06-04-2014 12:36 PM
بقلم : الدكتور صبري ربيحات
مجلس الامة الاردني كان ولا يزال وسيستمر في البحث عن منهج عمل يمكنه من ان يؤدي
وظائفة الدستورية بالشكل الذي يترجم امال الامه ...وتحديات الواقع ...ويتجاوز محددات العمل التي ترسمها مراكز القوى المحلية ....والقوى والشروط والاملاءات والمحاذير والخطوط الحمراء الداخلية والخارجية.....
منذ انتخاب المجلس الحادي عشر الذي اراح الامة....وكان معبرا عن نبض الشارع ...وساعد الملك والبلاد ان تعبر اخطر واعتى العواصف التي واجهت الاردن في تاريخها الحديث .....حيث وقف الشعب والقيادة في خندق واحد في وجه كل الضغوط الدولية والعربية...وارتفع مستوى الرضا الشعبي عن اداء القيادة والحكومة الى مستويات غير مسبوقة...وقبل الاردنيون اجراءات ترشيد الطاقة التي اقرتها الحكومة بحب واحترام ....واستطاع الملك ان يواجه جورج بوش الاب بثقة وحزم .....لان النظام استوعب كل مكوناته فلا رفض ولا اقصاء ولا استبعاد لاي مكون مهما كان رايه او طريقته في حب الوطن.
منذ ان انتهت ولاية المجلس حسن الذكر والشعب يعاني ...والنواب يعانون من ازدواجية الدور... فالحكومات لم تعد قادرة على ارضاء الشارع ...حتى وان خرقت معدلات الثقة البرلمانية سقوف توقعات رؤسائها الذين تناوبوا على رئاستها لفترات لا يتجاوز معدلها العام الواحد...
فقد اضحت الحكومات امثولة للشارع والصحافة ومادة لمن يريدان يكتب اعمال مسرحية تسلي الرواد وتضحكهم دون الدخول في تعقيدات الاعمال المسرحية على طريقة شكسبير وهمنجوي ومحفوظ.
تحت ضغط التراجع في القوة الشرائية للدينار ...وازدياد معدلات الفقر والبطالة ..وتنامي كلف العيش ..وتأكل الدخول الشهرية...وانخفاض نصيب الاردنيين في اسواق العمل العربية ....ومع تذبذب مواقف الاخوان المسلمين من العملية الانتخابية ...و تبني النظام السياسي لاسلوب شعرة معاوية مع الحركة الاسلامية عموما ....وتهيئة قيادات للشارع الاسلامي من الاشخاص الذين انشقوا عنها في مراحل ومنعطفات مختلفة ....من اهل اللحا وغير الملتحين....وعدم نجاح هذه القيادات في اضعاف الحركة.....بدأ العمل النيابي يستقطب الكثيرين ممن لا خبرة سياسية لهم ...ولا اهتمام سياسي لديهم...ولا دراية في تركيبة المجتمع ومدلولات الشأن العام
فاقبل على الترشح العشرات من التجار ..والمتعهدين.. وضباط وافراد ممن تقاعدوا ......والاكاديمين الذين ابتعثوا ابان انتشار حمى تاسيس الجامعات ...والنساء ممن لم يكن لعائلاتهن فرص المنافسة في المناطق الانتخابية....ومن اوحي اليهم ...او رتبت امورهم وبشروا بالمقاعد قبل تاريخ الترشيح.....وكل من اوهم الناس في منطقته بانه متنفذ وقادر على التاثير......وتوالت المجالس الواحد تلو الاخر منها من اتم ولايته ومعظمها حلت قبل اوانها دون ان تترك اثرا على حياة غير الذين شغلوها.
في كل مرة كانت تقع المجالس بين سندانة الحكومة ومطرقة الناخبين ...فبالرغم من ايجاد وزارة للتنمية السياسية ومناداة الدولة بالاصلاح الا ان اثر كل هذه النداءات والوعود لم يظهر الا على اوراق الخطب والبيانات والمؤتمرات الصحفية.....فقد بقي الاردنيون ينتخبون اقربائهم وانسبائهم ....وبقي المنسف افضل البيانات الانتخابية....والوعد بتخليص الناخبين من ازماتهم الشخصية خطط النواب المستقبلية......
