05-04-2014 09:43 AM
بقلم : د. زيد سعد ابو جسار
الرسول صلى الله عليه وسلم اعطي جوامع الكلم ، الذي يعني الكلام المختصر القليل لكنه يشتمل على الكثير من المعاني التي تغني الانسان بالمعلومة الصحيحة ليتوصل الانسان للفوائد العظيمة التي يحتاجها في جميع مجالات الحياة , وهذا ما تعنيه الحكمة ( ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم ).....
عندما نقرا قول الرسول صلى الله عليه وسلم علموهم على سبع وضربوهم على عشر, وذلك على مبدأ جوامع الكلم ,فأننا نتوصل للمعاني العديدة والفوائد العظيمة التي تضمنها هذا الحديث الشريف , الذي يزود الانسان في معرفة تركيبته , وهي العقل والنفس والجسد , وقيمة الوقت في مراحل تطور هذه التراكيب وتفاوت الاوقات بينها ,التي يعتمد نجاح كل منها على بعضها البعض ,في تكوين شخصية الانسان السوي ,المنضبط ,السليم ....
هذا يضع الاهل والمجتمع في دائرة المسؤولية والمسائلة عن دورهم في الرعاية والتعليم والتربية والعناية بها كون تطور هذه المراحل يكون في السن المبكر عند الاطفال مما يجعلهم بحاجة ماسة للمساعدة , ولا يقتصر الواجب كما هو متعارف عليه في رعاية تنمية الجسد وحجمه , وإهمال تعليم العقل وتربية النفس اذ إن العقل السليم له الدورالاساسي في تنظيم وضبط السلوك النفسي(التربية) في التعامل مع الغرائز والتوصل الى عقلانية الغرائز والحكمة منها ,لهذا فقد امتدت فترة الطفولة ورعايتهاعند الانسان كون الانسان مكلف بغيرما كلف به الحيوان الذي وهب عقلانية الغرائز المحدودة التي تحافظ على حياته واستمرار نسله ......
من المعلوم ان العلم هو زاد للعقل يكتسب بدايتا من فطرة حب المعرفة وهذا يمكن ملاحظته عند الاطفال عندما يبلغون سن السابعة ,ففي هذا العمر نجد الاطفال كثيرين الاستفسار والسؤال عن كل شي,لهذا فقد حث الحديث على التعليم , من خلال الاجابة على الاستفسارات , من خلال السلوك السليم امامهم ,من خلال التعليم المباشر,فالعلم موطنه العقل وهو الاساس الاول في حياة الانسان ونجاحه.....
لهذا يسبق بلوغ العقل بلوغ الغرائز وتطورها, وذلك ليتزود بالعلم والمعرفة , ويجعل منها غرائزعقلانية من خلال ضبط وتحديد حب شهوات النفس (محفزات الحياة) وتسخيرها للفائدة والحكمة من وجود الغرائز ,فالعقل هو المسئول الاول عن تربية وتهذيب وقيادة النفس,لهذا فقد رفع القلم والقصاص عن الصبي وعن المجنون .....
إن الحديث الشريف يحتوي بين طياته على العديد من الاجوبة على واقع الحال الذي يعيشه الكثير الكثير من الابناء من جهل وما ينتج عنه من مشاكل نغسية ونعكاسها على الناحية الصحية وسلامة الجسد, وذلك نتيجة بعد الانسان عن الفهم الصحيح لتركيبة الانسان واهمال العنصر الاساسي وهو تنمية العقل وتزويده بالعلم والمعرفة التي يتشربها الطفل كما تتشرب الاسفنجة الماء ,وصب كامل الاهتمام على نمو الجسد والاهتمام بالتغذية ,وحتى عندما ياخذ بالاعتبار الجوانب التعليمية والجوانب النفسية نجد الاهتمام بها اهتمام ثانوي , تعتمد على النظريات الوضعية الخاطئة التي تعتمد على تحررالنفس من قيود العقل واتباع الغرائز لهوى النفس...
جهل مستمرما دام البعد عن روح الاحاديث الشريفة تتيح للمضللين ومحاربي قوانين الخالق من وضع قوانين وضعية ,ومن تشويه مفهوم الاحاديث من خلال استغلال بعض الكلمات التي تذكر في سياق بعض الاحاديث كما في الشطر الثاني من الحديث الذي اتحدث عنه وهو( واضربوهم على عشر ).....
والجواب على ذلك يكون من خلال أن الرسول صلى الله عليه قد بعث رحمة للعا لمين ليخرجهم من الظلمات الى النور,فالنفس البشرية بحاجة للتربية والتهذيب من خلال العقل المزود بالعلم ,ومن خلال الردع بالضرب العقلاني بيد الرحمة التي لا يمكن أن تئلم,فالنفس البشرية أن تركت على هواها دمرت الانسان واستنزفت قدراته في اشباع رغباتها التي لا تراعي تحمل الجسد المحدود ,ولا تراعي حدود الله فتئذي وتعتدي على خلق الله تعالى ,ومصير ونهاية هذا الانسان يعلمه من يشككون في قوانين الرحمة للخالق في ادارة خلقه من الانسان الى الكون,قال تعالى( وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي ۚ إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي ۚ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ).