حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,25 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 44546

التدْخِينُ وَأَثرَهُ الخَطِيرُ علَى آخِرَةِ المُسْلِمِ

التدْخِينُ وَأَثرَهُ الخَطِيرُ علَى آخِرَةِ المُسْلِمِ

التدْخِينُ وَأَثرَهُ الخَطِيرُ علَى آخِرَةِ المُسْلِمِ

03-06-2014 05:41 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د. منتصر بركات الزعبي
أذيةُ المسلمين مِنَ الكبائرِ ،وهي مِن الجرائمِ العظيمةِ في دينِ الإسلامِ ،كمَا أنَّ عقوبتَها أليمةٌ وعاقبتَها وخيمةٌ ،قالَ اللهُ تعالى في مُحكمِ تنزيلهِ: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا قالَ المفسرون في مَعنى هذهِ الآيةِ الكريمةِ : وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ أيّ: بأيِّ وجهٍ مِن وجوهِ الأذى مِن قولٍ أو فعلٍ . بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا أيّ: لمْ يكنْ ذلك لِسببٍ فعلوه يُوجبُ عليهم الأذيّة ويستحقونها بهِ ،فأمّا الأذيّة للمؤمنِ والمؤمنةِ بما كسبَهُ مما يُوجِبُ عليهِ حدًا أو تعزيرًا فذلكَ حقٌ أثبتهً الشرعُ.
ثمّ أخبرَ سبحانهُ أنّ مَنْ آذى المُؤمِنين والمؤمناتِ بغيرِ حقٍ فقدْ احتملَ بهتانًا وإثمًا يُعاقََبُ عليهما أشدّ العقوبةِ ،وفى الحديثِ الصحيحِ: (مَنْ آذَى مُسْلِمًا فَقَدْ آذَانِي ، وَمَنْ آذَانِي فَقَدْ آذَى اللَّهَ ).
لا أريدُ في مقالي هذا أنْ أتعرضَ للإيذاءِ الذي قدْ يُوقعهُ بعضُ المسلمين على بعضٍ مِن جرّاءِ سبٍّ أو شتمٍ أو غيبةٍ أو نميمةٍ أو قذفٍ أو أكلٍ للمالِ بالباطلِ وما أشبهَ هذهِ الأنواعِ مِن الإيذاءِ ،،وإنْ كانَ هذا إيذاءً منهيًا عنه، وهو داخلٌ في عمومِ قولهِ تعالى: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا .
وإنّما أريدُ أنْ أتعرّضَ لصورةِ مِن صُورِ الإيذاءِ الذي يقعُ على عمومِ المسلمين ألا وهو (التدخينُ)والذي يُعَدُّ كبيرةً مِن الكبائرِ وجريمةٍ مِن المحرّماتِ ،يغفلُ عنها الكثيرُ ولا يُلقونَ لها بالاً ،فالأذِيّةُ كلّما انتشرتْ دائرتُها وتوسَّعتْ ،كانَ إثمُ مُرتكبِها أعظمَ وعقوبتُه أشدُّ .
إنّ أيّ فعلٍ أو قولٍ فيهِ إيذاءٌ للنفسٍ أو للآخرين : سواءٌ بالتدخينِ أو غيرهِ ،سوفَ يُـكلِّفُ صاحبَهُ الكثير ًفي هذهِ الدنيا !! كما سيكلِّفُه الكثير أيضا ًأمامَ اللهِ تعالَى يومَ الحسابِ.
لأنّه بذنوبٍ مثلُ :التدخينِ والسجائرِ وغيرِها ،قدْ ألحقَ الضررَ بنفسهِ أولا ً ،وألحقَ الضررَ بالناسِ ثانيا ً،وأمّا أخطرُ هذين الضررين يومَ الحِسابِ ،فهو الضررُ الواقعُ على مَنْ حَولَهُ مِنَ الناسِ! كمَا بينَ ذلك النبِيِّ الكريمِ محمدٍ – صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ – عندما سألَ أصحابَه ذات يومٍ :(أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ؟) قَالُوا :الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ - فهذا بالفعلِ : هو تعريفُ (المُفلسِ) عندَ مُعظمِ الناسِ - حيثُ إنَّ (المُفلسَ) في نظرِهم : هو مَنْ لا يملكُ :مالاً ولا متاعا ًذا قيمةٍ إذا باعَهُ ،ولكنَّ النبيَّ الحكيمَ محمدًا – صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ - يلفتُ أنظارَ أصحابِهِ لمعنى (الإفلاسِ الحقيقيِّ) فيقولُ لهمْ:) إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ ،بِصَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ ،وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا وَأَكَلَ مَالَ هَذَا وَسَفَكَ دَمَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا ،فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ ،وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ ،فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ ،أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ ،فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ،ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ(رواه مسلم.
فهلْ استشعرتمْ معي جميعا ًالآن : خطورةَ إيذاءِ الناسِ في الدنيا بدونِ وجهِ حقٍ؟ فإذا أخذنا مسألةَ (التدخينِ) أو (السجائرِ) مثالا ًعلى ذلك : فسوفَ نجدُ أنّها للأسفِ الشديدِ :تؤثرِّ (برائحتِها الكريهةِ) و (آثارِها الصحيةِ الضارةِ) على كلِّ ما يُحيطُ بالمُدخِّنِ مِن:أصدقاءٍ وزملاءٍ في العملِ والجالسين بجوارهِ في :الحافلةِ والسيارةِ ومجالسِ الأتراحِ والأفراحِ (الدواوين) بلْ ويؤذي أحبَّ الناسِ إليهِ :زوجتَهُ وأولادَهُ ،بلْ وقدْ يصلُ إيذاؤه لأولادِهِ الذين لمْ يُولَدوا بعدُ في بطنِ زوجتِهِ! فهلْ رأيتمْ ضررًا أعظمَ مِنْ هذا الضررِ؟!
فهلْ تظنون معي وفي ضَوْءِ حديثِ (المُفلِسِ):أنّ مثلَ هذا (المُدخنِ) لديهِ مِن أعمالِ الخيرِ ما يسدُّ به ما عليهِ مِن (حقوقٍ) لكلِّ مَنْ (آذاهُ) يومَ القيامةِ؟!
هذا بالنسبةِ للضررِ الأولِ ،وهو الضررُ الناتجُ عن إيذاءِ الإنسانِ لِمَن حولَه مِنَ الناسِ.
ولكنْ ماذا عن الضررِ الثانِي ،وهو إيذاءُ الإنسانِ لنفسهِ؟!هلْ سَيُحاسبُه اللهُ تعالى عليهِ ؟ وفي هذهِ المناسبةِ : أنقلُ لكمْ (قاعدةً عظيمةً) للتحكّمِ في أفعالِ الإنسانِ المختلفةِ ،أخبرنا بها نبيُّنا الخاتمُ (محمّدٌ) - صلّى الله عليه وسلم - حينما قالَ : (لا ضَرَرَ ولا ضِرَارَ).
أيّ أنّه ليسَ مِن الدينِ : (ضررُ النفسِ) أو (ضررُ الغيرِ) ًبدونِ وجهِ حقٍ ،أيّ أنَّ الإنسانَ الذي يدمنُ الخمرَ مثلا ًأو يشربُ السجائرَ أو حتّى يتعاطى المخدِّراتِ ،ويظنّ أنّه إنّما يؤذي نفسَهُ فقطْ ولنْ يُحاسبَهُ اللهُ تعالى :فهو مخطئٌ بالتأكيدِ ،وذلكَ لأنَّ اللهَ تعالى سوف يحاسبه أيضا ًعن نفسه وجسده ماذا فعل بهما في حياته؟ ودعوني أوضح لكم ذلك بمثالين بسيطين :لو أنّ أحدَ الناسِ أعطاكَ (لباسًاً فاخرا ً) لتحضرَ بهِ إحدى المناسباتِ الهامّة ،كمَا هي حالُ الكثيرِ مِنَ شبابِنا في هذهِ الأيامِ مِمّن وقفتْ مصاعبُ الحياةِ في وجهِهِ فجعلتْهُ عاجزًا عن شِراءِ بذلةٍ لحضورِ مناسبةٍ عزيزةٍ على قلبِهِ لأخٍ أو صديقٍ ،أليسَ مِنَ الواجبِ عليكَ أنْ (تحافظَ) عليهِ ؟ لِكي تعيدَهُ إلى صاحبِهِ (سليما ً) (نظيفا ً) (غيرَ معيبٍ) بلَى بالطبعِ ! ثمّ لو أنّ صاحبَ عملٍ أعطى: (لباسا ًخاصا) لأحدِ العمّالِ لديهِ :(لحمايتهِ) و(وقايتهِ) أثناءَ عملِهِ ،ثمّ قامَ هذا العاملُ بـإتلافِ هذا اللباسِ الخاصِّ في أغراضٍ غيرِ أغراضِ العملِ ،هلْ يجوزُ لصاحبِ العملِ ساعتَها أنْ (يُعاقبَهُ) ؟أعتقدُ أنّ الإجابةَ هي :نعمْ بالطبعِ ، فاللهُ تعالى الذي خلقَ لنا هذهِ (الأجسادَ و الأبدانَ) التي هي غايةٌ في الروعةِ والإبداعِ ،قدْ أعطاها لنا لغرضٍ واحدٍ فقطْ ،ألا وهو :(اختبارُنا) بها في هذهِ الدنيا ،هلْ سنطيعُه ونعبدُه بها ؟ أمْ لا ؟هلْ سنبذُلها لهُ وفي مرضاتِه؟ أمْ سنعصيْهِ بها ونكفرُه ؟أليسَ مِنْ الحقِّ بعدَ ذلك أنْ (يُحاسبنَا) اللهُ على (إفسادِنا) لهذهِ (الأجسادِ والأبدانِ) فيما (لمْ يأمرْنَا بهِ) بدونِ وجهِ حقٍ ؟!وتلكَ الحقائقُ التي ذكرتُها لكمْ ،قدْ لخصّها لنا جميعا ًرسولُنا الكريمُ محمدٌ - صلَّى الله عليهِ وسلَّم - حينما قال َ:(لا تزولُ قَدَمَا عبدٍ يومَ القيامةِ حتَّى يُسألَ عن أربعٍ عَن عُمُرِه فيما أفناهُ وعن جسدِهِ فيما أبلاهُ وعن عِلمِهِ ماذا عَمِلَ فيهِ وعن مالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وفيما أنفقَهُ )أمّا نصيحتي لكم : فهي الالتفاتُ لقولِ رسولِكم محمدٍ - صلّى الله عليهِ وسلَّم -:(نعمتانِ : مغبونٌ - أيّ مخدوعٌ ومنقوصٌ - فيهما كثيٌر مِنَ الناسِ :الصِّحةُ والفراغُ )رواه البخاري
فصحتُك أيهّا الإنسانُ ووقتك : نعمتانِ كبيرتان جِدا ً.. ولكنْ للأسفِ : كثيرٌ منّا لا يُحسِنُ استغلالَهم ،فنرى الكثيرين منّا :يفرّطون في (صِحتِهم) ،ثمّ يطلبونَها بعدَ ذلك وقتَ ضعفِهم وكِبَرِهم لعملِ الخيرِ والعبادةِ قبلِ الموتِ :فلا يجدونها ،كما أنّ كثيرًا منّا أيضا ً: تضيع ُأوقاتُهم هباءًا على ما لا يفيدُ ،ثمّ يكتشفُ هؤلاءِ يومَ القيامةِ ،يومَ الحسابِ والجزاءِ أنَّهم قدْ انتقصوا مِن أعمالِ الخيرِ كثيرا ً: بسببِ تفريطهم في هاتين العملتين الثمينتين :الصحةِ والوقتِ ،ولنْ ينتهيَ الموقفُ يومَ القيامةِ والحسابِ ،إلّا بعدَ أنْ يفصلَ اللهُ تعالى بين جميعِ الخلائقِ بعدلهِ ، فإنّ رسولَ اللهِ الخاتَمَ (محمدًا) - صلَّى الله عليهِ وسلّم يُحذرنا جميعا ًفيقولُ : (لَتُؤَدُّنَّ الحُقُوقَ إِلَى أهْلِهَا يَومَ القِيَامَةِ ، حَتَّى يُقَادَ للشَّاةِ الجَلْحَاءِ مسلم - أي التي لا قرن لها- مِنَ الشَّاةِ القَرْنَاء).








طباعة
  • المشاهدات: 44546
برأيك.. ما خيارات ترامب للتعامل مع إيران بعد فوزه بانتخابات الرئاسة الأمريكية؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم