12-06-2014 09:51 AM
بقلم : العميد حسن فهد ابوزيد
في حزيران من كل عام تمر بنا أياماً خالدة في تاريخ الوطن. يوم الجيش.......حامي الوطن وحصنه المنيع... وثورة العرب الكبرى ... وجلوس جلالة الملك على عرش المملكة ...حزيران الوطن ...حزيران الخير ...... حزيران التاريخ ... يحق لنا في الأردن أن نفخر باحتفالات الوطن المجيدة التي تزامنت مع بعضها لتشكل ثلاثية مجيدة ذات أبعاد تاريخية عتيدة .
انه لمن يمن الطالع أن تتناغم هذه الأيام الوطنية ليحتفي بها الوطن من شماله لجنوبه ومن شرقه لغربه بما تحقق على هذا الثرى ثرى الحشد والرباط وارض الخلود والأنبياء والصحابة الإجلاء فالجيش مع الثورة قصتان تلاحمتا من اجل الوطن والأمة وهما وجدتا معا' وانبثقتا من جوف هذا الوطن الأغر ..الجيش العربي الأردني الباسل سطر بطولات تاريخية ومفصلية في مرحله مهمة في التاريخ العربي بشكل عام والتاريخ الأردني بشكل خاص حيث تحققت انتصارات خالدة بدءا من الثورة العربية الكبرى التي قدها أبناء الثائر الأول الشريف الهاشمي الحسين بن علي .... ومروراً بالملك المؤسس الشهيد عبدالله ابن الحسين شهيد الأقصى ومؤسس المملكة حيث دارت رحى معارك الشرف والبطولة فكانت معارك 48 دفاعاً عن الحق والدين والمقدسات الإسلامية في فلسطين ومعارك عام 67 ومعركة الكرامة الخالدة في عام 68 والنصر المبين في عهد الحسين العظيم أغلا الرجال واشرف النسب
فكانت البدايات الأولى مع بداية إعلان الثورة العربية التي أطلق رصاصتها الشريف الهاشمي الحسين بن علي من الحجاز معلنا' الثورة على الظلم والطغيان الذي دام قرابة أربعة قرون من الزمن طمست خلالها الهوية الوطنية والقومية العربية حيث :انطلق الشريف الحسين بن علي في ثورته انطلاقاً من ثلاثة مبادئ أساسية تدور حول: انتماءه الشديد لعقيدته الدينية, وولاءه لعروبته, وإخلاصه لأمته, حيث قال تأكيدا على ذلك ( إنني أحب قومي وبلادي وديني أكثر من أي شيء في هذا الوجود وإننا نحارب من أجل غايتين شريفتين هما حفظ الدين وحرية العرب عامة).
بقي هذا الوضع المتأزم لدى العرب حكم الأتراك حتى قيض الله لنا الهاشميين البررة بقيادة الشريف الهاشمي الحسين بن علي وأبناءه لإنقاذ هذه الأمة من براثن سيطرة حزب الاتحاد والترقي الذي ارتكب أبشع الجرائم بحق الأحرار العرب حيث تناد العرب بإحياء القومية العربية وطالبوا بتحقيق استقلالهم ووحدتهم في دولة مستقلة خاصة بهم وعندما ارتكب حزب الاتحاد والترقي الذي يقوده جمال باشا السفاح الجرائم الكبيرة بتعليق الكثير من الأحرار العرب على أعواد المشانق فكانت القشة التي قسمت ظهر البعير فبدأت الاستعدادات للتحرك باتجاه إعلان الثور ضد العثمانيين لتحقيق أهدافها التي تمثلت في استقلال ووحدة وحرية الأقطار العربية في قارة أسيا وفقاً لميثاق دمشق الذي وضعته جمعية العربية الفتاة, وحمله الأمير فيصل بن الحسين لوالده في أيار 1915م, ولم تخرج رسائل الشريف حسين- مع مكماهون تموز 1915م- نيسان 1916م عن إطاره.
أما الهدف الثاني الذي كان الشريف يسعى إلى تحقيقه فهو الدفاع عن الدين الإسلامي الذي شوهه الاتحاديون وفي ذلك يقول الشريف' نحن نحارب من أجل غايتين شريفتين حفظ الدين وحرية العرب عامة'.
فقاد الهاشميون الجيوش العربية التي انطلقت من الحجاز بعد أن التّف حولهم كل الأحرار العرب وكان من بين هذه الجيوش الجيش الشرقي الذي قاده الأمير عبدالله بن الحسين متوجها 'به صوب الشام في بداية العشرينيات من القرن الماضي حيث كانت وجهته إلي سوريا لتحريرها للمرة الثانية بعد خلاصها من الأتراك وعلى اثر ما حدث أعقاب معركة ميسلون عام 1920 التي استشهد فيها القائد العربي (يوسف العظمة) ودخول الفرنسيين لشمال سوريا حيث سقطت سوريا تحت الانتداب الفرنسي ولأردن تحت الانتداب البريطاني على اثر ذلك استنجد آهل سوريا بالشريف حسين بن علي لتخليصهم مما هم فيه
من هنا جاء تحريك هذا الجيش الذي قاده الأمير عبدالله بن الحسين الذي وصل به مشارف مدينة معان عام 1920 ومن هناك استنجد بالأحرار العرب الذين استجابوا له وتجمعوا للانضمام للجيش الذي تحرك به سمو الأمير عبدالله قاصدا' سوريا لتخليصها من الوضع الراهن .
أمام هذه الظروف كان لا بد من إيجاد موطئ قدم للتحرك فيما بعد لتحرير سوريا وما تبقى من الأراضي العربية في بلاد الشام وغيرها واخذ الأمير عبدالله على توطيد أركان الإمارة الأردنية الفتية التي تم تأسيسها عام 1921 حتى أصبحت إمارة مستقلة في 25/5/1923 فكانت البدايات الأولى لتأسيس الجيش العربي الأردني من النواة الأولى لقوات الثورة العربية الكبرى التي جاءت مع الأمير عبدالله من الحجاز بعد انضمام العديد منهم في معان وأطلق عليها اسم (الجيش العربي ) ليظل هذا الجيش جيشا' لكل العرب كما هي الثورة العربية الكبرى لكل العرب
تطورت هذه القوات التي اتخذت من اسمها الجيش العربي من حيث التسليح والتدريب وزيادة عدد منتسبيها حتى أصبحت قوة قادرة على حماية الأمارة في بداية تأسيسها فعمل الأمير عبدالله على تقويتها حتى جعل منها مملكة مستقلة عام 1946 بعد أن استطاع انتزاع اعتراف بريطانيا بها لتعرف في الخامس والعشرين من عام 1946 باسم المملكة الأردنية الهاشمية ليتربع جلالة الملك المؤسس عبدالله ابن الحسين على عرشها كأول ملك في التاريخ الأردني
لننتقل من بعد إلي مرحلة مهمة آخري من تاريخ الأردن قادها الهاشميون البررة في العهود المتتالية ففي فترة حكم المملكة الثانية بقيادة الملك طلال رحمه الله الذي أنجز للأردن وتم في عهده تحديث الدستور الأردني بالرغم من قصر مدة حكمه وعمل على تقوية العلاقات الأردنية العربية وعلى صعيد التعليم الابتدائي جعله إلزاميا
في المملكة الثالثة وهي من الممالك المهمة كانت في عهد الملك الراحل الحسين بن طلال رحمه الله الذي تسلم زمام الأمور منذ عام 1952 وحتى 1999 حتى توفاه الله بعد انجازات كبيرة على مختلف الصعد السياسية والاقتصادية والعسكرية على مدار قرابة نصف قرن من الزمن كان من أهمها اهتماماته بالجيش حيث كان يعطي جلّ اهتمامه بالجيش من حيث تم تدريبه وتسليحه وتطويره لمواكبة الجيوش المتطورة في المنطقة
, فكان الانتصار الأول الذي تحقق في الكرامة عندما تم تحطيم أسطورة الجيش الذي لا يقهر ليقهر من قبل نشامى الجيش العربي الأردني حيث قدم جيشنا العربي الباسل خلال المعارك التي خاضها في الصراع العربي الإسرائيلي ما لا يقل عن 2454 شهيدا' امتزجت دماءهم الزكية بتراب الوطن
لم يقتصر دور الجيش العربي على الحرب فكان بيد يحمل السلاح وباليد الأخرى يعمر البناء ويعلي البنيان فكان له دورا' تنمويا واقتصاديا' في مختلف المجالات يساهم في البناء والأعمار إلي أن تطور هذا الجيش في عهد المملكة الرابعة
في عهد جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين الذي نحتفل بعيد جلوسه الخامس عشر على العرش زاد من تطوير هذا الجيش وتحديثه بأحدث الأسلحة والمعدات منذ أن تسلم جلالته سلطاته الدستورية عام 1999 وحتى وقتنا الحاضر فساهم الجيش في دفع عجلة الاقتصاد الأردني من خلال إقامة الشركات والمصانع التي ساهمت وتساهم في فتح الطرق ولأعمار وتجهيز المطارات وإقامة السدود كما تساهم في دعم الطبقات الفقير ومحدودة الدخل بتوفير السلع الضرورية من خلالها توفر الأسواق الاستهلاكية العسكرية في مختلف محافظات وقرى وأرياف وبوادي المملكة ولا ننسى دور هذا الجيش خارج الوطن والمساهمة في نشر الأمن والأمان في مختلف مناطق الصراع في العالم حيث يحمل بيديه رسالة السلام والإنسانية يقدم من خلالها أيضا المساعدات للشعوب المنكوبة في العديد من المناطق المضطربة من العالم وهذا لم يكن ولم يكون لولا العناية الكبيرة من لدن جلالة الملك عبدالله بن الحسين بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة الأردنية الباسلة الذي جعل للجيش هذه السمعة الكبيرة التي تتمتع بها هذه القوات مما جعلها مؤهلة لهذا الدور خارج وداخل الوطن
في الختام سيبقى الجيش العربي الأردني الباسل وستبقى الثورة العربية الكبرى وعيد الجلوس على العرش ثلاثية حزيران المجيد التي نحتفل بهما ونحن رافعين الرأس عالياً بهذا الوطن الغالي وقائده ونتمنى لهذا الجيش العربي الهاشمي في يومه وفي ذكرى ثورته ثورة العرب الأولى ولجلالة القائد في عيد جلوسه على العرش كل التوفيق والسؤدد ليبقى الجيش حامي الحمى وسياج الوطن وأمنه المنيع تحت ظل قيادته المظفرة وكل عام والوطن وقائده بألف خير