11-05-2014 11:28 PM
سرايا - سرايا - انتهاء بـ"والنصر قرب من عينينا.. والنصر قرب من إيدينا" من رائعة الشيخ إمام "شيد قصورك عالمزارع"، وابتداء بالأغنية الشهيرة "يحكى أن"، أعادت؛ فرقة "اسكندريلا" المصرية، مساء أول من أمس، في حفل ملتقى المدافعين عن حرية الإعلام في العالم العربي، أجواء أمسيات الغناء زمن الانتفاضة الأولى، وأشعلت الحماس في الجمهور الذي هتف وغنى وصفق واحتفى بحب الوطن على طريقة "اسنكدريلا"، وليس "اسكندريلا" فقط، بل أيضا على طريقة الفنانة القديرة أميمة الخليل، والفنانين محمد محسن وأمل مرقس وريم بنا، الذين شاركوا أيضا في الحفل.
"اسكندريلا" التي خطت هويتها الغنائية والموسيقية الخاصة والتي استمدتها من تراث سيد درويش والشيخ إمام، ووصلت إلى الشباب والكبار في ميادين مصر وشوارع المدن العربية ومسارحها، أضاءت مشاعل الأمل من جديد وأيقظت الذاكرة، التي طالما غفت طويلا.
وعبر أغانيها السهلة الممتنعة، وألحانها الشعبية وكلماتها البسيطة، والتي تحتوي على "خفة دم" المصريين أحيانا، وسخريتهم الجميلة للواقع، وحزنهم المغشى بروح إيجابية وتصميم عال، فرضت "اسكندريلا" حالة من الحب المتواصل مع الجمهور، حب الوطن والحياة، ودفقت أشعة الأمل بإمكانية أن يكون "النصر قرب من عينينا" فعلا.
القاعة، في فندق الرويال، غصت بأكثر من ألف شخص وقلب ينبض وصوت يتهف وأيد تصفق وتتعالى وأكثر من ألف روح استعادت ألقها عبر حوالي أكثر من ساعتين من الزمن.
الأمسية بدأت مع "موطني"، ومن ثم أميمة الخليل الرائعة صاحبة الصوت الرخيم الرقيق الدافئ؛ حيث غنت "أحبك أكثر"، بدون مصاحبة الموسيقى، ونشرت صلاتها ومناجاتها في القاعة.
وبمشاركة أمل مرقس وريم بنا، قدم الثلاثي الأغنية القديمة المتجددة دائما "عصفور طل من الشباك"، فكان أن فتح الجمهور قلبه وذراعيه، بعد جرعة من الحب تلقاها مع "أحبك أكثر".
أما ريم بنا فغنت للاجئين والنازحين والشهداء والأمهات: "يا ليل ما أطولك.. مشيتني حافية، ميزان ما أتقلك.. هديت لي كتافي، دابت حشيشة قلبي لأجلكم.. دابت، والشعرتين السود يا يما.. برؤوسنا شابوا"، لتتبعها بـ"يا عين بكفي بكى.. يا عين ظلمتيني.. صبرت صبر الخشب تحت المناشير".
ومع أمل مرقس وصوتها الواضح والدافئ، جاءت أغنية "حكاية" التي تحمل ايقاعا فرحا، وتقول "في يوم مدري كيف... حطوا حجار فوق حجار صاروا دار.. وغرسوا على باب الدار توت وغار".
ومع محمد محسن جاءت رائعته "بندعيلكم" بصوته العميق والحساس، وتقول كلمات الأغنية "يا شايلينكو على الاكتاف، بننعى دمكم بهتاف وندعيلكو، غموس الناس وعيشها الحاف، ودرس العربى في الارياف.. بندعيلكو، وكل جنيه زيادة ف جيب موظف هيئة الانتاج، وابني اللي في علم الغيب، وأمي اللي هتلقى علاج، وأرض المعتقل لما، هتفضى.. أكيد هتدعيلكو".
الحفل تضمن تكريم الفنان القدير مارسيل خليفة الذي كان حاضرا، بالإضافة إلى الفنان كمال خليل مؤسس فرقة بلدنا والشاعر والروائي ابراهيم نصرالله رفيق دربه في زمن ليس بقليل، فضلا عن تكريم عدد من الإعلاميين، قدمتهم مقدمة الحفل الاعلامية إيمان ظاظا التي استثارت استياء الحاضرين بطريقة تقديمها غير المناسبة للحفل.
