19-06-2014 11:26 AM
بقلم : راتب عبابنة
الحديث الأخير لجلالة الملك خلال ترؤسه جانبا من اجتماع مجلس الوزراء به الكثير مما يمكن استقراؤه ما بين السطور. ورغم الكلمة المقتضبة التي أدلى بها جلالته لطمأنة الأردنيين إلا أنها تحمل بثناياها الكثير مما يمكننا استنباطه. فجلالته يتكلم كرجل دولة متابع للشأن العام والقضايا التي تقلق المواطن ويعمل على إزالتها من خلال الحكومة. وكلمات جلالته توحي بأن هناك معرفة ودراية وفهم للصعوبات التي يواجهها المواطن. وهذا الإهتمام من رأس الدولة يعني لنا الكثير.
نفهم من ذلك أن هناك تقصير من الحكومة بحق المواطن يستدعي التحرك والعمل على تذليل الصعوبات أينما وجدت حتى يتم الإرتقاء بمستوى المواطن المعيشي الذي بدوره يقود إلى الإستقرار والتهدئة واستتباب الأمن وعدم قطع رجال أجهزة الأمن والدرك والمخابرات لإجازاتهم ــــ وهم العيون الساهرة للتأكد من تكريس الأمن ــــ للتعامل مع المسيرات والإعتصامات أمام الديوان الملكي ورئاسة الوزراء وغيرهما من المواقع الحكومية التي لديها تماس مع المواطنين.
لقد طمأن جلالته الشعب بروح أبوية وبروح الواثق من روافد تمنحه الثقة والطمأنينة جعلته يطمئن الأردنيين بأن الأردن قوي وقادر على التعامل مع أي جهة تحاول العبث به سواء من الداخل أو من الخارج. وسيزداد قوة بإذن الله وبشعبه الذي يزداد تلاحما وصلابة وتماسكا خصوصا عند الملمات, أبعدها الله عنا. لقد أشار جلالته أن هناك تلاعبا وفلتانا بالأسعار تغيب عنهما الرقابة أو تكاد بضغط من المحسوبية والنفعية. وحقيقة الأمر, نرى الرقابة بسبات عميق عن معظم القضايا والدليل حالنا الذي لا نحسد عليه.
لقد بات من الضروري وفرض عين على الدولة بنظامها وحكومتها وأجهزتها الأمنية تفعيل الرقابة الغيورة والتي لديها الحس الوطني والخوف على المواطن وتملك من الصلاحيات ما يكفيها لردع ومحاسبة المتلاعبين بقوت المواطن وسبل عيشه. ومن البديهي القول لو كانت هناك رقابة صادقة ووطنية غيورة لما وصل ديننا لرقم فلكي بمقياس الإمكانيات الأردنية.
كلام جلالته موجه للشعب بكل مكوناته لكن ما لا يقل أهمية عنه هو مدى انصياع حكومة عبدالله النسور وهي السلطة التنفيذية وتأتمر بأمر الملك وعودتنا على الأخذ من المواطن وليس إعطاؤه. ها نحن ننتظر منها الإمتثال والتنفيذ وتحقيق تلك التوجيهات الملكية وتحويلها واقعا ملموسا. الحكومة, أية حكومة وبأي دولة لا تعجز عن خلق الحلول المريحة للمواطن إذ توجد الحكومات لإدارة الشأن العام والبحث عن حلول للمنغصات وليس لخلق المنغصات. لننتظر ونرى ما هي فاعلة هذه الحكومة بالأوامر الملكية المباشرة.
سنراقب ونتابع كعهدنا الذي دأبنا عليه انعكاسات هذه التوجيهات التي صارت لزاما على حكومة النسور تشرفت بها من رأس الدولة رئيس السلطات الثلاث. لقد كانت كلمات جلالته مدعاة للسرور والبهجة سيّما وأنها جاءت بظروف صعبة ومناخ ملائم لجامعي الأموال الحرام على حساب المواطن والشهر الكريم رمضان على الأبواب.
والحديث عن حقيقة أن الأردن قوي والذي أكدها جلالته بظل المناخ المسيطر على الساحة الإعلامية والشعبية والمتعلق بتنظيم "داعش" والتي كثر الحديث عنه وعن تهديداته لأنظمة دول الإقليم, تأتي نتيجة فهم وإدراك من رجل دولة بأن القوة ليست هي القوة العسكرية وحدها ـــ وهي حقيقة قوة نفاخر بها العالم ـــ بل مضاف إليها تلاحم الغيارى الأردنيين مع جيشهم وأجهزة أمنهم الساهرة وحرصهم على صون وطنهم وحمايته والذود عنه بكل الوسائل المتاحة أمام من يحاول العبث أو إلحاق الأذى به.
وعناصر القوة من جيش وأمن ودرك ومخابرات وغيارى كلها مكونات لدائرة واحدة وكل منها يشد عضد الآخر والعلاقة بين هذه المكونات هي علاقة تكاملية تزداد تماسكا كلما اشتدت الخطوب ـــ حمى الله الأردن من كل الخطوب ـــ وعند استشعار أي خطر يهدد صفو الوطن.
يقودنا ما تقدم إلى القول أن الحكومة الآن تخضع لامتحان سبل النجاح به واضحة جلية لا تخفى على أحد وتتمثل بالعمل الجاد على تفعيل الرقابة والمحاسبة لكل من يحاول زيادة العبء على المواطن من ناحية نوعية ومواصفات وأسعار المواد الإستهلاكية بعيدا عن المحسوبية والعلاقات الشخصية التي كانت السبب باعتلاء البرامكة الدخلاء ونشر فسادهم. كما أن مصلحة المواطن والتخفيف من أعبائه يجب أن تأتي بمقدمة أولويات الحكومة فعلا وتطبيقا لا قولا وتضليلا. وهذا إن تحقق فسيعزز الإنتماء ويساعد على التهدئة ويرسخ الإستقرار ويقوي الأمن وبالتالي يخلق الثقة بين المواطن والدولة من جديد والثقة كلنا يعلم أنها مفردة لا معنى لها عند الحديث عن الحكومات والمواطنين.
وإن لم تسلك الحكومة "الرشيدة" هذا السبيل فتكون قد جنت على نفسها براقش وعجلت بترؤس جاهات الخطوبة وكتابة صكوك "الصلحات" لتتقاعد وتريح وتستريح حيث أسباب التقاعد كثيرة جدا لدى هذه الحكومة ومنذ توليها سدة "الولاية العامة".
لننتظر الحكومة لترينا على أرض الواقع الذي يلمسه المواطن آلية تطبيق التوجيهات الملكية التي سمعناها وشاهدناها. والحكومة التي تعمل بما يرضي الله ويرضي المواطنين تنتظر الثناء من ولي الأمر أما التي تتلقى الأوامر والتوجيهات الملكية وتضرب بها عرض الحائط فهي حكومة فاشلة وتستحق المحاسبة والرحيل.
حمى الله الأردن والغيارى على الأردن والله من وراء القصد.
ababneh1958@yahoo.com