10-04-2014 09:25 AM
بقلم : زكريا محمد إبراهيم الخطيب
اعلم أن الحياة الدنيوية تتراجع قيمتها في عين ساكنها حين غياب العدالة في إطار تقهقر الثوابت الدينية عند صاحبها. فإن تفاقمت مشاكل دنيا المال والأعمال حتى خنقت صاحبها البعيد كل البعد عن الوعي الإيماني الذي محله القلب فسيلجأ إلى الانتحار، فكم نسمع في زمننا هذا عن شاب انتحر شنقاً أو رجل قد أشعل بنفسه النار، أو فتاة تناولت جرعة دواء زائدة لتنتحر وحقيقة الانتحار تظهر جلية في الصين الذي ينتحر فيها شخص كل دقيقتين.
لقد كان الانتحار حرقاً بالنار شرارة أشعلت الثورة في تونس حتى تولدت عن فكرتها ثوراتٌ عديدة في بلدان عربية أخرى، وإن اختلفت في طبيعتها عن بعضها البعض.
انطلقت الشرارة في تونس وأصبح الانتحار عادةً وشعاراً للمساكين الذين يظنون أن الانتحار إطلاق للحرية وشعور بالراحة الأبدية، لكن هيهات هيهات فلا راحةَ عند الحساب بموتٍ سببه انتحار، وإلقاء للنفس في غياهب الهلاك، عطشتَ لمال غنيٍ جمع ماله من جيبك وجيوب أصحابك، فأزهقتَ روحك فلا أنت أخذت حقك منه، ولا أنت عِشت حياتك صابراً على صعوباتها.
تذكر دائما أن الانتحار هو جريمةٌ بحق نفسك وستكون أنت الخاسر الأكبر الذي هرب من دنيا المال والأعمال إلى الآخرة التي إما عذابٌ مقيم أو نعيم خالد فإذا أردت الموت كافراً انتحر لتهرب من صعوباتُ نفسية أو مالية تُحل في الدنيا إلى عذاب لا يُحل في الآخرة، اهرب من الدنيا لتجد الراحة في مكان كله نيران.
الإنسان المتكامل هو بجانبه الروحي والنفسي والجسدي متكامل، فإن تركت الاهتمام بالجانب الروحي واهتممت بالمادة وشعرت بأنك لا تستطيع العيش لفقرك فيها ولقرفك نفسيا فلن تشعر بمعنى الروح والقيم السامية، وإن أشبعت حاجاتك المادية ولم يبقَ إلا تذوق طعم الانتحار فستنتحر –كما يحدث في السويد- مع غياب الإيمان غذاء الروح الذي لا تنضب ولا تذبل حدائقه الخلابة.
إن الدليل الذي يثبت بأن تقدم الإنسان وتطوره جسدياً ومادياً وعلمياً لا يمنعان من انتحاره في ظل الفراغ الروحي الذي سبب انتحار عدد كبير من مشاهير ومبدعي العالم هو انتحار كلاً من: فرويد، كليوباترا، سقراط، تشايكوفسكي، مارك أنطوني، بروتوس، الفيس بريسلي، مارلين مونرو، بيلاطس البنطي، فان غوغ، هتلر، ارنست همنغواي...
إن الهدف الذي يجب أن يظهر أمام كل مسلم يتلخص بالعمل لدنيانا كأننا سنعيش أبدا والعمل لأخرتنا كأننا سنموت غدا.