ولما كان النائب وامكاناته اقل من الوعود التي قطعها فقد كفر الناس بالنواب ومجالسهم ووعودهم فتحولت العديد من الحملات الانتخابية الى اوكزيونات لبيع وشراء الاصوات .....ودخلت العملية الانتخابية في نفق جديد شوه المدخلات والعمليات والمخرجات ....ووضع البلاد والعباد في حالة من اللاكتراث للعملية وما يمكن ان تفضي اليه ....مما قلص اعداد المهتمين في العملية ومخرجاتها بالرغم من كل دعوات المشاركة ووعود النزاهة وتاسيس الهيئة المستقلة التي انشغلت لاسابيع بمسلسل حازم وعبلة الى ان حسم لصالح من اصبح اخيرا رئيسا للجنة الشئوون العربية والدولية في المجلس الموقر.
امام هذا الواقع وعدم وجود رؤى حزبية في المجلس تداعى عدد من النواب لتأسيس جماعة عمل جديدة عابرة للمناطق والجهات والطوائف والفبائل والكتل والاحزاب لتعالج ملفات التعليم والعمل والطاقة والصحة والاستثمار والسياحة والنقل والزراعة والبيئة وتنمية المحافظات والحقوق المدنية والسياسية والقضاء واشياء كثيرة اخرى.
وقد قوبلت المبادرة ومؤسسيها بشىء من الاستغراب والتشكيك و الرفض والتوجس....ومع ذلك استمرت في العمل معتمدة على اصرار اعضائها وخبرة وعناد ابرز مؤسسيها الشيوعي السابق ورئيس مركز الدراسات الاستراتيجية الاسبق الذي عاش لسنوات طويلة في واشنطن د.س. والف الكولسة والعمل الحزبي....وارتبط بعلاقات مع الكثير من المراكز المولدة للقضايا التي يجري تحويلها الى سياسات وقناعاته بان الافكار والطروحات الجديده تشكل تهديدا لمن يرى مصالحه في الوضع القائم.
لقد ساعد مصطفى الحمارنه وشجعه على انشاء المبادرة الموقف الذي اتخذه في البرلمان لانقاذ حكومة النسور من السقوط في جولتها الاولى للحصول على الثقة بعد ان قدم وجماعته شروطا سهلة للحكومة لحفظ ماء وجه المعارضين ومساعدة الحكومة على اعادة بناء خطابها بما يطمئن بعض المترددين ويمنح الحمارنة ورفاقه العمل على استمالة من لم يحسم امره بعد لصالح الحكومة التي كادت ان تهوي لولا ذلك التدخل.
وتشبه المبادرة النيابية التي عكف الحمارنة ومجموعته على تاليفها حزب الشاي الامريكي"The Tea Party" الذي الفة رجال ونساء الكونجرس والسانت الامريكي ليقف في وجه سياسات الديمقراطيين ابان انهيار نظام الاعتمادات المالية وتدهور سوق الرهن العقاري في الولايات المتحدة الامريكية عام 2009.واصبحت منذ ذلك التاريخ قوة مهمة في تبني وتنفيذ التشريعات والمبادرات حتى اصبحت جماعة الحل والعقد الرئيسة في كل الشؤون التي ينهض بها البرلمان الامريكي.
المبادرة النيابية التي شارف عدد اعضائها على ال 29 واجهت وتواجه العديد من الاتهامات والكثير من المقاومة النيابية وحتى الحكومية .....ومع ىذلك فقد عملت خلال الاشهر الماضيه على اعادة هيكلة نفسها باضافة النائب المخضرم المحافظ سعد هايل السرور الى صفوفها....مما اكسبها غطاء محافظا وطمئن بعض المشككين في دوافعها واتجاهاتها .......
السؤال الذي لا يزال يبحث عن اجابة يتمثل في ....هل كانت هذه الخطوة صدفة......ام فعل استراتيجي ......وما علاقة ذلك بمحاولة ادخال البلاد لمرحلة الحكومات البرلمانية ؟
وهل يقتضي الانتقال الى عصر الحكومات البرلمانية ان تنظوي المبادرة تحت عباءة محافظة ....بحيث يقدم البرلمان برنامجا اصلاحيا خفيفا ...ويراس الحكومة البرلمانية شخصية برلمانية معتقة لا يخشى ان تذهب في البلاد الى عوالم غير تلك التي الفتها في العقود التسعة الاخيرة من عمرها؟
هل ستلد المبادرة جملا؟ ....وهل ستدخل البادية الشمالية وام الجمال التاريخ ؟
اسئلة ستبقى برسم الاجابة