24-05-2014 10:19 AM
بقلم : فيصل تايه
لعل أهم حدث كياني في حياة الشعوب بمس وجودها واستقرارها هو استقلالها الذي يعبر عن قيمة رمزية ومادية في وقت واحد. فهو ضارب في التاريخ والمستقبل بجذوره العميقة .. وهو ذا أثر واضح في السياسة والاقتصاد والاجتماع والثقافة.. أي في ذلك المجال الواسع .. الذي نسميه فضاء الشعوب . كل هذا يمكن أن نستقيه من ذكرى عزيزة على قلب كل أردني ..فعيد الاستقلال ..على اعتباره أنة الحديث الأكثر أهمية هذا اليوم .. فتح صفحة من غد مشرق لأجيالنا ... فالخامس والعشرين من أيار ليس حدثا عاديا .. بل هو تتويج فعلي لإنجازات هذا الشعب بهمة رجاله وتضحياتهم . فمن حقنا أن نعلي الرايات لتبقى شامخة في ذكرى الحدث الكبير.. لترقى إلى منزلة الأطوار الكبرى في تاريخنا بل إلى أعلاها ، والتي هي ذات أثر كبير في نفوس البشر وعقولهم وإحساسهم ورؤيتهم لمستقبلهم . على هذا الأساس ندعو إلى إعادة تمثل ذكرى عيد الاستقلال باعتبارها من قبيل استرجاع الماضي واستدعاء المستقبل في سياق واحد جامع.. محفز مشجع للأردنيين جميعا من كل المنابت والأصول على مزيد من العطاء والبذل.
لهذا فإن أبناء أردننا في داخله وخارجه... كلهم بلا استثناء يقفون اليوم وقفة واحدة للتشبث بالأبعاد الفعلية.. والأبعاد الرمزية لعيد الاستقلال .. الذي يسهم كل عام في دفعهم من جديد نحو واجهة المستقبل المشرق للأجيال .. بل ويسهل عليهم الإسهام الإيجابي في نظرتهم للحياة .. ويمكنهم من الاضطلاع بمسؤوليتهم الوطنية في هذا النطاق. نعم .. إن ذكرى عيد الاستقلال أوسع من أن تكون مجرد استرجاع لحدث وقع في الماضي .. فهي في حقيقتها رمز لكياننا منه انطلق أردننا في منتصف القرن الماضي .. فمثل رؤى تاريخها المعاصر .. واستجمع مجمل سياساتها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية ضمن رؤية شاملة قادرة على تصور أسلوب الحياة .. المتمثلة في أصالته العربية الهاشمية ، فتواصلت وتعززت الصلة بين الراعي والرعية ..
إن الاستقلال قائم على مجموعة من القيم .. أهمها الإيمان بهذا الوطن .. وطن الجميع .. وطن المهاجرين والأنصار .. من أي منبت أو مشرب أو أصل متعاهدين على التضامن الذي يدعم الصلة بين كل الأردنيين بكل ألوانهم وأطيافهم ، فتمثل الوفاق والإخاء والتسامح بأروع صوره .. تجسيداً للقيم الخير والعطاء التي تربى عليها كل الأردنيين في بيت بني هاشم بفضل السياسة الرائدة للمغفور له جلاله الملك الحسين طيب الله ثراة التي أهلتهم لخوض غمار الحاضر والمستقبل. وورث ذلك الفكر جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين ليكمل المسيرة في إدارة الدولة الحديثة.. فحرص على أن يجعل أفكار التضامن والتسامح والوفاق من القضايا ذات القيمة المطلقة .. فأصبحت منسجمة مع الأفكار الرائدة لتبرز القيم التي شملت فهمنا للواقع وإحساسنا به .. وأثرت في مفهوم الاستقلال ذاته .. فلم يعد يوحي بأنه مجرد نهاية مرحلة سابقة ... إنما أصبح عهد العطاء والازدهار التي يدخلها الأردنيون متعطشين إلى تطبيق رؤيتهم لمستقبل زاهر .. وإنشاء كيانهم وتحقيق إرادتهم .. لهذا نشأ في أذهان الأجيال أن الاستقلال رمز النهوض .. والإقبال على صياغة كيان أردني مستقل رائد ودليل على التشبث بالحياة وانطلاقا من هذا الفهم يكتسب حدث الاستقلال معنى التجدد والدوام .. فهو حدث دائم الحضور في الذاكرة.. ذو أثر في الفكر.. وقدرة على تكوين الشخصية الوطنية الأردنية الأبية.. من هنا وجب أن يؤول بنا الأمر إلى أن نستذكر رمز كياننا .. لأن هذا التاريخ موصول بحديث الروح .. الضاربة في منظومة القيم التي تربط الأمم بماضيها .. وتصلها بتصورها عن ذاتها.. وتمنحهم معنى حيوية الأمة.. وتأجج روح العطاء بين أبنائها.
لهذا بقيت النظرة للمستقبل بمثابة الغاية التي يسعى إليها كل الأردنيين .. ويعملون في سبيلها.. لأن فيها حفظ لاستقلالنا.. وتأكيد لمناعتنا .. ورغبتنا في أن تبقى إرادتنا حرة أبد الدهر. فمن حقنا أن نتغنى بالاستقلال .. وان ترتفع راية العز والفخار لندرك أبعاد هذا الحدث الوطني الكبير الذي زرع فينا المزيد من حب الوطن .. والمزيد من الولاء لترابه الطهور .. والمزيد من التعاضد والتماسك والإخاء .. ليظل الأردن رمزا لكل التحديات وعنواناً للعطاء ونبراس خير وبركة . فلكم نحن في حاجة اليوم إلى تلك الإرادة التي تدفع الواحد منا نحو استحضار الاستقلال... وفهم معناه الحقيقي لنبني الإنسان بعزيمة الرجال وليبقى الأردن حرا عزيزا غاليا .