04-06-2014 08:19 PM
بقلم : د. عزام عنانزة
ثمة اعتبارات عديدة دفعتني إلى كتابة هذا المقال، منها المكانة الكبيرة التي تحتلها جامعة اليرموك في نفسي، فهي الجامعة التي التحقت بها طالباً في بداية مسيرتي العلمية في ثمانينات القرن الماضي، وعدت إليها أستاذاً بعد إكمال دراستي العليا، وبالتالي فقد كنت ولا زلت شاهداً على جزء من مسيرتها، ومنها أيضاً ما لمسته وشهدته بنفسي من خلال تجربة الدكتور عبد الله الموسى رئيس الجامعة خلال الثلاث سنوات الماضية من حقبته في رئاسة وإدارة شؤون الجامعة، والتي لمست فيها بعض ملامح تجربة الرجل التي يمكن تلخيصها على النحو التالي:
الميزة الأولى في تجربة الدكتور عبد الله الموسى هي الحرص على المال العام، فلا مجال للمساومة أو المفاوضة على حقوق الجامعة ولا مجال للإسراف أو التبذير أو الإنفاق غير المبرر، وقد أثمرت هذه السياسة عن ضبط النفقات وخفض المديونية دون أن يؤثر ذلك على سير العملية التدريسية أو البحث العلمي أو المساس بحقوق العاملين في الجامعة.
الميزة الثانية هو نهج المراجعة والتقويم الذي يأخذ به ويحرص عليه في كل صغيرة وكبيرة، بدءاً من اختيار الفريق الذي يعمل معه (نواب رئيس وعمداء ورؤساء أقسام ومدراء مراكز وغيرها)، وانتهاءً بأبسط الأشياء التي تخص الجامعة، وقد أثمر هذا النهج عن تصويب الكثير من الأوضاع غير السوية التي كانت تعاني منها الجامعة على أكثر من صعيد.
الميزة الثالثة: الإيمان المطلق بالعدالة والإنصاف والمساواة، ورفض الظلم، والاستعداد الدائم للمواجهة في سبيل الانتصار للحق باعتبار ذلك غاية مشروعة ونبيلة وقيمة عظيمة لا تستقيم حياة إنسانية أو جامعية بدونها، وبالتالي فهو لا يقبل إلا بما هو عادل وصحيح.
الميزة الرابعة هي نهج عدم التسامح مع العنف الجامعي (Zero tolerance with violence)، فلا مجال للواسطة أو المحسوبية من أي جهة كانت في مسألة العنف الجامعي. وربما يكون هذا النهج هو الذي أدى إلى نجاح الجامعة في مواجهة ظاهرة العنف الجامعي حتى بات إعلان جامعة اليرموك جامعة خالية من العنف مسألة يسيرة.
الميزة الخامسة في تجربة الدكتور عبد الله هي استخدام سياسة الباب المفتوح (Open door policy) فبوسع أي كان مقابلة الرئيس وإيصال رأيه بالطريقة التي يختارها ومناقشة المسائل التي يريدها دون قيود، والرجل يستمتع ويقبل النقد اللاذع والنصح المبطن.
الميزة السادسة هي الوقوف على مسافة واحدة من الجميع، وبالرغم من أن أسرة الجامعة ليست فريقاً واحداً من حيث علاقتها بالرئاسة إلا أنه يسجّل لرئيس الجامعة الدكتور عبد الله الموسى أنه يقف على مسافة واحدة مع الجميع، وهو منفتح على الجميع، ومنذ ثلاث سنوات لم يقبل دعوة من أي زميل في الجامعة.
الميزة السابعة هي التواضع، وهذه الميزة أكسبته احترام الجميع، فالرجل متواضع حد الزهد، وكل الناس لديه سواسية.
هذه بعض من ملامح تجربة الدكتور عبد الله الموسى، وقد انعكست هذه الملامح على الجامعة فأصبح لها حضور محلي وإقليمي لا يمكن تجاهله، ونمت وتوسعت وتطورت على أكثر من صعيد.
قبيل أيام أثمرت الجهود المتواصلة التي بذلها الدكتور عبد الله الموسى عن تحقيق انتصار على اجتهاد خاطئ لديوان المحاسبة يتعلق بصرف مكافئة نهاية الخدمة لأعضاء هيئة التدريس، وهو الموضوع الذي كان مثار سخط وغضب هذه الفئة من العاملين في الجامعة، وكان تحقيق هذا الإنجاز بعد جهود مضنية بذلها الرئيس تم فيها مخاطبة ديوان المظالم ووزارة التعليم العالي ورئاسة الوزراء، كما وظف الدكتور عبد الله الموسى علاقاته مع عدد من المسؤولين في هذه المؤسسات لتحقيق العدالة والإنصاف وصرف مكافئة نهاية الخدمة لأعضاء هيئة التدريس في جامعة اليرموك على نحو ما هو معمول به في الجامعة الأردنية في ضوء تماثل النصوص التشريعية ذات العلاقة. وقد نالت هذه الخطوة رضى واستحسان كافة العاملين في الجامعة، إلا أن نفر قليل من أصحاب الأجندة الشخصية قد حاول الغمز من قناة الرئيس بواسطة إعلان مدفوع الثمن في إحدى الصحف المحلية تم فيه شُكر عدد من المعنيين بالموضوع وتم استبعاد اسم صاحب المبادرة والفضل وهو الدكتور عبد الله الموسى؟! ندين مثل هذا التصرف ونحزن على هذه الفئة وندعو الله أن يهديها إلى سواء السبيل.
في النهاية أقول أن الدكتور عبد الله الموسى رئيس جامعة اليرموك صاحب نهج فريد في الإدارة والحكم الرشيد (Good Governance) يقود مسيرة الجامعة باقتدار إلى الأمام، وتحيط به بطانة صالحة نخص منهم بالذكر نائبا الرئيس د. عبد الله الجراح ود. أحمد العجلوني اللذان يتصفان بالشجاعة والصدق والذكاء، وإذا كانت بعض قوى الشد العكسي تحاول وضع العراقيل في طريقهم، فإن هذه الفئة لن تزيدهم إلا عزماً وإصراراً على المضي قدماً في خدمة الجامعة والوطن، فلا شك أن الإنجاز والبناء هو المعيار الصحيح والدقيق للحكم على الأشخاص وليس الإعلانات المدفوعة الثمن، فمن لا يشكر الناس وأهل الفضل، لا يشكر الله، وللحديث بقية.