12-04-2014 09:35 AM
بقلم : يوسف ابو شعيب
انطلقت الخيول نحو العمل كل واحد على رأس عربته كذلك جحشالون الذي كان يحاول إن يكون على مقربة من الكهل و أن لا يتركه ولو للحظة واحدة لكن عربة الحصان الأبكم – وهذا لقبهُ فقط – كانت تمنع جحشالون من الاقتراب كلما حاول ذلك وفجأة ابتعدت عربة الأبكم فتمكن جحشالون من الاقتراب من الكهل " تباً لك أيها الأبكم وتباً لك أيها الكهل لقد تعبت من الركض خلفك وأنت ....تباً لك. " قالها جحشالون في نفسه ولم ينتبه أن الكهل يُشير له بالاقتراب منه .
"طوع أمرك يا سيدي " قال جحشالون فرد عليه الكهل " اسمع يا جحشالون لقد أصبحت الآن بمثابة حصان وقائد عربة أيضاً لذلك عليكم أن تعرف المزيد من قوانين الخيول وإليك أول وأهم قانون فيها " تفضل يا سيدي " قال جحشالون " خيول الإسطبل مقسّمة إلى مجموعات ولكل مجموعة من تلك المجموعات قائد أو رئيس وهذا الرئيس عضو في مجلس الخيول وهو من ينوب عن مجموعته في شرح آرائها ومطالبها كما أنه مكلف بتبليغها بقرارات المجلس التي تخصها فقط " قال الكهل ذلك ثم أضاف " ولأنك أصبحت قائد العَربة السادسة عشر فأنت الآن في مجموعة الحصان الأبكم ولهذا كان يحاول أن يمنعك من الاقتراب منّي لذلك عليك ومن الآن فصاعداً أن تحترم هذا القانون وغيرها من القوانين التي سيشرحها لك الحصان الأبكم " .
" الأبكم ..؟! تباً لكِ أيتها الخيول ، وتباً لكَ أيها الكهل ، وتباً لهذا الأبكم " تمتم بها جحشالون ثم قال للكهل " سمعاً وطاعة يا سيدي ستجدني دوماً كما أمرت " قالها للكهل ثم تراجع للخلف ليفسح المجال للأبكم الذي شعر بالزهو وهو يعلم بالضبط ما الذي قيل لجحشالون .
تراجع جحشالون وكان الشرر يتطاير من عينيه ثم أخذ يراقب الكهل والأبكم من بعيد وهو يقول " خيول ، وعربات ، كهل وأبكم ، حيوانات غَبية لا تعرف من أنا ، أنا جحشالون القادم من المدية بكل ذكائي وخبرتي وحنكتي لكنكم ستندمون " ثم أخذ يُفكر في خطة جديدة تمكنه من التعامل مع هذا الواقع الجديد " الأبكم ..؟؟ كنتُ أشكُ أنه حصان وإذ به قائد مجموعة وعضو في مجلس الخيول ...مجلس الخيول ...؟؟ هذا ما عليّ أن أفكر به وأخطط له ..." قالها وهو يبتسم ثم أخذ بمراقبة الأبكم للتعرف على نِقاط ضعفه والتعامل معها كما يجب.
لقد كان الأبكم وبالرغم من منظره الذي يوحي بالضعف وقلة الحيلة ماكراً جداً وقد كان يعلم أن وجود جحشالون في مجموعته سيتسبب بالكثير من المشاكل لكنّ طاعة أوامر الكهل هي الأساس والمنطلق لكل تصرف قام أو سيقوم به فيما بعد " عليّ أن اتعامل مع هذا الجحشالون بكل حذر فهو وإن منعتهُ القوانين من الاقتراب من الكهل لن تمنعه الظروف خاصة وأنه هو من يقوم على علاج الكهل " قالها وهو ينظر نظرة حيرة وغضب نحو جحشالون ثم أشغل نفسه بحديث مع الكهل حول موعد انعقاد المجلس والأمور التي سيناقشونها فيه .
وكما توقع الأبكم فلم يكفّ جحشالون عن التقرب من الكَهل بل ومن صاحب المزرعة على حسابه كأنه لا يراه " لا بد أن أغيّر أسلوبي معك ، ويبدو أن لا فائدة من الوقوف ضدك في حين أننّي لن أخسر شيئاً لو وقفت معك بل على العكس سأستفيد من ذلك كثيراً لأنك ومهما فعلت عضو من أعضاء مجموعتي " قالها الأبكم وهو يقترب من جحشالون الذي أصبح على علم تام بأن الأبكم يحتاج - وفي هذا الوقت الحرج – إلى من يخفف عنه عبء المسؤوليات الملقاة على عاتقه " أنا أفهمكَ جيداً ، وأظنكَ كذلك ، لكن إياك أن تعتقد أنني سأسمح لك باستغلالي أو تجير كل ما أقوم به لصالحك ولو ظننت ذلك فأنتَ مخطئ حتماً " تمتم بها جحشالون وهو يصافح الأبكم وكأنه يبرم اتفاق سرياً معه .