16-06-2014 12:51 AM
سرايا - سرايا - تعيش قاعة الراحل رفيق الحريري بمعهد العالم العربي جوا فنيا غير مسبوق في إطار مهرجان الجاز الشرقي الذي أضحى لبنة جديدة في صرح المؤسسة التي انفتحت أكثر على الفنانين العرب المعاصرين لاكتشاف الجيل الجديد الواعد، على حد تعبير جاك لانغ.
الجديد الذي وعد به رئيس معهد العالم العربي جسدته قبل يومين من اختتام التظاهرة الفنانة آنسة بن صالح التي غنت لمحمود درويش وأدونيس، ونددت بجدران العنصرية الإسرائيلية، وغنت عطر وحنين الوطن والبيت الأول باللغات العربية والفرنسية والبرازيلية والبرتغالية والإسبانية، أمام جمهور انتشى بأداء فنانين عرب اتخذوا من الآلات الغربية وسيلة للانفتاح والتلاقح على النحو الذي يكشف عن تاريخ فن الجاز.
وجاءت فكرة تخصيص الدورة الخامسة عشرة لمهرجان الموسيقى للجاز الشرقي بحسب مدير النشاطات الثقافية بمعهد العالم العربي محمد مطلسي كضرورة ملحة تمكن الجمهور من اكتشاف تنوع موسيقى عرفت تطورا لافتا باعتبارها عصارة تمازج حضاري وثقافي شهدته خمسينيات القرن الماضي.
وأكد مطلسي أهمية الحدث في علاقته بالتوجه الجديد الذي يعرفه معهد العالم العربي، حيث إن تاريخ نشأة فن الجاز كان نتيجة تلاقح موسيقي عالمي متنوع وتعبيرا عن تحولات سياسية وجمالية أدت إلى هجرة فنانيه من مهده الأميركي الأصلي إلى أفريقيا والعالم العربي والإسلامي، وهو الأمر الذي يفسر تأثير الموسيقى العربية في الجاز. كما تسبب اكتشاف أصوات شجية قامت على الارتجال في إرساء قواعد الجاز الشرقي كنوع فني غير مسبوق، وأصبح هذا الفن منذ الثمانينيات تتويجا تاريخيا ومنطقيا لعولمة سمحت بولادة وتوسع الجاز.
تضمن برنامج المهرجان تنويعا فنيا سمح للجمهور باكتشاف موسيقيين ومغنين أوروبيين وعرب امتازوا بأداء رفيع المستوى، من أمثال الأرمني أندري مانوكيان الذي افتتن بآلة البيانو في سن السادسة وعمل مع مطربين فرنسيين كبار كليان فولي وشارل أزنافور الأرمني الأصل مثله والراحل جيلبير بيكو وناتاشا أطلس وآخرين، علاوة عن هوبير دوبو ونسام جلال التي أبدعت بالعزف على الناي ودونيه غيفرش ويوسف حبيش.
وحملت سهرة هذه الفرقة عنوان "عطر الياسمين" تكريما للشعب التونسي صاحب الانتفاضة العربية الأولى ضد الاستبداد، واستطاعت الفرقة أن تمزج بين إيقاعات آلات عربية وغربية بطريقة مشرعة على نكهة فنية متميزة أطربت الجمهور.
وكان جاسر حاج يوسف -العازف على الكمان وتلميذ كبار الموسيقيين من أمثال التونسي بشير سالمي والأميركي بيلي هارت والفرنسي ميشال بورتال- هو الآخر سفيرا للجاز الشرقي إلى جانب المصري محمد شفيق العضو السابق في أوبيرا القاهرة وإيليز دابروفسكي وإسمرين ولوييه سكلافيه وتوفيق فاروق الموسيقي اللبناني الذي كرم بيروت بشكل بديع وحالم عازفا على آلة الساكسفون.
وانبهر الجمهور الذي تمتع على امتداد عدة أيام بغناء وعزف الفنانين المذكورين بشخصية الفنانة الشابة آنسة بن صالح، إذ توافد الجمهور لاكتشاف هذه المرأة الجزائرية الأصل التي ولدت في هايتي وقضت طفولتها في السينغال وعاشت الحرب اللبنانية وهاجرت مع والديها إلى البرازيل.