حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
السبت ,19 أبريل, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 84308

أبعاد المسح الجيني السطحي في الإسلام

أبعاد المسح الجيني السطحي في الإسلام

أبعاد المسح الجيني السطحي في الإسلام

15-06-2014 02:10 PM

تعديل حجم الخط:

سرايا - سرايا - لقد نشرت مجلة نيتشر مؤخرا مقالا عن مسح الحمض النووي الجنيني أو ما يسمى المسح الجيني السطحي و ما آلت إليه الشركات من تنافس على استحداث الحالات الشاذة لتجري مزيدا من الاختبارات على الأجنة، حتى تتنبأ بمصيرهم و وضعهم الصحي في المستقبل، مما يضع كثيرا من العائلات أمام خيارات صعبة و مصيرية.


و لكن ما هو المسح الجيني السطحي؟ و ما مدى دقته و فعاليته في تحديد مصير الجنين؟ و ما هي تبعاته ؟ و بناء على أجابات هذه الأسئلة؛ ما حكم استخدام هذه الأساليب من المنظور الإسلامي؟

يقصد بالمسح الجيني عرض تسلسل المادة الوراثية لإنسان للكشف عن أي خلل أو طفرة في جين أو مجموعة من الجينات و التي قد تؤدي الى ظهور صفات غير مرغوب فيها كالأمراض و التشوهات الخلقية، و يستخدم المسح الجيني لأغراض معرفة حالة الجنين الصحية في مراحل مبكرة و التنبؤ بالأمراض التي قد يصاب بها بالإضافة إلى تحديد جنس الجنين.

و قد شهد العالم تطورا كبيرا في مجال الكشف عن الشذوذ الجيني فظهر عدد كبير من الشركات التي استحدثت عدة اختبارات لهذه الغاية، وكما ذكر بالمقال فقد أصبحت هذه الشركات تتنافس على اضافة المزيد من حالات الشذوذ الجيني التي يمكن أن تجري اختبارات جديدة للكشف عنها، بحيث انتقلت من البحث عن خلل في الكروموسومات كالحذف أو المضاعفة و التي تعطي نتائج واضحة في النهاية إلى البحث عن الحذوف المجهرية الدقيقة ضمن الكروموسومات والتي قد لا تعطي نتائج دقيقة أو مفهومة كونها تشمل عدد أقل من الجينات مما يجعل التنبؤ بأثرها أصعب و قد لا يظهر أثرها لاحقا على حاملها.

و لقد ازداد قبول الناس لاجراء المسح الجيني بكافة مجالاته و تنامى عدد النساء الحوامل اللواتي يجرين هذه الاختبارات خاصة في الولايات المتحدة الأميركية مما دفع شركات تسلسل الجينوم إلى تحديث اختباراتها و إجراء المزيد من الدراسات لإثبات صحة و فاعلية أعمالها و بالتالي إقناع الناس بأهمية إجراءهذه الفحوصات.


ومما لا شك فيه أن الاكتشافات المتعلقة بالجينات و الوراثة تعد تطورا كبيرا و ثورة عظيمة في مجال العلوم و الطب، و أن لهذه الثورة أثر واضح على النواحي الاقتصادية و الاجتماعية،و يعد المسح الجيني جزءا من هذه الثورة ،و لكن هناك بعض التحفظات على نتائج هذه التقنية و التي قد تكون غير دقيقة في بعض الأحيان؛ فالطفرات التي تطرأعلى الجينات قد لا يظهر أثرها على حاملها في بعض الأحيان، و السبب أن الطفرات قد تقع في مكان غير فعال أو غير نشط في الجينات أو قد يكون أثرها طفيف أو غير واضح، و مع هذا تقود نتائج المسح الجيني بعض الآباء إلى اتخاذ قرارات مصيرية كالتخلص من الجنين رغم عدم فهمهم الكبير لهذه النتائج و التي قد لا تحتاج رد فعل مماثل.

إذن، أين هو الدين الإسلامي الحنيف من كل هذه التقنيات المتطورة في عصرنا هذا؟ و هل هناك ضوابط و أسس شرعية يجب أخذها بعين الاعتبار قبل مجاراتها؟


لقد جاء الإسلام دينا شاملا لكل قضايا الحياة و صالحا لكل زمان و مكان و هو أساس كل ما نفعله في حياتنا في جميع المجالات، و خاصة في المجال العلمي، و بما أن العلم في تطور سريع و مستمر فقدت غدت الحاجة ملحة لربط كل ما هو جديد بالأسس الإسلامية الصحيحة، مما يحتاج إلى اجتهاد و بحث مستمر من قبل العلماء المسلمين.أما فيما يتعلق بمسألة المسح الجيني فهناك جوانب عديدة يجب البحث في توافقها مع مبادئ الإسلام.


