29-05-2014 11:14 AM
سرايا - سرايا - فى الكثير من دول العالم يتمّ فتح قصور الحكم للزيارة، ليستطيع المواطنون مشاهدة المقرات التى تُدار منها شؤونهم، وتشهد على جانب كبير من تاريخهم وواقعهم، ويحدث هذا مع القصور والمقرات الرئاسية والملكية التى ما زالت مسرحًا للأحداث السياسية، فالمواطن الأمريكى يستطيع زيارة “البيت الأبيض” والتجوّل فيه ومشاهدة مقتنياته وتنسُّم رائحة التاريخ والسياسة التى تعبّق ردهاته.
وفى مصر ربما نعرف الكثير من قصور الحكم والرئاسة، ولكن معرفتنا بها لا تزيد عن معرفة الاسم والموقع الجغرافى، لتظلّ هذه القصور مغلقة على تحفها وأسرارها، تنتقل عبر العهود والأزمنة والأنظمة الحاكمة، وتشهد اهتمامًا أو إهمالاً، ولكنها تظلّ مسرحًا كاشفًا لكثير من روح وتاريخ هذا البلد، فربما تنقل لنا الكتب تفاصيل التاريخ ومنحنيات الحكم التى شهدتها مصر فى العقود الكثيرة الفائتة، ولكن هذه القصور التى دفنت العشرات من الملوك والحكام والرؤساء، وشهدت على سقوطهم وانطفائهم، كما شهدت على صعودهم وازدهارهم، وحدها تستطيع منحنا تجربة شبه حيّة للتاريخ، نشعر فى أرجائها بأننا نعود فى الزمن إلى حيث كانت الأحداث قائمة وماثلة للعيان، فهل فكّرت يومًا فى أن تُطلِق خيالك فى رحاب قصور الحكم فى مصر؟، يمكننا أن نفعل هذا سويًّا فى هذا الملف.
عابدين.. 6 ملوك و3 رؤساء
كان قصر عابدين المقر الرئيسى للحكم منذ عهد الخديو إسماعيل، وتحول إلى مبنى إدارى فى عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك، بالإضافة لكونه مكانًا لاستقبال الملوك والزعماء.
تعود قصة القصر إلى الضابط عابدين بك، والذى كان يسكن فى بيت صغير فى هذا المكان، اشتراه منه الخديو إسماعيل، واستغله هو والمنطقة المحيطة به لإنشاء قصر كبير ليكون مقرًّا للحكم آنذاك.
حكم مصر من هذا القصر 6 حكام من أسرة محمد على، تلاهم الرؤساء: محمد نجيب وجمال عبد الناصر وأنور السادات، وأهم ما يميّز قصر عابدين تاريخيًّا وأثريًّا: الصالون الأبيض وغرفة مكتب الملك فاروق وصالون قناة السويس والقاعة البيزنطية وقاعة العرش وصالة للطعام وجناح “الحرملك” الذى يضم مجموعة من التحف والتماثيل والسجاد والساعات المحلاة بالذهب، إضافة إلى جناح الملك فاروق، وجناح الملكة فريدة، وجناح ولى العهد، وبالقصر ثلاثة متاحف، هى: متحف قصر عابدين الحربى، متحف الفضيات، ومتحف مقتنيات أسرة محمد على الذى أنشئ فى عهد مبارك، والقصر الآن مغلق فى أغلب أجزائه وأجنحته، بينما هناك جزء وحيد مفتوح، وهو المخصّص للموظفين الحكوميين التابعين لرئاسة الجمهورية.
العروبة.. دُرّة قصور الرئاسة
يُعدّ قصر العروبة – مقر رئاسة الجمهورية فى عهد النظام السابق – رمزًا للفخامة والإسراف فيها، فقد صمم القصر المهندس المعمارى البلجيكى “أرنست جاسبار”، ويضم 400 غرفة، إلى جانب 55 شقة خاصة، وقاعات بالغة الضخامة، وأشرفت على بناء القصر شركتان للإنشاءات، كانتا الأكبر فى مصر فى ذلك الوقت، وهما: شركة “ليو رولين وشركاه”، وشركة “بادوفا دينتامارو وفيرو”، فيما قامت شركة “ميسس سيمنز آند شوبيرت” فى العاصمة الألمانية “برلين” بمدّ الوصلات الكهربائية والتجهيزات الفنية الخاصة بالقصر.
رأس التين.. نهاية الملكية
تمّ بناء قصر رأس التين بالإسكندرية عام 1874، خلال حكم الخديو إسماعيل، وسُمِّى بهذا الاسم لأنه بُنِى على حديقة كانت مزروعة بالتين، ويحتوى القصر على صالة العرش، أو قاعة “الفرمانات”، وفى الدور الأرضى تقع “القاعة المستديرة”، وهى التى وقّع فيها الملك فاروق إقرار تنازله عن عرش مصر لابنه الملك الطفل أحمد فؤاد الثانى، لتشهد بداية نهاية الملكية فى مصر.
يضمّ القصر قاعة فريدة تمّ تشييدها على الطريقة البيزنطية المتواجدة فى قصر عابدين، كما يضمّ القصر قاعدة بحرية، وهو ما يجعل موقعه استراتيجيًّا للحكم، حيث يبرز شكله على هيئة حصن يتكون من 6 أعمدة جرانيتية تعلوها تيجان تحمل عتباته سبع دوائر من النحاس كتب داخلها “العدل باب كل خير”، و”اعدلوا هو أقرب للتقوى”، ويحيط به تمثالان لأسدين تتوسطهما كتلة رخامية بها طيور ودروع ونسران متقابلان، وقد تكلّف بناؤها وقتها 400 ألف جنيه.
