21-06-2014 04:32 PM
بقلم : د. زيد سعد ابو جسار
الأنبياء والمرسلين عليهم جميعا صلوات من الله وسلاما ,بعثوا برسالة التوحيد والهدى ,ليعيش الانسان في هذه الدنيا عزيزا بالتوحيد وكريما بالهداية ,جائوا ليخاطبوا العقل البشري الذي تميز به الانسان عن سائر الخلق في الدنيا ,الذي من خلاله يستطيع الانسان ان يضبط هوى النفس للحكمة من وجود الغرائز في الانسان,والحكمة من وجوده والحكمة من الفضائل ,جائوا في وقت غاب فيه العقل واصبح الانسان مجرد جسد مادي تتحكم في النفس وهواها بدون رحمة ,تطغى على حياة الانسان نفسه وتطغى على حياة الاخرين وعلى الحياة الدنيا , لهذا فقد تهم الانبياء والمرسلين بالسحرة والمجانين ومحاربتهم وقتلهم ,الذي يعني قتل واضطهاد الفضيلة بدون أسف أو تراجع وذلك في غياب الحس والشعوراللذان يمنحان الانسان الحياة الحقيقية. ( يعلمون ظاهرًا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون) (الروم: 7).في غياب العقل يصبح الانسان شكلا في الظاهر , باطنه عبارة عن وحش يدمر الحياة,وهذا الواقع نشاهده في حاضرنا. (فَأَمَّا مَنْ طَغَىٰ (37) وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (38) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَىٰ(39) وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَىٰ (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَىٰ)......
وهذا ما عليه الإنسان المعاصر اليوم،عصر الحضارة المادية (الراسمالية)التي تخلوا من الروح التي تمنح الانسان العزة فستعبد الانسان بداية من قبل هوى نفسه التي مكنت الاخرين من استعباده ,وتخلوا عن الكرامة فجهل الانسان معاني الانسانية ومبادئها في التعامل مع ذاته ومع الاخرين فنغمس في المحرمات والرذيلة ليصبح اسير لاوكارها من المرابين, الذين يتاجرون في جهده ,الى التجار الذين يتاجرون في جسده, والنتيجة الهروب الى تجار المخدرات والانتحار لانهاء آلامه ومعاناته من نفسه ومن نفوس الاخرين ,وذلك في ظل ديمقراطية شهوات الانفس بلا حدود , ضد القيم والاخلاق التي تمثل الدين ,مفهوم النظام الراسمالى الذي يحكم العالم ......
قال تعالى ( بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا. وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى)ان ايثار الحياة الدنيا بمعناها المادي,هي السبب في شقاء الانسان وان ايثار ماتحث عليه الاخره من قيم تجعل الانسان يعيش في جنة الدنيا .... .
من المعروف ان الفلسفة هي الحكمة وان الحكمة منبعها العقل لهذا عندما تكلم فلاسفة (حكماء) الغرب امثال ابقراط ارسطو وافلاطون وذلك قبل ميلاد المسيح عليه الصلاة والسلام عن الانسان والدنيا ,توصلوا للحكمة من وجود الانسان وتوصلوا لاهمية القيم والاخلاق ومنحها الحياة للانسان والدنيا,فمثلا من اقوال ابقراط , (إنما نأكل لنعيش لا نعيش لنأكل)’(محاربة الشهوة أيسر من معالجة العلة),( ليس معي من فضيلة العلم إلا علمي بأني لست بعالم),ومن اقوال افلاطون وهو من اعظم فلاسفة الغرب (السعادة هي معرفة الخير و الشر),( غاية الأدب ..أن يستحي المرء من نفسه أولاً),( الرجل الصالح هو الذي يحتمل الأذى، لكنه لا يرتكبه),( العفيف هو صاحب النفس التي انتصرت على رغباتها وغلبت حبها للملذات),( نحن مجانين اذا لم نستطع أن نفكر ومتعصبون اذا لم نرد أن نفكر وعبيد اذا لم نجرؤ أن نفكر),اما ارسطو وهو تلميذ افلاطون ومن اقواله(ينبغي في العمل إتباع العقل الحكيم), (,الأفعال الفاضلة تسر من يحب الفضيلة), (الذين هم في ثورة الغضب يفقدون كل سلطان على أنفسهم ), (شر الناس هو ذلك الذي بفسوقه يضر نفسه والناس ),( من لم يكن حكيما لم يزل سقيما),( إن المرء هو أصل كل ما يفعل),
لهذا فان الانسان لا بد له من ان يفرق بين كلام العقل الذي يصدر منه الحكمة وبين كلام النفس الذي يصدر من هواها, تجد عليها من الامثلة ما كتبه شعراء وكتاب المصالح واللذات والتباهي والمدح ,اللهم لا تكلنا الى انفسنا طرفة عين وما دون ذالك ,(وقل ربي زدني علما)..