15-05-2014 12:05 AM
سرايا - سرايا - في العام 2008 مرت المصورة الفوتوغرافية روز لين فيشير بظروف مأساوية ما دفعها للبكاء كثيرا، ويوم ما، وبدلا من مسح الدموع فكرت فيشير بجمعها لترى كيف تبدو تحت المجهر.
وكانت تتساءل عمّا إذا كانت دموع الحزن التي تذرفها تبدو مختلفة عن دموع الفرح، لذا قررت استكشافها عن قربٍ تحت المجهر.
درست فيشر مئة نوع من الدموع المختلفة، ووجدت أن الدموع القاعدية التي ينتجها الجسم لترطيب العيون تختلف جذرياً عن الدموع التي تحدث عند تقطيع البصل. كما أن الدموع التي تذرف عند الضحك لا تشبه دموع الحزن على الإطلاق، فكل قطرة من الدموع تحمل صورة
مصغرة عن التجربة الإنسانية. وأسمت فيشر مشروعها هذا "طبوغرافيا الدموع".
وأوضح د. جوزيف سترومبرغ من كلية سميثسونيان للفنون والعلوم أن هناك ثلاثة أنواع رئيسية من الدموع؛ القاعدية، المنعكسة، والنفسية وهي الناجمة عن العواطف. والدموع تحتوي على مواد عضوية منها الزيوت والأجسام المضادة، والإنزيمات، العالقة في المياه المالحة، ولكل نوع من أنواع الدموع جزيئات متميزة. فالدموع العاطفية تحتوي على هرمونات البروتين بما في ذلك ليسين إنكيفالين العصبي، وهو مسكن طبيعي يفرزه الجسم عند الشغور بالألم ويتم إفرازه عند التوتر. بالإضافة الى ذلك، فإن النظر إلى الدموع تحت المجهر يظهر لنا أشكالا ونماذج مختلفة، وبذلك حتى الدموع التي تخرج في حالات الحزن المختلفة المنشأ، يمكن أن تبدو مختلفةً جداً.
وتقول فيشر "هناك الكثير من المتغيرات، هناك الكيمياء، اللزوجة، الإعداد، ومعدل التبخر وإعدادات المجهر".
والدموع تتحول إلى لونٍ كريستالي (بلوري) عند وضعها تحت المجهر، وتتنوع أشكالها وأحجامها. من هنا، يختلف شكل الدموع مع اختلاف الحالة النفسية التي يمر بها الإنسان والأسباب التي دفعته إلى البكاء.
وتقول فيشير "تملكني فضول كبير لأعرف كيف يبدو شكل الدمعة تحت المجهر، إذ كنا في سنوات الدراسة المدرسية نضع قطرة من الماء تحت المجهر لرؤية الكائنات الحية فيها".
ولحسن الحظ كان لدى فيشر المعدات اللازمة للبدء بتجربتها على الفور، عدسة زيس اعتيادية متصلة بمجهر رقمية تحتوي على الكاميرا من نوع QImaging MicroPublisher.
وتقول "عندما نظرت لأول مرة من خلال العدسة على أول عينات من الدموع، التي كان بعضها رطبا، وأخرى جافة، تفاجأت وذهلت من المناظر التي بدت كاللقطات الجوية، فكل المياه والبروتينات والمعادن والهرمونات والأجسام المضادة والأنزيمات التي تحتويها الدمعة رسمت منظرا مثيرا لمشهد يحاكي الأنهار والحقول والمباني، التي نراها عندما نحلق على بعد آلاف من الأقدام في الهواء.
وعلى الفور تبادر إلى ذهن فيشير الفيلم الشهير (powers of ten1977) الذي يقوم بتصوير العالم من الفضاء، وتقوم الكاميرا بعمل زوم إلى أن يصل إلى أصغر شيء في الوجود باستخدام المايكروسكوب، وهي ذرات الكربون في الذرة.
وتقول فيشير إن ما أثر بها أن كل صورة التقطتها لتلك الدموع المختلفة، بدت كأنها صور لبقايا حضارات قديمة، أخذت ملايين السنين كي تتشكل، بينما الصور التي شاهدتها من خلال المجهر تكونت خلال دقيقتين، إنه أمر رائع وعميق ويخبرنا الكثير عن المشاعر الإنسانية.
مع مرور الوقت أصبحت فيشير، تفكر في كيف أن الدمع يمكنه أن يخبر الكثير عن المشاعر، وتقول "فكرت هل يمكن لصور الدموع هذه التي تشبه المناظر الطبيعية أن تشكل نوعا من خريطة للحالة العاطفية التي تسبب ذرف الدموع، وهل يمكن لها البوح بمكنونات الإنسان".
وتقول "قمت بهذا المشروع كي أعكس الفن ولست عالمة ولكن قد يكون هذا المشروع بذرة أو نواة لمشروع علمي مستقبلي".