القبة.. ضيافة الملوك والزعماء
تبلغ مساحة قصر القبة فدانًا كاملاً، إضافة إلى الحديقة التى تحيط به وتبلغ مساحتها 125 فدانًا، وتُعدّ عملية التنقّل داخله صعبة للغاية، وهو ما يجعله صعب التأهيل كمقرّ للحكم، وقد بناه الخديو إسماعيل، وألقى منه الملك فاروق أولى خطبه عبر الإذاعة المصرية عام 1936، وفى عهده تم استخدام القصر فى إقامة الاحتفالات الرسمية وحفلات الزفاف الملكية.
بعد هذا صار القصر مقر الإقامة الرسمية عام 1917، عندما حكم فؤاد الأول، والد الملك فاروق، وبعد ثورة يوليو 1952 أصبح أحد أهم القصور الرئاسية الرئيسية، وكان الرئيس الراحل جمال عبد الناصر يستقبل الزوار الرسميين فى هذا القصر، ولا يزال القصر مقرًّا رسميًّا لإقامة الزوار الرسميين لمصر حتى الآن.
الاتحادية.. مقر المخلوع والمعزول
كان قصر الاتحادية فى الأساس فندقًا تمّ تأسيسه تحت اسم “جراند أوتيل” عام 1910، وكان من ضمن أفخم الفنادق فى إفريقيا فى القرن العشرين، حيث يضم 400 حجرة إضافة إلى 55 شقة خاصة وقاعات اجتماعات واحتفالات ضخمة، وتم تأسيس حجرات المبنى آنذاك بأثاث فاخر من طرازى لويس الرابع عشر ولويس الخامس عشر.
أما القاعة المركزية الكبرى، فقد تمّ وضع ثريات ضخمة من الكريستال فيها، وكانت تحاكى الطراز الشرقى، ويبلغ ارتفاع قبة القصر 55 مترًا، ومساحة القاعة الرئيسية به 589 مترًا مربّعًا، وصمّمها المعمارى “ألكسندر مارسيل أوتيل”.
كان معمار القصر المميّز يلفت الأنظار منذ أن كان فندقًا، وبعد أن تحوّل إلى قصر رئاسى أصبح يجذب العديد من الملوك والشخصيات العامة والرؤساء، حتى تحول فى ستينيات القرن العشرين إلى مقر لعدة إدارات ووزارات حكومية، وفى يناير 1972 أصبح القصر مقرًّا لما عرف وقتها بـ “اتحاد الجمهوريات العربية”، والذى ضم آنذاك كلا من: مصر وسوريا وليبيا، قبل أن يتمّ إعلانه مقرًّا للرئاسة فى حقبة الثمانينيات.
المنتزه.. بوابة القصور الضخمة
هو أحد القصور الملكية، بناه الخديو عباس حلمى الثانى عام 1892، ويقع داخل حدائق تعرف باسم “حدائق المنتزه”، وهى من أهم المنتزهات فى الإسكندرية حاليًا.
عقب ثورة يوليو 1952 تم تحويل القصر إلى فندق، ومن المعالم الأثرية الباقية فى قصر المنتزه: برج الساعة الشهير، وكشك الشاى الذى تمّ بناؤه على الطراز الرومانى، إضافة إلى حديقة بها حائط كبير مجهّز لعرض أفلام السينما لتسلية الأميرات.
يتكون القصر من مبنيين: الأول “الحرملك” الذى يتبع مؤسسة الرئاسة، والثانى “السلاملك” الذى كان مخصّصًا لاستقبال الضيوف والاجتماعات، ويقال إن الرئيس الأسبق حسنى مبارك، ورئيس ديوان رئيس الجمهورية الأسبق عزمى زكريا، كانا يمتلكان قصورًا صغيرة “استراحات ” داحل قصر المنتزه.
الطاهرة.. مسرح حرب أكتوبر
رغم صغر حجمه إلا أنه يُعدّ واحدًا من أفخم القصور الرئاسية، وتبلغ مساحته 8 أفدنة – تقريبًا 33 ألف متر مربّع – ويحتوى القصر على عدد من التحف والتماثيل الرخامية لفنانين إيطاليين.
كان القصر مسرحًا للتخطيط والإعداد ومتابعة عمليات حرب أكتوبر 1973 والاستعداد لها، حيث توجد به صورة شهيرة للرئيس الراحل أنور السادات وحوله رجال الجيش، يقفون حول طاولة كبيرة يناقشون عليها خطة الحرب، وشهد القصر تصوير فيلم “الأيدى الناعمة” عام 1963، الذى قام ببطولته الفنان أحمد مظهر، وشاركه البطولة: صلاح ذو الفقار وصباح وليلى طاهر ومريم فخر الدين.
عابدين.. 6 ملوك و3 رؤساء
العروبة.. دُرّة قصور الرئاسة
رأس التين.. نهاية الملكية
المنتزه.. بوابة القصور الضخمة
الطاهرة.. مسرح حرب أكتوبر
الاتحادية.. مقر المخلوع والمعزول