية أفراد والذي يسكن في مخيم البريج وسط قطاع غزة، تستمر معاناة هذا الرجل هو وعائلته منذ حرب عام 2008/2009 حين إستهدفت الأرضي الزراعية في المنطقة التي يسكن بها والتي أدت الى تصدع وتدمير لجدران المنزل الصغير الذي يسكن بداخله هو وعائلته التي تنتظر إنهيار المنزل فوق رؤوسهم لاسيما بعد أن أبلغهم أحد المهندسين المعمارين بإحتمالية سقوط المنزل في حال لم يتم هدمه وبناءه من جديد .
دخلت منزل "القرناوي" في وسط قطاع غزة وتعرفت علي تفاصيل الخطر الذي يلحق بهم داخل المنزل وعلي وضعهم المعيشي السيء في ظل غياب المؤسسات .
الحشرات والعقارب والانهيار خطر وكوابيس لازالت تلاحق أيامي ... ومطلبي حياة كريمة لعائلتي .
( أنا نفسي أعيش ولادي حياة كريمة، وألاقي غرفة زي الناس يناموا بناتي ومرتي فيها وانا وولادي بدنا ننام بالشارع ) بهذه الكلمات إنطلق المواطن " القرناوي " حيث واصل حديثه وهو يجلس بجوار عائلته التي تحاول أن تحمي نفسها من خطر محاط بهم من الحشرات والعقارب بالإضافة لخطر إنهيار المنزل الذي يصعب النوم به براحة لاسيما بعد أن تعرض المنزل للعديد من التصدعات والتهشم في زوايا غرفه الثلاثة الضيقة التي لا تتجاوز المترين ونصف فقط وقال " انا نفسي أعيش انا وولادي وبناتي في حياة كريمة ،زوجتي وبناتي أصبح لديهم شك بأن الحياة سوف تتوقف في أي لحظة فمازالت المعاناة قائمة ومستمر في الصيف تلاحقنا العقارب والحشرات السامة، وفي الشتاء لانجد ما نستر به أنفسنا سوى قطع النايلون والبلاستيك نحاول من خلالها ترميم سقف المنزل الذي يتطاير شيئاً فشيئاً " .
ويتابع " جبر " قوله : منذ الحرب الأولي علي غزة حتي هذه اللحظة وانا أتمني أن أرمم المنزل وأعيد ترتيبه من جديد ولكن ضيق الحال والوضع الإقتصادي والمادي السيء الذي أمر به منذ زمن بسبب عدم توفر فرص عملي لي ولأبنائي الذين يحاولن البحث عن عملٍ يجلب لهم قوت يومهم ولكن دون جدوى .
مأكل ومشرب ومنزل وملابس وحياة كريمة وزفاف أبنائي ، جميعهم حلم أتمني تحقيقه .
"أم فادي" هي ربة هذا المنزل الذي دخلنا بداخله، تحاول لملة مأساتها حتي لايلاحظ أحد عليها ولكن دموع عينيها تفضح سرها، لحظات وكأنها تبدأ بسرد أحلام طفل صغير يحلم بأن يكبر ليبدأ بإنشاء أسرة ويعيش حياة كريمة ، تسرد حكاياتها المليئة بالحزن والمأسي نتيجة ما حل بهم من دمار وخطر مستمر ومتزايد يوماً بعد يوم حيث تقول " انا لم أذكر أنني دخلت السوق لكي أتسوق لمنزلي، ولم أذكر أنني قد قمت بتجديد أثاث المنزل الذي أصلا عفا عليه الزمن وتعفن، فالحياة صعبة والوضع الذي نعيش به يزداد سوءً، خاصة وأن لدي شباب وفتيات أكبر الشباب فادي وعمر 35 عام ولم يتزوج حتي الأن بسبب حالتنا المادية والإقتصادية .
تواصل أم فادي عن ما تتمني تحقيقه في حياتها الذي جاء ردها مفاجئ وبحسرة وحزن وقالت " كل ما احلم به أن أعيش في منزل لائق للحياة الأدمية، وأن أزوج أبنائي جميعهم لآن ما اشعر به عندما اشاهد زفاف شاب شعور لايمكن أن يتخيله بشر خاصة وان أولادي كبروا ولم يتزوجوا كباقي الشباب ،بالإضافة الي بناتي الإثنتين حيث درست إحدى بناتي الإدارة وحصلت علي معدل عالي جداً أهلها بأن تكون الدراسة ( منحة مجانية ) نظراً لإرتفاع محصلها الدراسي إلا أنها لاتعمل وأن قضى علي تخرجها أكثر من سبعة أعوام وأملي أن تعمل هي وأشقائها بحيث يتحسن وضعنا الإقتصادي وان نعيش حياة كريمة بعيدة عن الفقر المدقع الذي أحل بنا منذ سنوات كثيرة .
وتضيف أم فادي بأن أحد رجال الخير شاهد الوضع المأساوي الذي يعيشو به فتبرع لهم بثلاجة وغسالة وبعدة فترة من الزمن تعطلت الثلاجة ول يكن بوسعنا إصلاحها نظراً لقصر الحال ولكن ننتظر فرج الله الذي لاينسى عباده في الأرض .
خمسة شبان لايجدون عمل سوى بشواكل قليلة لاتكفى لشراء قليل من الخضروات
لم يخطر ببالي أن الشبان الخمسة الذين يجلسون بجواري أنهم أشقاء ويعملون سوياً في السوق في نقل البضائع والخضروات بمقابل مادي بسيطة جداً ورمزي، الي أن وصل الأمر بأن أصبح أجرهم مقابل كيلو البندورة، يعودون بما رزقوا في عملهم للمنزل محاولين البحث عن عمل في شتى المجالات ولكن دون جدوى نظراً لعدم توفر فرص عمل من خلالها يوفرون لعائلتهم حياة كريمة.
فادي (35 عام ) يحلم بأن يكون لهم منزل كبير وصالح للحياة والعيش وأن يكون لديه أسرة وأن يتزوج لاسيما وانه مضى علي عمره وقت كان من المفترض بأن يكون لديه عائلة حيث يذرف فادي قوله " لم يهمني الزواج كثيراً بقدر ما يهمني وضع وحال عائلتي فلا يوجد شيء افعله لأجلهم ، فلم أترك مكان إلا وبحثت فيه عن عمل ولكن الجميع يقول لا يوجد عمل علي الرغم من أنني أحب العمل ومجتهد ولكن النصيب لم يحالفني بأن أكون عاملاً منتجاً لأساعد عائلتي في العبء الذي يعانون منه في المنزل .
مناشدة : تناشدة عائلة المواطن جبر القيرناوي وزارة الشؤون الإجتماعية للوقوف عند مسؤولياتها تجاه العائلات الفقيرة بغزة لاسيما وضعه في المنزل، بالإضافة الي وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين من اجل العمل علي ترميم منزله الذي يشكل خطر كبير عليه وعلي حياة 10 لاجئين كل ذنبهم أنهم يريدون البقاء لا الموت .