10-06-2014 09:17 AM
سرايا - سرايا - بمناسبة قرب حلول شهر رمضان المبارك الذي وقعت فيه غزوة بدر ذات الأثر الأكبر في انطلاق دعوة الإسلام بعد تحقيق المسلمين نصرهم الأول على معسكر الكفر والشرك نقدم لكم شرحا مفصلا عن غزوة بدر الكبرى و بالصور.
في السابع عشر من رمضان من السنة الثانية للهجرة، خرج النبي صلى الله عليه وسلم في ثلاث مائة وبضع عشر من أصحابه – رضوان الله عليهم.
العدوة الدنيا
عسكر النبي - صلى الله عليه وسلم كما ستبين لكم الصور التاليع أول الأمر، والكثيب من الرمل هو العدوة الدنيا المذكورة في قوله الله تعالى :{ إِذْ أَنتُم بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُم بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَلَوْ تَوَاعَدتَّمْ لاَخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ وَلَـكِن لِّيَقْضِيَ اللّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ } ( الأنفال : 42 )
وأما المشركين - وعددهم تسع مائة وخمسون رجلاً - كانوا في العدوة القصوى- المذكورة في قوله تعالى :{ إِذْ أَنتُم بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُم بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى .... الآية } ( الأنفال : 42 )
وتحرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بجيشه ليسبق المشركين إلى ماء بدر، ويحول بينهم وبين الاستيلاء عليه، فنزل عشاء أدنى ماء من مياه بدر، وهنا قام الحُبَاب بن المنذر كخبير عسكري وقال : يا رسول الله، أرأيت هذا المنزل، أمنزلاً أنزلكه الله، ليس لنا أن نتقدمه ولا نتأخر عنه ؟ أم هو الرأي والحرب والمكيدة ؟ قال : ( بل هو الرأي والحرب والمكيدة ) .
قال : يا رسول الله، إن هذا ليس بمنزل، فانهض بالناس حتى نأتي أدنى ماء من القوم ـ قريش ـ فننزله ونغوّر ـ أي نُخَرِّب ـ ما وراءه من القُلُب، ثم نبني عليه حوضًا، فنملأه ماء، ثم نقاتل القوم، فنشرب ولا يشربون، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لقد أشرت بالرأي ) .
فنهض رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجيش حتى أتى أقرب ماء من العدو، فنزل عليه شطر الليل، ثم صنعوا الحياض وغوروا ما عداها من القلب. ( المرجع كتاب : الرحيق المختوم )
قال تعالى: { وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (41) إِذْ أَنتُم بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُم بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَلَوْ تَوَاعَدتَّمْ لاَخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ وَلَـكِن لِّيَقْضِيَ اللّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ } ( الأنفال : 42 ).
اقتراح سعد بن معاذ
وبعد أن تم نزول المسلمين على الماء اقترح سعد بن معاذ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يبني المسلمون مقرًا لقيادته؛ استعدادًا للطوارئ، وتقديرًا للهزيمة قبل النصر، حيث قال : يا نبى الله، ألا نبني لك عريشًا تكون فيه، ونعد عندك ركائبك، ثم نلقى عدونا، فإن أعزنا الله وأظهرنا على عدونا كان ذلك ما أحببنا، وإن كانت الأخرى جلست على ركائبك فلحقت بِمَنْ وراءنا من قومنا، فقد تخلف عنك أقوام يا نبي الله ما نحن بأشد لك حبًا منهم، ولو ظنوا أنك تلقى حربًا ما تخلفوا عنك، يمنعك الله بهم، يناصحونك ويجاهدون معك .
فأثنى عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيرًا ودعا له بخير، وبني المسلمون عَرِيشًا على تل مرتفع يقع في الشمال الشرقى لميدان القتال، ويشرف على ساحة المعركة . كما تم اختيار فرقة من شباب الأنصار بقيادة سعد بن معاذ يحرسون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حول مقر قيادته . وقد بُنِيَ في مكان العريش جامع وسمي بجامع العريش.
هذه قريش أقبلت بخيلائها
ولما طلع المشركون وتراءى الجمعان قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( اللهم هذه قريش قد أقبلت بخُيَلائها وفَخْرها تُحَادُّك وتكذب رسولك، اللهم فنصرك الذي وعدتني، اللهم أحْنِهُم الغداة )
ولما تم تعديل الصفوف أصدر أوامره إلى جيشه بألا يبدأوا القتال حتى يتلقوا منه الأوامر الأخيرة، ثم أدلى إليهم بتوجيه خاص في أمر الحرب، فقال : ( إذا أكثبوكم ـ يعنى اقتربوا منكم ـ فارموهم، واستبقوا نبلكم، ولا تسلوا السيوف حتى يغشوكم ) ثم رجع إلى العريش هو وأبو بكر خاصة،وقام سعد بن معاذ بكتيبة الحراسة على باب العريش .
أما المشركون فقد استفتح أبو جهل في ذلك اليوم فقال : اللهم أقطعنا للرحم، وآتانا بما لا نعرفه،فأحِنْه الغداة، اللهم أينا كان أحب إليك وأرضى عندك فانصره اليوم، وفي ذلك أنزل الله : { إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَاءكُمُ الْفَتْحُ وَإِن تَنتَهُواْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَعُودُواْ نَعُدْ وَلَن تُغْنِيَ عَنكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ } ( الأنفال : 19 )
ابتهال الرسول حتى سقط رداؤه عن منكبيه
أما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منذ رجوعه بعد تعديل الصفوف وهو يناشد ربه ما وعده من النصر، ويقول : ( اللّهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم إني أنشدك عهدك ووعدك ) ، حتى إذا حَمِىَ الوَطِيسُ، واستدارت رحى الحرب بشدة واحتدم القتال، وبلغت المعركة قمتها، قال : ( اللهم إن تهلك هذه العصابة اليوم لا تعبد، اللهم إن شئت لم تعبد بعد اليوم أبدًا ) . وبالغ في الابتهال حتى سقط رداؤه عن منكبيه، فرده عليه الصديق، وقال : حسبك يا رسول الله، ألححت على ربك .
وأوحى الله إلى ملائكته : { أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرَّعْبَ } ( الأنفال : 12 )، وأوحى إلى رسوله : { أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ } ( الأنفال : 9 ).
يقول الله تعالى عن هذا الحدث : { إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ (9) وَمَا جَعَلَهُ اللّهُ إِلاَّ بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } ( الأنفال : 10 )
وأغفي رسول الله صلى الله عليه وسلم إغفاءة واحدة، ثم رفع رأسه فقال : ( أبشر يا أبا بكر، هذا جبريل على ثَنَاياه النَّقْعُ ) [ أي الغبار ] وفي رواية ابن إسحاق : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أبشر يا أبا بكر، أتاك نصر الله، هذا جبريل آخذ بعنان فرسه يقوده، وعلى ثناياه النقع ).
الخروج من باب العريش
ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من باب العريش وهو يثب في الدرع ويقول : { سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ } ( القمر : 45 ) ،ثم أخذ حَفْنَةً من الحَصْبَاء، فاستقبل بها قريشًا وقال : ( شاهت الوجوه ) ورمى بها في وجوههم، فما من المشركين من أحد إلا أصاب عينيه ومنخريه وفمه من تلك القبضة، وفي ذلك أنزل الله : { وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللّهَ رَمَى } ( الأنفال : 17 ) .
وبدأت أمارات الفشل والاضطراب في صفوف المشركين، وجعلت تتهدم أمام حملات المسلمين العنيفة، واقتربت المعركة من نهايتها، وأخذت جموع المشركين في الفرار والانسحاب المبدد، وركب المسلمون ظهورهم يأسرون ويقتلون، حتى تمت عليهم الهزيمة . وأكرم الله - عز وجل - أربعة عشر صحابياً بالشهادة وأكرم الباقين بالنصر المبين والحمد لله رب العالمين ولا عدوان إلا على الظالمين.
ختاماً أسال الله أن يعيد للأمة الإسلامية أمجادها وينصرها على أعدائها، وأن يجعلنا من العاملين لهذا الدين حق العمل بصدق الدعوة إليه ونشر قيمه السامية بين الناس، وأن نضحي في سبيل ذلك بكل ما نملك، كما ضحى رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم و صحابته الكرام – رضوان الله عليهم.
قدم النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة بمن معه من الصحابة - رضي الله عنهم - من هذا الطريق
هنا عسكر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمسلمين أول الأمر
العدوة الدنيا وطريق القوافل وجبل الملائكة
هذه العدوة القصوى - المشار إليها بالسهم - حيث عسكر المشركون
في هذه الصورة تظهر العدوة الدنيا وجبل الملائكة ومكان المعسكر الجديد
جامع العريش الذي بني في مكان عريش رسول الله – صلى الله عليه وسلم -
الجامع العريش من الخارج
جامع العريش من الداخل
يقال أن الملائكة نزلت على هذا الجبل فسمي بجبل الملائكة ولا أعلم مدى صحة هذا الخبر
أسماء شهداء غزوة بدر