12-05-2014 10:14 AM
بقلم : مـ.هشام القضاة
للأسف أن معيار النجاح لدينا ومبرر بقاءنا أو استحواذنا على السلطة هو فقط فشل غيرنا ،فمثلا جماعة الاخوان – وأنا أحترمهم – يرون في فشل غيرهم أنهم بالضرورة هم الحل ،وبعدما فشلوا أو حتى أفشلوا في مصر وغيرها بررت الأنظمة التقليدية ضرورة بقائها في السلطة كسلطات وظيفية تعمل على احباط الكثرة العربية مقابل الحفاظ على بقاء الكيان الصهيوني و في هذا مصلحة عالمية ،لأن الغضب الصهيوني –الممتدة جذورهم في أنحاء الأرض- سيطال كل العالم في حال لو فشلوا في الحفاظ على ابقائهم أو اقصائهم في تل أبيب .
ان معيار النجاح لدى أنظمتنا هو أن نبقى في نظر الغرب نستحق أن نتلقى الدعم الاقتصادى من الغرب أو السكوت عن ديوننا مقابل أن تكون الأرض العربية حاضنة للنفايات البشرية من اليهود فهم أخطر من النفايات النووية بالنسبة لهم والغرب يعلم ذلك والا فلم يغدقون على أنظمتننا بالمساعدات والمنحات الفردية وهذه بالمناسبة نظرة الغرب للاسرائيليين وليست نظرتنا نحن ؛واليكم هذا الحوار الدائر في الكواليس:
اليهود للغرب: يلزمنا مساحة أكبر وامكانيات أكبر لنخلصكم من باقي اليهود والا نحذركم من الهجرة المضادة.
الغرب لليهود:امهلونا قليلا من الوقت فحلفاؤنا من الحكام العرب محرجون مع شعوبهم فلا بد من خطوات وتكتيكات قبل أن نؤمن ذلك.
ساسة العرب:التكتيكات السابقة باتت بياتة وبدأنا نحس بعض الاستفاقة من الشعوب والمراوغة أصبحت لا تنطلي على كثير منهم .
الغرب للعرب:استخدموا شماعة الاسلاميين فهي جديدة وربما تعطينا مزيد من الوقت أما طلبكم مزيدا من الدعم فانا نعتقد أن قليلا من الشبع سيمنحهم فرصة للتفكير سنزيد العرض في أسواقكم ونقلل الامكانيات حتى ينشغل الرجال في طلبات الأولاد والنساء .
الأطراف الأربعة:نحن نبغض بعضنا لكن مصالحنا مشتركة وتكتيكاتنا واحدة .
السؤال الآن لماذا نجح اوردغان وفشل الإخوان ،أو هل الإخوان واورغان نفس الشيء. طبعا الفرق كبير فاوردغان رفع شعارا لايختلف على صحته أحد وهو موجود في كل الأديان والّاأديان (أنا لن أسرق ..ولن أدع أحدا يسرق) وهو شعارا لا يستفز الغيرولا يخل بالعقد بينه وبين الناس ،ولهذا أصلا في الدين فها هو محمد عليه السلام في صلح الحديبية يمحو بيده كلمة محمد رسول الله ويأمر بكتابة محمد بن عبدالله لسبب واحد لأن سهيل بن عمرو قال لا نعلم أنك رسول الله لو نعلم أنك رسوله لاتبعناك طالما أن كلمة رسول الله تستفز الغير محاها ،ورفع شعار (لن أغدر..ولن أدع احدا يغدر) وهو أيضا شعارا مشتركا،و أيضا علي رضي عنه عندما قبل أن لا يسمى أمير المؤمنين وكذلك النجاشي لم يأمر ولم يمهد لتطبيق الشريعة الاسلامية رغم دخوله بالإسلام ولم ينكر عليه رسول الله ذلك ،لماذا؟ لأنه وببساطة أن عقد الحكم بينه وبين الشعب لا ينص على ذلك الا أنه أعطى الحرية للدعاة الى الإسلام للقيام بدعوتهم دون اكراه أو تعطيل.
اذا اختار اوردغان خيار طــــــــــول النفس –ان بقي كذلك- كما اختاره رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية ،واستعان اوردغان على تطبيق شعاره فقط باحتساب أجره عند الله وهذا ما لا يقدر عليه الا المؤمن ،فمن الصعب كبح شره النفس للمال الحرام دون علاقة حقيقية بالله.
لو تكلمنا على تجربة الاخوان في مصر فإنهم نسوا أن عقد الحكم بينهم والمصريين ليس عقدا اخوانيا فهناك نصارى بل حتى المسلمين أنفسهم لديهم مفاهيم مختلفة لأولويات الشريعة تختلف عن أولوياتهم ،ولم يحرروا خطابهم للشعب من العبارات المستفزة ،لعلهم في ذلك يقولون (لا نرضى الدنية في ديننا) ،فالتسرع وقصر النفس كان سمة من سمات حكمهم ،وحتى تدرجهم كان بخطى مسرعة مكشوفة ، افترضوا أن مصر جاهزة لتقبلهم وبسرعة لعل ذلك نابع من تعطشهم لفترة طويلة للحكم فلم يروا الحقيقة أو تجاهلوها .
البعض يقول افشلوا ولم يفشلوا ،وأنا أقول ليس هنالك فرق فإن لم تكن تفترض أن هناك قوى أكبر منك ستخطط لإفشالك فأنت ساذج ،وان كنت تراهن على نصرة الله لك ،فأبشر ولكن اصبر على تربية الله لك حتى تصل الى الفهم الحقيقي للإسلام ربما تكتشف أنك كنت ستقود الأمة الاسلامية بل والعالم الى الهاوية لو حكمت،فالله لن يدع أحد يحكم باسم الاسلام وهو لايعلم اولوياته وكن مستعدا للتراجع خطوة للخلف عند اكتشاف ذلك ،(سنحاسب ان لم ندع الى الله ولن نحاسب لأننا لم نحكم باسم الاسلام ).
في النهاية لا بد من تعريف الأمة العربية في الوقت الراهن؛فهي تتكون من جزأين ،أولا/أنظمة اُفقدت الثقة بشعوبها وهي تراهن على ارضاء الغرب واشغال الشعب وملئ أوقاتهم حتى لو لم ينجزوا أي شيء ثانيا/شعوب فاقدة الثقة بأنظمتها ،وغياب مفهوم الشراكة الوطنية أفقدها انتماؤها وجزء من هويتها ،يذهبون الى العمل دون انجاز ،بعضهم يطبل ويزمر للحكام وبعضهم يطالب بحقوق دون أي عمل أو انجاز حقيقي.
وهناك جزء ثالث فيهم الخيرسيغير الله على أيديهم