05-04-2014 10:13 AM
بقلم : أحمد محمود سعيد
لعل الشعب الاردني يتوحّد بكافّة قطاعاته من شعب وجيش وحكومة ومجلس امّة على الولاء والرضى والقناعة بحكم الهاشميّين لهم الذي يرتبط اسم المملكة بهم وخلاف ذلك من مواضيع يخضع للنقاش بالقبول والاعتراض والجدل والنفاق والمخاجلة والمصلحة الشخصيّة وتطييب الخواطر وغير ذلك .
والاعلام الرسمي عادة لا ينقل الحقيقة للمواطنين أو يتأخر في ذلك بل واحيانا يغالط في نقلها لسبب ما وكذلك الكثير من وسائل الاعلام الخاصّة ومنها الصحافة الورقيّة او المواقع الالكترونيّة تبالغ في نقل الصورة او تتسرّع في نقلها بحيث تبتعد عن تفاصيلها .
وفي الاونة الاخيرة ظهر ذلك جليّا في انقسام مواقف النوّاب في موضوع منح الثقة للحكومة بعد ان اتّخذ قرارا بالاجماع بطرد السفير الإسرائيلي مرّة عندما تمادى الحكّام الصهاينة بمناقشة الكنيست لقرار الغاء الوصاية الهاشميّة على الاماكن المقدّسة في القدس الشريف وجعلها تابعة للولاية الاسرائيليّة استكمالا لتهويد القدس وخطوة لإعلان تهويد الدولة ومرّة اخرى اتّخذ نفس القرار عندما قتل جنود صهاينة القاضي الاردني الشهيد رائد زعيتر بدم بارد على جسر الملك حسين في المعبر الاردني الفلسطيني ولم تلتزم الحكومة بهذين القرارين وهدّد الكثير من النوّاب بسحب الثقة من الحكومة اذا تقاعست عن تنفيذهما وعندما لم تلتزم الحكومة تم التصويت على الثقة بالحكومة فمنحها واحد وثمانون نائبا الثقة وتغيب عن الجلسة عشرون نائبا وحجبها عنها خمسة وعشرون نائب وبقيت الحكومة وبقي حتى الان مجلس النواب .
وقد كان جلالة الملك كعادته دائما الاكثر صراحة في الوطن الاردني خلال حديثه لرئيس تحرير صحيفة الحياة اللندنية قبل ايام عدّة خاصّة فيما يتعلّق بالحديث عن ما يسمّى الوطن البديل فبينما نجد المواطنين وممثليهم النوّاب يقولون شيئا ويفعلون عكسه وفي الغالب يكون ضد صالح الوطن والمواطن فاننا دوما نجد جلالة الملك يركز على الوحدة الوطنيّة واستمرارية عملية الاصلاح على كافّة الصعد السياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة لمصلحة الوطن والمواطن .
ولعلّ المواطنون متّفقون داخليّا على عدّة قضايا منها رفض ارتفاع الاسعاروانخفاض المداخيل والإخفاقات الأمنيّة والاشكالات الاجتماعيّة والفجوات الواسعة في دخل الافراد ومسميات الوظائف وامتيازاتها وتبهور النفقات والارتفاعات غير المبرّرة في العقارات داخل المدن وانتشار الفساد الاداري والمالي والوضع الاقتصادي المتردّي من حيث المديونيّة وعجز الموازنة وكلفة الطاقة وشح المياه وازدياد عبئ اللجوء السوري وغيرها من القضايا التي تلاقي اختلافات في الرأي مثل اتفاقيّة وادي عربا ومواجهة الحماقات الصهيونيّة المتكررة على السيادة الاردنية ............
ان اهم ما تفرضه الظروف الصعبة التي يمرُّ بها الوطن هو التوحّد من اجل الوطن وهو ما يسمّى الوحدة الوطنيّة التي تتوحّد فيها الهموم وتتعاظم من اجله الآمال وإذا وصلنا لهذه المرحلة من التوحّد تهون عندها الخطوب ويصبح التسامح سيّد الاحكام فيزول الحقد والحسد والفساد إلاّ الفئة الضالّة التي تصبح منبوذة من الجميع .
والحديث بين المواطنين في اي لقاء او اجتماع او مناسبة فرح او ترح يدور حول اتساع وتنوّع الحوادث الامنية والجرائم الاجتماعية كالقتل والمشاجرات المسلّحة والسلب والنهب واطلاق الاعيرة الناريّة بشكل عشوائي او مقصود وغيرها من الانتهاكات الامنيّة اضافة لكثير من حالات الفساد الاداري والمالي وخاصّة تعيينات الوظائف الكبرى والرواتب الكبيرة الممنوحة لها يرافق ذلك عجز الحكومة والجهات الامنيّة عن معالجة اي من تلك الثغرات بل مقابلة الحكومة والجهات الامنيّة لمعظمها بالإستخفاف بطلبات المواطنين حولها بدلا من الاستجابة لسرعة معالجتها .
إنّ التوحد من اجل الوطن هو الكفيل بإيجاد المواطن الصالح الامين والجريئ على قول الحق وفي نفس الوقت الكفيل بتعيين الموظّف الكفؤ النظيف العفيف الأمين على الوظيفة التي اؤتمن عليها وكذلك الضمان على ان يكون صنّاع القرار لهذا الوطن من اصحاب التاريخ المعروف في خدمتهم للوطن والمواطن واصحاب الخبرة والحكمة والفكر الوسطي والذين يستمعون للرأي والرأي الآخر والمنتمين للوطن فعلا وليس قولا فقط وكذلك يضمن التوحّد الوطني وجود اجهزة رقابيّة فاعلة من نواب واعيان وجمعيات ونقابات واجهزة امنيّة ونظام قضائي حازم وعادل بحيث يوفّر الأمن والأمان الذي نتغنّى به ونفاخر الدول الاخرى بان وطننا ينعم به .
ولنجعل الوحدة الوطنيّة حقيقة بين المواطنين جميعا وليست وهما مقصورا على بعض المواطنين من بعض الاصول والمنابت خاصّة ان الاصول والمنابت تتعدّد ويتعزّز عددها بإستمرار ولنجعل هذه الوحدة الوطنيّة سلوكا طبيعيا فرديا وهدفا اسمى نعزّزه في عقول اطفالنا ينموا مع نموّهم الطبيعي ويسموا مع شبابهم حيث يصبحون قادة المستقبل وصانعي قراراته .
وهب الله للاردن مواطنا صالحا وحكومة راشدة واجهزة حازمة وحفظ الاردن وطنا وشعبا وقيادة وابعد عنه كل مكروه .
احمد محمود سعيد - عمّان
5 /4/2014