بقلم : هاشم الخالدي

شيء معيب و مخجل

رئيس ديوان المحاسبة النظيف والشهم الدكتور مصطفى البراري كشف أمس أمام اللجنة المالية التي تحقق في تجاوزات سلطة العقبة مسخره من العيار الثقيل عندما قال ما حرفه : " عندما نقول لأية مؤسسة أو دائرة : نحن نتحفظ يقولون لنا : تحفظوا بالبامبرز ".

للتوضيح سياسياً و عملياً فإن تحفظ ديوان المحاسبة على معاملة ما أو فاتورة أو مشروع تقوم به أية مؤسسة يعني عملياً ان ديوان المحاسبة غير موافق على هذا المشروع و يلتزم - حسب القانون - الصمت ووضع كلمة" تحفظ " لما يعتقد انه تجاوز لانه لا يستطيع ايقاف الفاتوره او المشروع.

المزحة التي أطلقها البراري تعني الكثير ... تعني ان هذه المؤسسات لا تنظر الى ديوان المحاسبة بعين الخائف من الرقابة والسبب أن قانون ديوان المحاسبة أصلا مطاط ولا يخول مندوبي الديوان وقف الفواتير قبل صرفها او وقف المشاريع والعطاءات التي يشتم منها انها ستؤدي الى اهدار المال العام .

المشكلة في هذا الوطن ان رؤوساء الوزرات السابقين عمدوا الى تقزيم ديوان المحاسبة الى الدرجة التي يقولون له فيها : قم انت بواجبك و تحفظ كيفما شئت و اترك لنا الباقي .

طبعا و بكل الاحوال لم يتخذ اي رئيس وزارء إجراءا حاسما اعتمادا على اي من تقارير ديوان المحاسبة على مدى الاعوام الماضية لانه لا يريد من يراقبه اصلاً.

اما ما نراه من اهتمام الدوائر الرسمية بالرد على استيضاحات ديوان المحاسبة فهو تابع من خوف هذا المسؤول ان يتم استجواب رئيس الحكومة تحت فبة البرلمان عما ورد من ملاحظات ديوان المحاسبة و ليس خوفا من الديوان نفسه .


اعود الى الكلمة القذرة التي تقال لديوان المحاسبة : تحفظوا ببامبرز، لأؤكد على ضرورة اعطاء ديوان المحاسبة الصلاحيات التي تخوله تحويل قضايا الفساد إلى هيئة مكافحة الفساد حتى لو وصل الأمر لإعطاء موظفي الديوان صفته الضابطة العدلية، أما أن يستمر عمل ديوان المحاسبة هكذا وبهذه الطريقة المخجلة من تبعية رئيس ديوان المحاسبة للحكومة فهو شيء اقل ما يقال عنه بأنه مسخرة .

انتهي بالقول : لو أن مؤسسات الدولة تنظر بعين الخوف من القرارات الحاسمة المخول بها ديوان المحاسبة لما تجرأ هؤلاء على الاستهانة بهذا الجهد الذي يبذله في رصد الفساد و هدر المال العام في مؤسسات الدولة .

ابحثوا معي عن المستفيد من تحويل عملاق مثل ديوان المحاسبة إلى طفل يحتاج البامبرز.