22-05-2014 11:09 AM
سرايا - سرايا - أثارت قضية استخدام عددٍ من الشباب لحبوب منع الحمل، والتي نشرتها عدد من وسائل الإعلام، استغراب وسخرية عددٍ من المواطنين وتساؤلهم عما يدفع هؤلاء إلى ذلك، ونتائجه الصحية الخطيرة، كما فتحت الباب على أحد الجوانب المهملة من قبل بعض الصيادلة وغياب الرقابة على جهات بيع ذلك النوع من الحبوب وشبيهاتها، وقدرة أي شخص في الحصول على بعض الأدوية دون وصفة طبية، وضعف الوعي الطبي.
ضعف الوعي الطبي
يقول الصيدلي محمد عبد اللطيف: إن عملية البيع العشوائي تكون عن طريق الثقة، أي من خلال عددٍ من الزبائن من أبناء المنطقة الذين يحضرون العلبة الفارغة، ويعطيه الصيدلي هذا النوع من الحبوب.
وأوضح أن إقدام الشباب على استخدام هذا النوع من حبوب منع الحمل يعمل على زيادة عددٍ من الصفات الجسدية للذكر الذي يتناولها، حيث إن الإنسان في بداية تكوينه يحمل المورثات والهرمونات الذكرية والأنثوية، حيث لا يتم تحديد نوع الجنس إلا بعد عدة أشهر من الحمل؛ ما يجعل الهرمونات لدى مستخدمي حبوب منع الحمل من الذكور تزيد من الصفات الأنثوية، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على ضعف وافتقار الجانب التوعوي الطبي.
وقال الصيدلي خالد عبدالكريم بدور: "المشكلة أن معظم السيدات لا يذهبن لطبيب أو طبيبة نسائية في حال قررت أن تأخذ حبوب مانع الحمل، وتقوم بشرائها دون الرجوع إلى الطبيب، وأخذها من الصيدليات، وهذا يعود إلى ضعف الوعي الطبي الاجتماعي"؛ ما يجعل استخدام هذا النوع متداولاً بين أيدي بعض الشباب.
اضطراب الهوية الجنسية
من جهة أخرى قالت أستاذ علم النفس المساعد بجامعة الأميرة نورة الدكتورة ولاء عبدالمنعم العشري : "تعد ظاهرة تعاطي الشباب حبوب منع الحمل والتشبه بالفتيات ضمن الاضطرابات النفسية، وتسمى اصطلاحاً "اضطراب الهوية الجنسية"، وهو تشخيص أو تصنيف يطلقه أطباء وعلماء النفس على الأشخاص الذين يعانون حالة من القلق أو عدم الارتياح حول نوع الجنس الذي ينتمون إليه".
وتابعت: "قد يظهر هذا النوع من الاضطراب منذ الولادة أو في فترة المراهقة، ويتميز بنفور شديد بشأن جنس الشخص الفعلي، ورغبة ملحة للانتماء للجنس الآخر، وينعكس هذا الاضطراب على سلوك الفرد واهتماماته، حيث يكون هناك انشغال دائم بملابس أو نشاطات الجنس الآخر، وينتشر هذا الاضطراب في البنين أكثر منه في البنات، وقد يتحول مستقبلاً إلى نوع من أنواع الانحرافات الجنسية".
أزمات حياتية
وتضيف العشري : "ليس ثمة أسباب محددة لاضطراب الهوية الجنسية بقدر ما هي عوامل مساعدة أو مهيأة مثل الأزمات التي يتعرض لها الطفل خلال حياته كالإيذاء البدني أو الجنسي، أو غياب الأم والأب، أو غياب أنماط التنشئة الصحيحة، أو ضعف الوازع الديني، أو غياب الرقابة، أو الرغبة في لفت الانتباه. وتجدر الإشارة إلى أنه ليس كل مظهر أو تصرف أنثوي عابر عند الطفل الصغير هو علامة حالة مرضية نفسية".
