21-06-2014 04:22 PM
بقلم : قحطان السعيدي
قبل ثلاث عقود ونيف وتحديدا قبل الثورة الإيرانية
عام ١٩٧٩ وسقوط الامبراطورية الشاهنشاهية وتسلم الإسلاميين مقاليد الحكم
في طهران ... كانت في ايران مؤسسة واحدة للجيش تم تجهيزها وتدريبها
بالعقائدية العسكرية المهنية والوطنية ... ونتذكر جيدا طلائع الحرس
البهلوي وانضمامه للثورة الشعبية حين تدافعت الحشود برمي الورود على
الدبابات في شوارع طهران، حينها اتخذت المؤسسة العسكرية قرارا بعدم
التصدي للمد الشعبي ومناصرة الشعب الايراني بثورته والوقوف مع الجماهير
الإيرانية المتظاهرة بفوهة البندقية والمدفع لحماية هرم السلطة آنذاك.
نستخلص القول ان الجيش الايراني عام ١٩٧٩ لم يكن جيشا
شاهنشاهيا يحمي كرسي الرئاسة بل انه جيشاً وطنيا مهنيا يتطلع للمصالح
العليا لإيران وتمتد جذوره بين الشعب انتماءا وولاء.
سرعان ما شخص الامر في طهران لدى الحكام الجدد واعتبر ان بقاء
الجيش كمؤسسة فاعلة وحيدة يغير مسار السلطة لحظة مراجعة شعبية... فسرعان
ما عمد الى تغيير قياداته والإعلان عن تشكيل جيشا ميليشاوي رديف باسم
الحرس الثوري يتبنى فكرة الدفاع عن رجالات السلطة الحاكمة ضمن بودقة
الانتماء الديني ... تشكل حينها الحرس الثوري وأخذ زمام المبادرة
بالتشكيل العقائدي لسلطة النظام وتبعية هرم السلطة وفتحت له الخزائن
وسلمت له المؤسسات الصناعية ،بغية التمويل والتمدد لتصدير الثورة.
وبعد الضغط الامريكي في بغداد لكونه صاحب المبادرة إبان
فترة بريمر في العراق لتفكيك المليشيات ودمجها بالجيش العراقي .. فقد
تشكلت خلايا قيادية ميليشياوية وجدت لها ملاذا في مؤسسة الجيش العراقي
تدريبا وتمويلا وغطاءا قانونيا وذلك انهك المؤسسة العسكرية الوليدة وبان
ادائها المتردي وسرعان ما غادرت الدبابة الأمريكية ارض العراق ... بدء
الانكسار العسكري في البصرة إبان صولة الفرسان واخيرا وليس آخراً الهجوم
على الموصل والتمدد باتجاه بغداد الان ... ولنرجع قليلا للوراء لتقييم
المؤسسة العسكرية العراقية التي كانت متسيدة للمشهد الخليجي والعربي
تشكل مع الجيش المصري ثنائيا عقائديا عربيا ... وليس بالبعيد نتذكر روح
المطاولة والتصدي في الحرب العراقية الإيرانية على الرغم مما نسجله من
مواقف ضد الحروب مهما تعالت صيحاتها وتبريراتها.
وحين ندقق نتائج الأخطاء التي مورست بتشكيل الجيش العراقي
الجديد عقب الخطأ الفادح الذي حل به وما أصابه من الوهن العقائدي والمهني
... لان شتان مابين النظم العسكرية في البناء وبين التفكير الميلاشيوي
لقيادة مؤسسة مهنية تذود عن الوطن تحت راية الولاء الوطني والانضباط
العسكري والأداء العالي لحماية الوطن.
الان يتشكل الجيش الرديف تحت العباءة الدينية السياسية
بتجربة لما سبقتها من الجارة ايران ... بظرف صعب تمر به البلاد ... علينا
ان نتنبه لتشكيله حيث الامر يعلن ولادة جديدة تزيد المشهد تعقيدا وسيكون
القرار بحله مستقبلا يزيد العبء الثقيل على الدولة وسيفرض سياسة الامر
الواقع بتمدد السلطويين الذين لا هم لهم غير الاستمرار بالسلطة ووضع اليد
على ثروات الوطن وتبديدها خدمة لمشاريعهم الظلامية.
ان اعادة بناء العراق على أسس متوازنة مسؤولية وطنية ودولية وعربية
يحتم على المجتمع الدولي التدخل لحفظ منابع انتاج الطاقة استقرارا للأمن
والسلام الدوليين دون الوقوع في ضالة التمويل الدولي للإرهاب.
Kahtan.alsaeedi@gmail.com