13-06-2014 09:31 AM
سرايا - سرايا - في غزة حكايات لايعلم عنها أحد ،فالمعاناة التي تضمها شوارع وأزقة القطاع المنهك والمثقل بهموم أبنائه لها فنون وقصص أغرب من الخيال ..وحكاية المواطن "ن.ن" وزوجته واحدة من هذه القصص التي تحمل معاناة مجنونة لا ترأف بحال صاحبها،ولا تتوقف عن إغراقه في وحل الفقر والحاجة وظلم ذوي القربى..
في بيتٍ لا يتجاوز 30متراً بدأ المواطن "ن.ن" بسرد تفاصيل حياته التي أنهكته حتى الوجع ، تفاصيل وأحداث كأنها مقتطعة من مسلسل ديكو درامي صُور خصيصاً ليبث ضمن حلقات الإثارة والخيال ، وأبطال هذا المسلسل يتوزعون حسب المشاهد التي يرغب مخرجه بعرضها .
حكاية الزوج "ن.ن" يرويها لدنيا الوطن بعد أن ضاق به الحال وتوقف عن عمله منذ عامين بعد أن أنجب ثلاثة أطفال كان لهم نصيب الأسد في معاناتهم معه ، إلى جانب زوجته التي دخلت السجن في قضية نقل عملات مزورة تاركة خلفها طفلين اختفت ملامح الحياة من أعينهم وارتسمت فوق شفاههم بسمة ضاعت بهجتها مع عثرات الزمن الذي لا يرحم طفولتهم .
في التفاصيل حكاية حياة أسرة كاملة انهارت ووقعت في طريق لا مخرج منه سوى مقدرة الله ، فالأطفال والأب والأم جميعهم ضحية المجتمع .
المواطن "ن.ن" والذي يبلغ من العمر 33 عاما ، يجلس في منزلٍ اختفت منه مظاهر الحياة الكريمة، وبدت الحسرة وقسوة الأيام تتزاحم على قسمات وملامح وجهه..يقول وعيناه تنظران الي الأرض: " منذ سنوات وانا أحاول ان ابحث عن عمل يكون مدخل رزق ولكن دون جدوى لاسيما بعد أن أصبت بمرض في العين يتسبب بنزيف في حال تعرضت لأشعة الشمس" .
ويواصل المواطن -الذي نتحفظ علي اسمه نظراً لخصوصية العائلة- حديثه لدنيا الوطن وهو يحاول أن يحتضن أطفاله: " منذ فترة حكم علي بالسجن نظراً لشجار وقع بيني وبين أحد الأصدقاء وقضية أخرى أتحفظ عن ذكرها ، وحياتي تدخل الجحيم لاسيما بعد المصيبة التي حلت على العائلة بسجن زوجتي في قضية تزوير عملات والمساهمة في نقلها " .
ويضيف "ن.ن":" مطلبي ليس أن اعمل فقط ، أنا بحاجة لمنزل أحتضن أطفالي به ،لان هذا المنزل لا استطيع تسديد أجرته الشهرية، وفي نهاية هذا الشهر سوف يتم طردي وأطفالي خارج المنزل كما حدث بالمرات السابقة ،لقد طردت وأطفالي عدة مرات لعدم قدرتي على تسديد أجرة المنزل ،ولكن أهل الخير ومكتب نواب التشريعي استأجروا لي هذا المنزل لثلاثة شهور ولا يستطيعون تجديد الإيجار".
الزوجة علي ذمة رجلين.. وحكاية أشبه بالخيال
تقدمت خطوة تلو الأخرى باحثة عن مكانٍ تختبئ به من عدسة كاميرا دنيا الوطن ، ولكن دون مفر فحكاية الشقاء والندم تظهر علي وجهها، فضلاً عن نبرة صوتها التي اختفت في بداية حديثها معنا..أخذت تسرد حكايتها وهي تحول عبثا أن تدير وجهها عن الكاميرا، وقالت: "تزوجت عنوةً قبل أعوام ،تقدم لي رجل من بئر السبع ملتحي وشيخ دعوة ، رفضت في البداية فكرة الزواج والارتباط به لاسيما واننى كنت صغيرة في السن ، وبالإكراه أجبرني أهلي على الزواج منه به ،وبعد ان رفضتني المحكمة لصغر سني ، حدثت مشاورات بين العائلة والشيخ الذي تقدم لي بأن يجلبوا ( مأذون ) للبيت وأن يكتبوا الكتاب دون الأخذ بإجراءات المحاكم الشرعية .
تواصل الزوجة حديثها ": بعد شهور انفصلت عنه بعدما اكتشفت انه متزوج من ثلاثة نساء قبلي ، فأخبرته والدتي بأنني أريد الانفصال خاصة أنه لم يلتزم بدفع المبلغ الذي اتفقنا عليه وقيمته 7آلاف دينار أردني ،ولكن بعدها جرت محاولات لأن أعود إليه مرة أخرى،فتزوجته، ولكن المشاكل كانت مستمرة بيني وبينه ،وبعد زواج دام أكثر من سنتين أنجبت منه طفل وطفلة وبعدها هربت لغزة وتركت أطفالي دون أن يُطلقني ، واستقريت عند شقيقي الذي كان يقيم في غزة " .
حياة الجحيم بدأت منذ دخولي غزة.. تشردت في الشوارع وكنت مكبلة اليدين بالجنازير
وتتابع الزوجة حديثها: " عند دخولي لغزة لم أكن أعلم أن حياة الجحيم الحقيقية ستكمن في منزل أخي الأكبر الذي كُنت متوقعة بأن حياتي ستكون للأفضل عنده وأنه سينصفني من هذه الخلافات ولكن كل ما كنت أتخيله من حياة الرفاهية والراحة بعد تعب سنوات عديدة تحول الي غزة بهروبي وقدومي لمنزل شقيقى إلى جحيم حقيقي ".
وتُكمل "أ.ن" حديثها : " زوجة شقيقي لم يعجبها ان أعيش معهم بالمنزل وكان شقيقي يأخذ بكلامها فكان دوماً يحرمني من الخروج او تناول الطعام وأغلب الأوقات كُنت مكبلة اليدين بالجنازير، لدرجة اننى هربت من المنزل وبقيت لفترة طويلة أقضى نهاري وليلي في الشارع ، هاربة من واقع وعذاب أكبر وأكثر من الذي مضى ".