تفاعل الجمهور لم يهدأ، بل تزايد شيئا فشيئا، واختزل في روحه الشجن والحب، لتنطلق الحماسة مع قدوم "اسكندريلا" بحضورها البهي، ليبدأ الجمهور بالهتاف "ارفع راسك فوق" قبل أن تبدأ اسكندريلا بالغناء.
وقبل الغناء قدم حازم شاهين مقطوعة "نعيش" على العود، بأنامله الصامدة وحسه المرهف.
اسكندريلا حضرت وبدأت الغناء مع "يُحكى أن" والتي تبدأ بايقاع بطيء يغنى فيه حازم شاهين ورفاقه "يُحكى أنّ.. أنّ إيه؟، سرقوا بلادنا ولاد الإيه، يُحكى أنّ.. كان ياما كان، سرقوا بلادنا الأميركان، يُحكى أنّ.. جيل ورا جيل سرقوا فلسطين إسرائيل، يُحكى أنّ.. يا أحفاد، أميركا دخلت بغداد، يُحكى أنّ .. يا حلاوة، أميركا بتضرب بغباوة، راح يدخلوا بغداد العصر، والمغرب راح يدخلوا مصر، يُحكى أنّ.. انعقدت قمة، ما بتعرفش تقول ولا كلمة، يُحكى أنّ.. الظلم استشرى، والدم مطرطش في النشرة، يُحكى أنّ.. أنّ احنا سكتنا، واتنيّلنا كده بخيبتنا"، وتتسارع الأغنية وتصل إلى ذروتها الموسيقية والروحية.
الجمهور بدأ يطلب الأغنيات، فكانت أن قدمت "اسكندريلا" أغنية "بالعبري الفصيح" والتي تتكلم عن السلام عن اسرائيل وكيف تغير الحال، وتقول الأغنية "حبل المودة اتوصل وبقينا سمن وعسل دم الضحايا اتغسل وخلاص ما فيش أعداء حبل الوصال والود نازلين مطار اللد على الإيدين بنشد أجمل سلام ولقاء.."، وقدمتها الفرقة بأسلوب مسرحي ساخر ومع مؤثرات صوتية بشرية كثيرا ما توظفها "اسكندريلا" بذكاء في غنائها.
وضمت "اسكندريلا" في هذه الأمسية كل من أحم الموجي على الاليكتريك بيانو وسيكا على البيس جيتار وعليا شاهين وسلمى حداد صوت بشري، وحازم شاهين واشرف نجاتي ويوسف الشريعي واسلام عبد العزيز على العود والغناء، بالاضافة الى فريد جاد على الايقاعات.
الأمسية لم تكن اعتيادية، وتصاعدت باستمرار. الأغنية التالية كانت "اهو دي الي صار" لسيد درويش والتي اشترك في غنائها محمد محسن وأميمة الخليل وأمل مرقس، وأضفى كل فنان منهم صبغته الخاصة فيها.
حالة أشبه بالمناجاة عمت المكان مع غناء الفرقة بصوت هادئ "صوموا وقولوا آمنا، كونوا قلوب مطمئنة، يا عباد الله" لتتبعها الفرقة مع أغنية "حيوا أهل الشام".
الحماس اشتعل ووقف الجمهور مع رائعة الشيخ إمام "يا فلسطينية والبندقاني رماكو". الأيادي ارتفعت، والأصوات غنت بأعلى صوت، والروح خفقت، لتأتي "اسكندريلا" بعدها بجديدها "هاتلي با بكرا صفحة جديدة.. حطلي مصر في جملة مفيدة".
الختام كان مع "شيد قصورك في المزارع" للشيخ إمام الذي تخط "اسكندريلا" شخصيتها انطلاقا من تجربته، إلا أنها تحتفظ بهويتها وأدائها المتميز جدا وحضورها القوي والطاقة الاستثنائية التي تبثها لدى الجمهور.
الأمل لدى الجمهور ظل مستيقظا مع "شيد قصورك ع المزارع، من كدنا وعمل إيدينا الخمارات جنب المصانع، والسجن مطرح الجنينة، واطلق كلابك في الشوارع، واقفل زنازينك علينا، وقلّ نومنا في المضاجع، أدي احنا نمنا ما اشتهينا، واتقل علينا بالمواجع احنا اتوجعنا واكتفينا، وعرفنا مين سبب جراحنا، وعرفنا روحنا والتقينا، عمال وفلاحين وطلبة، دقت ساعتنا وابتدينا، نسلك طريق مالهش راجع، والنصر أرب من عينينا النصر أرب من إيدينا".