24-04-2014 01:21 PM
بقلم : محمد اكرم خصاونه
إن المرء حين يولد على هذه البسيطة لا يملك من أمره شئ فيما أعطاه الله من خلقة ولون وشكل ، فأمر الله قد قضى بأن يكون شكلك كما إرتضاه الخالق لك ، لون البشرة ، لون العينين ،الشعر ، الطول ،وغيرها الكثير من الصفات الجسمانية التي وهبها الله لك.
وكذلك نحن لا نملك من شأننا شيئا إلا الإنقياد لأمر الله فيما كتبه علينا ، والإنصياع لقضاء الله فيما قدر علينا ، فمهما حاولنا بكل ماأوتينا من قوة وقدرة على تغيير وتبديل ما أمر الله به فلن نحرك ساكنا عن ساكن ، فلماذا التهافت على الشد والنفخ والشفط والتكبير والتصغير للرجل والمرأة ،فلماذا يتم تغيير شكل الأنف مثلا ؟ ولماذا الإقدام على النفخ بمادة البوتكس في أماكن مختلفة من الجسم لمن يقدم على هكذا أمر؟ فهل ستغيير شكلك للإفضل ؟ وهل ستنال إحتراما اكبر؟ وهل ستطل بوجه وسحنة ملائكية كما تعتقد؟ لا أظن من يحاول او يقوم بمثل هذا الأمر يكون بكامل إرادته وعقله ، لأن المولى أعطانا الصورة الحقيقة لما نحن عليه ، فلماذا نحاول أن نبدل خلق الله في أنفسنا؟؟ الذي أعطانا أجمل وأحسن صورة ،وقد قال الله تعالى في كتابه الكريم : {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ} السجدة آيه رقم 7.
وقال سبحانه وتعالى: لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيم . الأية 4 من سورة التين.
فلماذا التهور على تغيير ما خلقنا الله عليه؟
أعجب من عجوز وصل الثمانين من عمره وعكازه قد تقوس قبل ظهره ويقوم بصبغ شعره باللون الأسود !!؟ أو يقوم بحركات تبدو صبيانية لسنه . ويلهث وراء منصب دنيوي ولا يعبأ باخرته ، ويلتصق بكرسي الحكم وهو غير قادر على قضاء حاجته بنفسه دون مشاركة غيره بمهمته الطبيعية ، فكيف لك بقضاء حوائج الوطن والمواطن ؟ يامن كان المنصب لك الحياة التي تظنها الخلود في الدنيا ، ؟كفاك مما أفنيت من سني عمرك ،فارجع لبارئك وإعمل لأخرتك ؟ فلماذا كل هذه الحركات ؟ ولماذا كل هذه الترهات يا من تتهافتون على المظهر قبل الجوهر؟ هل سيعيد لك لون شعرك الأسود شبابك الذي قد ولى؟ وهل سيعيد لك البوتكس الجمال الذي قد طمست جغرافيته واندثرت معالمه؟وهل ستعيد لك الجراحة النظارة والحيوية والشباب وقد ذبلت أغصان عمرك؟ وتساقطت ايام دهرك قبل سقوط أسنانك؟
قد يقول قائل إن الله جميل يحب الجمال ، وقد يقول آخر إن الله يحب أثر نعمته على عبده ، والأمر صحيح للإثنين ، ولكن الواقع يقول ان لكل مرحلة من مراحل العمر سمتها المميزة لها ، فمرحلة الطفولة البراءة والحيوية والبهاء والجمال ، ومرحلة الشباب القوة واالنضارة والعنفوان ، والتي قد لا تخلو من طيش وتهور وإندفاع!!؟ ومرحلة الكهولة الهدؤ والسكينة والتقوى والورع والزهد ، والتفكر بعمل خالد باق ليذكرك الغير بمحاسن الصفات والأخلاق .
وهذا لا يعني ان تكون مراحل العمر السابقة منافية ومناقضة للواقع والبعد عن الدين والأخلاق، فلا يقدر المرء على أن يخالف ما قد كتب عليه ، إلا بما يدور في نفسه من هواجس ، واحاسيس غير واقعية تنبش مخيلته بما قد كان.
الحياة أن نعيشها بحلوها وبمرها ، وأن نحاول جاهدين التأقلم حسب الواقع دون مبالغة ودون شطط، ودون بهرجات خادعة كاذبة.
وعلى المرء ان يحس بجمال الروح والأخلاق قبل جمال الجسد . وصدق من قال:
جـمال الـروح ذاك هو الجمالُ تـطيب بـه الـشمال والخِلالُ
ولا تُـغني إذا حـسنت وجـوه وفـي الأجـساد أرواح ثـقال
ولا الأخـلاق لـيس لها جذور مـن الايـمان تـوّجها الكمال
زهـور الـشمع فـاتنة ولـكن زهـور الروض ليس لها مثال
حـبال الـود بالإخلاص تقوى فـإن يـذهب فلن تقوى الحبال
حـذارِ مـن الجدال فكم صديق يـعـاديه إذا إحـتدم الـجدال
بأرض الخِصب إما شئت فازرع ولا تـجدي إذا زرعـت رمال
جـمال الـروح ذاك هو الجمال تـطيب بـه الـشمائل والخلال