حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الثلاثاء ,8 أبريل, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 41979

تلميذ بيت النبوة

تلميذ بيت النبوة

تلميذ بيت النبوة

13-05-2014 09:06 AM

تعديل حجم الخط:

سرايا - سرايا - يذكر أصحاب السير، أن ابن أبي طالب رضي الله عنه الذي كان قد ولد في داخل الكعبة، كرم الله وجهه عن السجود لأصنامها، إذ أسلم وهو دون العاشرة، ويحدّث أهل الأخبار وأصحاب السير الإسلامية، أن علياً رضي الله عنه تربّى في البيت نفسه الذي خرجت منه الدعوة الإسلامية . وعرف العبادة من صلاة النبيّ صلى الله عليه وسلم وزوجته الطاهرة، ناهيك عن قرابة مضاعفة
كانت قد جمعت بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم، ومحبة طاهرة بدت أوثق من محبة القرابة المعهودة بين الأقرباء .

فهو ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم وهو ربيبه الذي نشأ في داره ونعم بعطفه وحنوه، ولا غرو أن حبّ النبي صلى الله عليه وسلم له من طيب جد يجمعه به ومن عطر بيت نبوي تربى تحت سقفه، ومن فوح جميل معروف، ساد بين أبي طالب رضي الله عنه والنبي صلى الله عليه وسلم .

وهناك روايات عديدة تتحدث عن طفولة علي رضي الله عنه الإسلامية، جاء فيها أنه أسلم وهو في سن السابعة غير أن كثيراً من المؤرخين قالوا إن علياً قد أسلم وهو في نحو العاشرة، وقد كان يناهزها عند إعلان الدعوة المحمدية والبدء بالتبشير بها . وكان يرى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتعبد في بيته عبادة الإسلام، مما جعل ابن أبي طالب رضي الله عنه يألفها في سن باكرة
كما لم يحصل لغيره من المسلمين .

وبدا إسلام ابن أبي طالب كرم الله وجهه في أول الأمر إسلام الفطرة وهو حديث السن، غير أنه سرعان ما غدا إسلام الاقتدار وإسلام الإصرار وإسلام المعيار والاعتبار . ذلك أن الدين الجديد، كان يتغلغل بعد إشهاره بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في قلبه وعقله، وفي علمه وعمله وفي تشبثه الصارم بأوقات العبادة وأدبها وروحها، حتى ليصح أن يقال فيه، إنه طبع على الإسلام،
فلم تزده المعرفة إلاّ ما يزيده التعليم على الطباع، وإلاّ ما تزيده الدربة على التشبث بالرضى والانصياع . إذ بدا أن ابن أبي طالب رضي الله عنه عابد يشتهي العبادة كأنها رياضة روحية تريحه، فتشبث بها وانصاع لأوامرها ونواهيها عن رضى، حتى بات يرى في كهولته، وعلى جبهته أثر بارز للسجود .

قضية الدرع

كذلك، كان دين ابن أبي طالب رضي الله عنه له ولعدوه أو عدو دينه، فعندما وجد درعه عند رجل نصراني، أقبل به إلى شريح قاضيه، يخاصمه مخاصمة رجل من عامة رعاياه، دون أن يجعل لمنزلته غلبة . وحين قال أمير المؤمنين لشريح: “الدرع درعي ولم أبع ولم أهب” . سأل شريح النصراني عنها فأجاب: “ما الدرع إلاّ درعي وما أمير المؤمنين بكاذب” فطلب شريح من
أمير المؤمنين البينة، فأجابه: “ما لي بينة” فقضى بالدرع للنصراني فأخذها ومشى بها خطوات وأمير المؤمنين ينظر إليه .
إلاّ أن النصراني توقف وقال: “أما أنا فأشهد أن هذه أحكام أنبياء . أمير المؤمنين يدنيني إلى قاضيه يقضي عليه” . ثم كشف عن سرّها وقال: “اتبعت الجيش وأنت منطلق إلى صفين، فخرجت من بعيرك الأورق” . فقال له علي رضي الله عنه  “أما إذا أسلمت فهي لك” .

وأحسن ابن أبي طالب رضي الله عنه الإسلام علماً وفقهاً، تماماً كما أحسنه عبادة وعملاً . حتى باتت فتاواه مرجعاً للصحابة في خلافة أبي بكر، كما في خلافة عمر وعثمان . فما ندّت عنه مسألة من مسائل الشريعة إلاّ وكان لعلي رضي الله عنه رأي فيها .

وكان رضي الله عنه يدعم رأيه بالحجج والبينات حتى ليبدو رأيه في المسائل التي تعرض عليه من أفضل الآراء . وهذا ما قاده لجعل الإسلام موضوعاً من موضوعات التفكر والتأمل، ولم يقصره فقط على فصول العبادة وإجراء الأحكام، حتى لكأنه امتاز بالفكر المحض والدراسة الخالصة، بغية الوصول إلى الحقائق العلمية التي توطنت في دين الله .

علم الكلام

ولعل صاحب “نهج البلاغة”، كان قد بدا فيما بعد للفقهاء والمتكلمين وأصحاب المدارس الإسلامية، المرجع الأول لعلم الكلام في الإسلام . ولا غرو في ذلك، فقد أقاموا مذاهبهم على أساسه، ابتداءً من المعتزلة ووصولاً إلى الأشعرية، حتى قيل لابن عباس: أين لعلمك من علم ابن عمك؟ فقال: كنسبة قطرة من المطر إلى البحر المحيط .

وما من شك أن ابن أبي طالب رضي الله عنه تتلمذ في طفولته المبكرة على أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم فاتبعها علماً وحديثاً ومنطقاً وأسلوب حياة . فبدا كأنه يغرف من المنبع الماء اللجين . وحين شب وكبر في دينه وعلمه أخذ يتتلمذ القرآن الكريم، ويستوحيه نصاً في عرفان إسلامه وتقرير إيمانه . وقد بدت نظرته إلى الخلق والخالق نظرة قرآنية، يبتكر ما شاء ابتكار التلميذ عن الأستاذ .

قال علي رضي الله عنه عن الطاووس: “ومن أعجبها خلقاً الطاووس الذي أقامه في أحكم تعديل . نضّد ألوانه في أحسن تنضيد، بجناح أشرج قصبه وذنب أطال سحبه . إذا درج إلى الأنثى نشره من طيه، وسما به فضلاً على رأسه . وقد يخسر من ريشه ويعرى من لباسه، فيسقط وتترى، وينبت تباعاً، فينحت من قصبة، نحتات أوراق الأغصان . ثم يتلاصق ثانياً، حتى يعود كهيئته قبل سقوطه، لا يخالف سالف ألوانه . ولا يقع لون في غير مكانه” .








طباعة
  • المشاهدات: 41979

إقرأ أيضا

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم