12-05-2014 09:56 AM
بقلم : ديما الرجبي
بما أن الصحافة تتعلق دائماً بمستجدات الأحداث السياسية والاجتماعية والاقتصادية والرياضية . فهي إذن عين المترقب ، وبما أن الصحافة اليوم تعاني من هبوط وصعود من كل النواحي وأهمها مدى مصداقيتها وثقة الشارع في تقاريرها وتحقيقاتها ، فلابد الإشارة إلى أنها أيضاً أصبحت ضحية كما غيرها من المهن التي تتعرض لتقلبات وضغوطات الحدث . هنالك أسس ثابتة وواضحة لدعم الصحافة والصحفي وقوانين وتشريعات تُمكنه من التفاعل مع الحدث وتصويره وتحريره ثم نقله ما لم يمس الأمن القومي . اليوم نرى بأن أغلب ما يقرأه الشارع يُقابل بكلمة واحدة من المُتلقي " كذب ولا تُقال الحقيقة"!!
وهو حق مشروع للمُتلقي خصوصاً أن الفساد يمتد ويتشعب ليصل إلى حقل البقالة الصغير، إلا من رحم ربي ، ومن الضروري أيضاً أن نعلم بأن هنالك " رقابة" تلجم بعض المعنيين بأمر نقل الصوت والصورة لمحاذير كثيرة بررت نفسها تحت شعار عدم ضخ الفوضى بين الناس .
اليوم المشاهد يتعطش للخبر المنطقي والتحليل المعقول ويبحث عن اضافة جديدة لما وراء الحدث ، ولا يُصدق تكرار المشاهد ولا يؤمم من وراء خبر مكتوب أو مرئي أو مسموع .
تتهم اليوم الصحافة بالتضليل واشعال حفيظة المواطن ، وللوقوف على الحياد يصح القول بأن حجم المشهد أحياناً يفرض سطوته على الصحفي لينقله بعين المشاهد، وبعضهم يعمد إلى تعتيم الصورة وتشويه الحقيقة لشيءٍ في نفسه ومن معه. ومن هنا يقع الصدام الحقيقي بين خبرين كلاهما يحملان المضمون ذاته، ولكن نقله للمتتبع يكن مختلفاً بسرد التفاصيل .
نحن بحاجة اليوم إلى الوقوف على الحياد بنقل المشهد دون مغالاة ولا تعتيم ، الصحافة سلطة رابعة والمواطن يحمل لوماً على أصحاب المنابر والمتنفذين، والعامة يقفون على صفيحٍ ملتهب وما هم بحاجة له اليوم القليل من المصداقية والكثير من الحقيقة ، هذه الانقسامات والتلاطم هي حصاد عين الكاميرا ، والصحافة سيفٌ ذو حدين لا يجب الاستهتار في أهمية تأثيرها على العامة .
قال يوماً إدموند بروك بهذا الصدد: "ثلاث سلطات تجتمع هنا تحت سقف في البرلمان، ولكن هناك في قاعة المراسلين تجلس السلطة الرابعة وهي أهم منكم جميعا".
ويجب الحفاظ على أهمية تلك السلطة وضمان استمرار مصداقيتها ومن الحكمة أن يراعي بعض الصحافيين والمؤسسات المسؤولة عن رقابتها هذا الأمر .
وقد كتب فرد. س. سايبرت في مقالة بعنوان النظرية الليبرالية لحرية الصحافة: "لفهم المبادئ التي تحكم الصحافة في ظل الحكومات الديمقراطية، ينبغي للمرء أن يفهم فلسفة الليبرالية الأساسية والتي تطورت طوال الفترة بين القرن السابع عشر والقرن التاسع عشر". لم تكن حرية التعبير حقا تمنحه الدولة بل حقا يتمتع به الفرد وفق القانون الطبيعي. لذا كانت حرية الصحافة جزء لا يتجزأ من الحقوق الفردية للإنسان.
ولابد أن تبقى هذه الحرية في اطار فحواها الحقيقي والعقلاني والصادق، فلا الابتعاد عن الحقيقة يفيد ولا تهويل الخبر يفيد بشيء أيضاً .
ودعونا لا ننسى شهداء هذه المهنة الذين سقطوا نتيجة الهرولة لإيصال الحقيقة . في النهاية تكميم الأفواه لا يعود على المجتمعات إلا بالانفجار وتزيّف الحقيقة تثير حنق المجتمع ، والأولى ممارسة هذه المهنة كما ينبغي أن تكون .
والله المستعان