وتابعت: "كما أن هذه الظاهرة مختلفة عن الشذوذ شكلاً ومضموناً، إلا أن إهمالها قد يساهم في تطوره أو يشكل مظهراً معيناً من مظاهره. ويبقى الأهم هو الوعي الكافي والإدراك والتربية السليمة منذ الصغر، وتثقيف وتوعية الأجيال بعادات وتقاليد المجتمع التي لا تخالف ما أمر به الله عز وجل؛ لتفادي الانعكاسات السلبيّة فيما بعد".
مسؤولية مشتركة
كما كتب عضو برنامج الأمان الأسري الوطني عبدالرحمن القراش بعنوان "حبوب الياسمين.. للشباب الحلوين"، يوضح فيه أسباب إقبال الشباب على حبوب منع الحمل، حيث يقول: "طرأت خلال الفترة الماضية أفكار شيطانية على بعض الشباب لا نعلم مصدرها، وهي التنافس على تناول حبوب منع الحمل التي تستخدمها السيدات، ليس من أجل تنظيم النسل، ولكن من أجل تحسين الجسد، وإن أسباب استخدام الشاب لتلك الأدوية يعود إلى قلة الوازع الديني، وسهولة الحصول عليها، وسهولة استخدامها، وقلة الوعي الطبي الاجتماعي من خلال وسائل الإعلام."
ويؤكد القراش "أن هذه القضية مسؤوليتها ملقاة على عاتق الجميع، سواء في البيوت أو التعليم أو الإعلام الطبي، فلا سمح الله لو تفاقمت هذه المشكلة وازدادت فإن الخاسر الأكبر فيها هو الدين والوطن، فضلاً عن الخسارة الشخصية والاجتماعية، كما أرجو من وزارة الصحة أن توضح أضراره الطبية وخسائره المعنوية للحد من انتشار هذه الظاهرة."
فوائدها على النساء فقط
من جهة أخرى حاولنا البحث حول أنواع حبوب منع الحمل والأضرار التي قد تسببها، والتقينا استشاري النساء والولادة والمتخصص بطب وجراحة الأورام النسائية بكندا وعضو هيئة التدريس بكلية الطب بجامعة الملك سعود، الدكتور خالد عكور، حيث قال": "حبوب منع الحمل نوعان: إما عبارة عن هرمونات الإستروجين والبروجيسترون متحدة وهي الأكثر شيوعاً، أو هرمون البروجيسترون وحده لمن لا يناسبهن الإستروجين كمن ترضع طفلها أو من يشكل الإستروجين عليها خطراً كمن أصابتها جلطة دموية سابقاً أو من تعاني مرضاً في الكبد مثلاً، وهي مرخّصة من هيئة الغذاء والدواء الأمريكية لاستخدامها للنساء فقط، وحسب قواعد معروفة إما على شكل حبوب أو لصقات جلدية أو لولب أو غير ذلك."
وأضاف: "لاستخدامات طبية كمنع الحمل وتنظيم النسل، وتنظيم الدورة الشهرية، والتقليل من النزيف لمن عندهن اضطرابات في الدورة، وتخفيف الآلام واضطراب المزاج المصاحب للدورة، والآلام الشديدة المصاحبة لمرض البطانة المهاجرة، كما تستخدم كوسيلة مساعدة لعلاج بعض الأمراض إما لذاتها أو لما تحمله من معاكسة لعمل الأندروجينات أو هرمونات الذكورة، وذلك في حالات كتكيّسات المبايض".
وتابع: "وفي كل الحالات ثبت وجود فائدة من تناولها لدى النساء في علاجها ويزيد أو ينقص التأثير حسب تقبّل الجسم وصعوبة الحالة، وقد تم اعتماد هذه الاستخدامات ومنذ عقود بناءً على أبحاث ودراسات طبية تمت حسب الأعراف والأخلاقيات الطبية".
وأشار عكور إلى أن "لهذه الحبوب استخداماً أخيراً، وهو معاكسة هرمونات الذكورة، قد يكون ما يجذب هذه الفئة من الشباب لمحاولة إيجاد الأثر الذي يرغبونه، والملاحظ هنا أنه حتى للنساء لم تُعتمد هذه الأدوية لتنعيم الصوت أو تكبير الثدي أو غير ذلك مما ذكرت بعض الصحف عن بداية تداوله لهذه الأسباب بين الذكور في الخليج."
وواصل: "وكأي دواء فإن الاستخدام لا يخلو من أعراض جانبية تمت دراستها وتوضيحها من خلال الهيئات المخوّلة عالمياً بالنسبة فيما يخص النساء، وقد ثبت أن أعراضها ليست بتلك المخيفة لهنّ، خصوصاً فيما قبل سن اليأس، فهي في أسوأ حالتها قد تتسبب في حدوث جلطات دموية عند من لديهم القابلية لذلك، وفي هذه الحالة فإنها لا تعطى لهن في صورتها الحالية، بل تُعطى أنواع معينة فقط تخلو من الإستروجين، وتحت إشراف ومتابعة دقيقة، بل على العكس لها فوائد كبيرة، أذكر منها على سبيل المثال، وحسب الدراسات: التقليل من نسبة حدوث سرطان المبيض القاتل، تقريباً 50 بالمائة عند استخدامها لخمس سنوات تقريباً، كما تقلل من نسبة سرطان بطانة الرحم."
أسباب طبية وأخلاقية
ويشير الدكتور خالد إلى أنه "بالنسبة للذكور فإنه لا توجد دراسات لمعرفة الآثار، ولا أتوقع إمكانية وجود مثل هذه الدراسات مستقبلاً؛ لعدة أسباب طبية وأخلاقية، توجد هرمونات أنوثة لدى الذكور، وتوجد هرمونات ذكورة لدى الإناث، ولكن بنسب ضئيلة ومحسوبة من لدن الخالق - سبحانه وتعالى- بما يصلح لكل جنس، وبما يقيم وظائفه، ويحفظ هيئته وتركيبه الذي خلقه الله عليه".
وتابع: "واستخدام هرمونات الأنوثة للذكور والعكس، ومن وجهة نظر طبية، نادر جداً، ويكون في الحالات التي يتم فيها عمليات تحويل جراحية لشخص في أصله ذكر أو أنثى، ولكن لسبب ما كمشاكل في المستقبلات أو الإنزيمات ظهر المريض وكأنه عكس ما هو عليه جينياً، فاستخدامها هنا مسموح ومفيد؛ لأنه يتماشى مع الفطرة والتركيب الفسيولوجي الصحيح، وله دواعٍ طبيّة واضحة".
غير مقبول طبياً
وتابع قائلاً "إن استخدام هذه الحبوب لأغراض أخرى تتنافى مع الفطرة والدين، ثم العادات والتقاليد، خصوصاً في مجتمعات محافظة وسويّة، والحمد لله كمجتمعاتنا الخليجية، فمرفوض تماماً وغير مقبول من كل الزوايا، وبحكم التخصص فهو غير مقبول طبيّاً، وقد تكون نتائجه وخيمة على الفرد وعلى المجتمع ككل، بعد أن تظهر الأعراض الجانبية والمضاعفات الطبية والأخلاقية، الدوافع تختلف، وقد يكون منها اضطرابات الهوية، والتي يعرفها أطباء النفسية جيداً، وبالتالي دورهم مهم جداً في التشخيص والعلاج المعرفي والسلوكي ومساعدة من يعاني مثل هذه المشاكل، ومنها طيش الشباب والمراهقة وتجاربها، وضعف الدين لدرجة التشبه بالنساء، والذي يحتاج إلى وقفة جادّة من المختصين".