10-04-2014 09:17 AM
بقلم : تمارا الدراوشه
مع إنطلاقة الجولات الميدانية للحكومة بقيادة دولة الرئيس , وزيارته اكثر من منطقة والإلتقاء بالفعاليات الشعبية , والإستماع لهمومهم ومشاكلهم , والبحث معهم في افضل السبل لتحسين الواقع في تلك المناطق , وحسب الإمكانات المتاحة , وخلال تلك اللقاءات نشعر ببوادر الأمل على وجوه المواطنين , حتى وإن كانت الحلول مجرد وعود قد لاتغني ولا تسمن من جوع , ولكن كما يقول المثل ( شئ تنوعد به أفضل من لا شئ).
ما يعنيني هنا هو البادية , وأخص البادية الجنوبية المترامية على أطراف أكثر من محافظة , وسكان البادية الجنوبية وإن أبعدتهم عن بعضهم مواقع سكناهم, إلا أن وحدة همومهم ومشاكلهم وقضاياهم , إضافة الى الاجماع من قبل الجميع على تهميشهم وأضعاف حالهم , جعلهم وكأنهم يعيشون داخل قرية صغيرة .
لا ادري إن كانت البادية الجنوبية بكل أطرافها قد وضعت على جدول زيارات الحكومة ممثلة بدولة الرئيس , أم انه سيتم الأكتفاء بإرسال رموزاً من الحكومة لإسترضاء أولئك البدو , القابضين على جمر الفقر والبطالة الصامدين رغم سياسة التهميش والتطنيش , وعلى مختلف المستويات .
نعم استرضائهم , وأجزم أن أغلب (إن لم يكن كل) طاقم الحكومة لو كان له الخيارفي الزيارات الميدانية , لطلب أو توسط عند دولة الرئيس أن يعفيه من زيارة تلك المناطق , وهم يعلموا ( اقصد الطاقم الحكومي ) أنهم لن يقدموا سوى وعود تشعر المواطنين بأنها حقيقية , وأن الفرج آت , لكن ما أن يعود الطاقم أدراجه الى عمان , وبسبب طول المسافة وصعوبتها , تذوب الوعود وتطغى نعمة النسيان على ذلك الطاقم إلا من ترديد بعض العبارات مثل ( الله يعينهم , حياتهم صعبة , أنا لا أدري كيف يتحملوا هذه الحياة ) .
أدرك وأتعاطف مع حكومتنا عندما تؤجل زيارتها إلى البادية الجنوبية , بمختلف مواقعها وتجمعاتها , ولا ألومها إن رحلت زيارتها لهم إلى الحكومات أللاحقة كما هو في باقي الملفات والأزمات التي تعودنا على ترحيلها من حكومة إلى أخرى , والسبب أنه لا يوجد في جعبة الحكومة حلولاً قصيرة المدى أو مباشره , لسد عوز قاطني الصحراء من البدو , الذين يعلموا أنهم وعبر الحكومات المتعاقبة لم يعنوا لها أكثر من ارقام وطنية وأرقام فقط .
لا أريد أن أتحدث عن هموم البادية وسكانها , فليس هذا مقامها أولاً , ولا يخفى حالها عن الجميع ثانياً , فصحراء البادية الجنوبية تعيش بين مواطن مقهور , يحيا بلا مقومات ومسؤول مبهور بحضارة العالم من كثرة الزيارات, وبين هذا وذاك تتناثر بيوت الشعر التي لم يبقى منها إلا إسمها وبعض بيوت الطين التي لا تقي من برد الشتاء , ولا من حرارة الصيف .
وهنا لا بد من توجيه رسالة وصرختان , الرسالة موجهة إلى كل من يعتقد أنه في مكان مسؤولية , لينقل هموم البدو ممثلة في مستشارية العشائر والتي إقتصر دورها على لقاء بقايا الشيوخ وأشباه الشيوخ , أو ما يعرف بأنه مشروع شيخ قادم , وهذا اللقاء الذي لا يتم غالباً إلا بشق الأنفس وعندها لا يستطيعون شرح معاناة افراد قبيلتهم , إما لعدم القدرة على إيصال الرسالة أو لعدم توفر الوقت لذلك , أو خوفاً من إزعاج المسؤول في المستشارية , وبالتالي يتحمل غضب المسؤول وهو اصلاً لا يستطيع تحمل ذلك الغضب , فكم تمنينا أن تكون هناك زيارات للبدو في مناطقهم من قبل لجنة من
مستشارية العشائر للوقوف على حقيقة واقعهم , للمساهمة في تحسينها وبث الأمل بعيون أطفالها لأنها الأقرب اليهم .
أما الصرخة الأولى فهي لكل مسؤول قصر في واجبه إتجاه هذه البادية وسكانها وغادر منصبه حتى دون أن يزورها , أو يعرفها أو يسمع هموم أهلها وأبسط احتياجاتهم التي هي من صميم واجبات ذلك المسؤول , وهذا ليس غريباً لأن معظم مناطق البادية عند سؤالهم , سيجيبوك بأنه بإستثناء جلالة الملك لم يقم بزيارتهم أي مسؤول .
أما الصرخة الثانية , فهي إلى أصحاب القرار في هذا الوطن , فأقول لهم هل سيتم إدراج البادية الجنوبية على جدول الزيارات الحكومية إسوة ً بباقي المناطق , أم أنه سيتم ترحيل الزيارات إلى الحكومات أللاحقة , وهل يعتقد أحد بأن الصبر على الفقر والبطالة وعلى سياسة التهميش والتطنيش سيطول ( أشك في ذلك ) فخيوط الأمل يجب المحافظة عليها وعدم السماح لأحد أياً كان أن يبترها , فما يجعل البدوي قابض هلى جمرة المعاناة وسط قسوة الحياة هو الأمل لغد مشرق له ولأطفاله من بعده .
اخيراً أتمنى أن نرى البادية الجنوبية على أجندة المسؤولين لزيارتها وسماع همومها , ومشاركتهم ولو ليوم واحد حقيقة الحياة التي يعانوها , لأنه حينها أدرك تماما بأن الحال قد يتغير , وبأن الرسالة من وسط آنين أهلها قد وصلت. "حمى الله الأردن قيادة وشعباً وتراباً "