أولا: إتفق العلماء المسلمون على أن أبحاث الجينات بشكل عام هي أبحاث مشروعة إذا كان الهدف منها مشروعا كالعلاج و الوقاية من الأمراض بالإضافة إلى أن هذه الأبحاث ضرورية لزيادة فهمنا لجسم الإنسان و التعمق في خلق الله تعالى الأمر الذي حثنا عليه القرآن الكريم و السنة النبوية. ولكن تبقى هناك بعض الخطوط الحمراء و أهمها الإنسان فقد كرم الله سبحانه و تعالى بني آدم و بالتالي فإن أي فعل يمس كرامة الإنسان و روحه و كيانه فهو مرفوض ليس فقط من الدين الإسلامي بل من الأديان و الأعراف الأخرى.

ثانيا: هناك مسائل شائكة حول هذا الموضوع أهمها مسألة الإجهاض، فعند الحصول على نتائج غير مرغوب فيها من المسح الجيني الجنيني يطرح الإجهاض كخيار قوي لتجنب المتاعب الناتجة عن إنجاب طفل مشوه أو مريض، ولكن ما حكم الإجهاض في الدين الإسلامي ؟ و إن أجازه فما هي الشروط؟


مما لا خلاف فيه عدم جواز إجهاض الجنين بعد نفخ الروح فيه، و لكن الخلاف في حكم إجهاضه قبل نفخ الروح فيه قائم بين المذاهب بل و تعددت الأقوال في المذهب الواحد ، و بالرغم من ذلك رجح بعض العلماء كالإمام الغزالي رحمه الله تحريم إجهاض الجنين في جميع مراحله وأطواره حيث قال في كتابه إحياء علوم الدين : " وأول مراتب الوجود أن تقع النطفة في الرحم وتختلط بماء المرأة وتستعد لقبول الحياة وإفساد ذلك جناية فإن صارت مضغة وعلقة كانت الجناية أفحش وإن نفخ فيه الروح واستوت الخلقة ازدادت الجناية تفاحشا، ومنتهى التفاحش في الجناية بعد الانفصال حيا " انتهى.أما بالنسبة للجنين المشوه فقد تعددت اجتهادات العلماء و تعددت الآراء مما يترك المسلم في حيرة من أمره تجاه استخدام هذه التكنولوجيا و عواقبها.

من هنا تنبع الحاجة لفهم مدى أهمية الاختبارات التي تجريها شركات تسلسل الجينوم و التمييز بين الضروري و غير الضروري ، و معرفة أي الطفرات قاتلة و أيها غير مؤذية أو ظاهرة ، فضلا عن الفصل بين الكشف المبكر عن الأمراض الوراثية و الكشف عن الصفات المرغوبة و غير المرغوبة على الصعيد الشخصي للآباء مما يضعهم في دور اختيار الجنين الأفضل .
لهذا يصعب وضع فتاوى محددة لاستخدام المسح الجيني الجنيني فهو بحاجة للأشخاص الأنسب ممن يضلع في علم الجينات بالإضافة للأحكام الشرعية و الفقه الإسلامي ، و يملكون القدرة على الربط السليم بينهم.

ثالثا: ما هو مصير الأجنة البشرية التي تجري عليها الاختبارت أو التي يتم إجهاضها؟ هناك ضوابط شرعية و أخلاقية و إنسانية للتعامل مع الأجنة البشرية فهي بذرة الانسان و تنفخ فيها الروح لذا يجب احترامها، أيضا هناك ضوابط لاستخدام الأجنة المجهضة في التجارب و الأبحاث العلمية بحيث يكون بموافقة الأهل على أن لا يكون سببا للإجهاض علما أن فقهاء الإسلام أجازوا استخدام الفائض من الأجنة البشرية في الأبحاث ضمن شروط معينة.

لا شك في أن المسح الجيني الجنيني يشكل ثورة من ثورات العلم و تطور مفيد و نافع للبشرية و لكن يجب أن توضع عليه الضوابط الشرعية و الفتاوى المناسبة من قبل العلماء المسلمين لما يترتب عليه من نتائج و لما له من أبعاد قد تكون سيئة بسبب انفلات بعض الجهات المستخدمة لهذه التقنيات و تماديها في تضليل الآباء و استغلالهم.


إن الدين الإسلامي هو دين الحق و قطار العلم و الحياة سريع جدا، لذا غدونا بحاجة إلى فهم عميق للعلاقة المتأصلة بينهم و لكن بالشكل الصحيح، مما يضع العلماء المسلمين أمام تحد كبير للوصول إلى الرأي السليم دون التعصب و التشدد أو التهاون في الدين. "بقلم أنهار الترك"








طباعة
  • المشاهدات: 84308

إقرأ أيضا

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم