29-06-2014 06:11 PM
بقلم : أيمن موسى الشبول
عدا عن المشاكل الداخلية القديمة والمتجددة ، فاليوم تداهمنا المخاطر الحارجية المقلقة والتي تطل علينا من الشمال والشرق ؛ ولن يغيب عن بالنا الغول اليهودي المتربص بنا منذ زمن„ بعيد ، والذي يتحين الفرص المناسبة لتوسيع خارطته المزعومة والممتدة بين الفرات والنيل ... والسؤال المطروح هنا : ما هو السبيل لمواجهة كل هذه المخاطر المحدقة بالأردن وبشعبه ؟
قبل إلإجابة على هذا السؤال ، نرجع إلى الوراء لنتذكر بعضا” من المخاطر التي واجهتنا في هذا الوطن في الماضي القريب ، ولكننا تجاوزناها وخرجنا منها ونحن أكثر منعة” وتماسكا” وقوة” ، وبالتحديد نعود بكم قرابة ربع قرن„ من الزمان ، ولنتذكر معا” الخطر الكبير الداهم والذي واجهه الأردن قبل وبعد العدوان الثلاثيني على العراق في عام 1990 م ،
في تلك الفترة إجتمع الرأي الرسمي والبرلماني والشعبي في الأردن على حتمية الوقوف بقوة„ إلى جانب العراق العربي في مواجهة المؤامرات والعدوان ، ولم يتبدل الموقف الأردني الصلب والمبدئي رغم التوقعات التي تشير إلى أننا مقبلون في الشرق الأوسط على حرب„ شاملة ومدمرة وستقود لإستخدام„ أسلحة الدمار الشامل من قبل أطراف النزاع ، حيث تجهزت أمربكيا واسرائيل لهذه الحرب بكل أنواع الأسلحة المدمرة ، ومنها السلاح النووي والقادر على محو العراق ودول كثيرة„ عن الخارطة ، وفي المقابل جهز العراق كل ما لديه من سلاح ؛ ومنها السلاح الكمياوي المزدوج والقادر على حرق اسرائيل إذا لزم الأمر ؛ وجلس العراق في انتظار تلك الملحمة التاربخية والتي أطلق عليها العراقيون أسم ( أم المعارك ) .
تعرض الموقف الرسمي الأردني لضغوط„ كبيرة„ لكي يقف مع العدوان الثلاثيني على العراق ، ووصل الأمر بمحاصرتهم لميناء العقبة الأردني ، وظهرت شجاعة جلالة الملك الحسين رحمه الله حيث واجه الضغوط الأمريكية بصلابة„ وثبات ، واستعد لتلك الحرب المدمرة وحشد الجيش الأردني على الحدود الاسرائيلية ، ثم صرخ صرخة جده شريف مكة وقال : ( طاب الموت يا عرب ) ، وكان جلالة الملك الراحل يحاجج أمريكيا ودول الغرب دائما” بقوله : إنها الديمقراطية الحقيقية وبأنه رأي الشعب وقرار الأغلبية والذي يجب علينا وعلى الجميع إحترامه .
كانت فترة عصيبة” وصعبة” ودقيقة” من تاريخ الأردن ، ولكن الأردنيون واجهوها بصلابة„ وشجاعة„وثبات ، وخرج منها الوطن في نهاية الأمر وهو أكثر تماسكا” وقوة” ومنعة” ؛ نتيجة وقوف الأردنيين قيادة” وشعبا” ونوابا” على قلب رجل واحد„ ؛ لقد تجسد الإلتحام الحقيقي بكل معانيه ومفرداته في تلك الفترة الصعبة ، والذي مكن الأردن من الخروج من محنته الصعبة بفخر„ واعتزاز„ وشموخ .
وبما أن الدنيا تجارب وعبرة ودروس ؛ فحري بنا الاستفادة من هذه التجربة المشرقة في مواجهة الأخطار المحدقة بالوطن ؛ ولو تمت الاستجابة الحكومية للمطالبات الشعبية المتواصلة بالإصلاح لكان وضعنا اليوم أفضل بكثير ؛ ولكنه التلكؤ والتسويف والمماطلة والذي أدى لتفاقم المشاكل ولتعميق الهوة وعدم الثقة ببن الحكومة والبرلمان والشعب .
ولكي نتمكن من مواجهة كل هذه المخاطر فلا بد لنا من التغلب على مشاكلنا الداخلية أولا” ؛ ولا بد من إعادة الثقة واللحمة بين الحكومة والبرلمان والشعب ؛ ويجب أن نعود للوضعية التي مكنتنا من مواجهة مشاكلنا الخطيرة من قبل ، وبجب علينا تصحبح السياسات الخارجية للاردن لتتلائم مع مصلحة الشعب والوطن ، وهذا ممكن إذا قمنا بما يلي :
١) الإرادة الصادقة في مكافحة الفساد الداخلي والذي دمر الإقتصاد وأفقر الشعب ونهب الخزينة الأردنية ، ومن شأنه أن يعيد ثقة المواطن الأردني بحكوماته وأن يقلل من شعوره المتزايد بالغربة في وطنه ، ومن شأنه أن يقلل الفقر والبطالة .
٢) إجراء انتخابات ديمقراطية صادقة„ وبقوانين ديمقراطية عصرية بعيدا” عن القوانين الإنتخابية الشكلية المتبعة حاليا” ، والتي كرست العشائرية وقدمت المترفين ليتكلموا بإسم الفقراء والجوعى والمحرومين ، وأفقدت الشعب الأردني ثقته بحكوماته وبنوابه ومسئوليه ؛ حتى أصبحت لغة التحاطب والتفاهم المفضلة والوحيدة الدارجة ببن المواطنبن الأردنيين وببن الحكومات المتعاقبة هي لغة : الهتافات والصراخ والإطارات المشتعلة والطرق المغلقة !!!
٣ ) تحصين الجبهة الأردنية الداخلية الأردنية والتي تزعزعت كثيرا” بعد الموجات الكبيرة للنازحين من كل الاتجاهات على الأردن ؛ والتي تسببت في موجات كبيرة من الغلاء وفي مضاعفة إيجارات الشقق والمساكن ، وتسببت بالضنك الشديد وبالعيش المرير للمواطنين للأردنيبن ؛ ولح هذه المشكلة الكبيرة لا بد من توزيع الأخوة اللاجئين على بعض الدول العربية المجاورة والمقتدرة ، والتي تتفوق علينا في المساحات وفي الإمكانيات والتي لديها القدرات المالية الهائلة ، وكلنا يعلم بأن دولا” مثل ايطاليا واسبانيا والمتفوقة بإمكانياتها الهائلة على كل الدول العربية مجتمعة ، لا تقبل بإيواء المهاجرين في دولها فقط ، ولكنها توزعهم على بقية الدول في الاتحاد الأوربي ، فلا أعلم لماذا ألإصرار على أن يدفع هذا البلد الفقير والصغير ثمن كل الأزمات والهزائم العربية والفشل العربي لوحده ودون غيره ؟!
وأخيرا” لا بد من الوصول الفوري للقصاء النزيه ، ولا بد من تفعيل دور القضاء والابتعاد عن المحسوبيات والتجاوزات ، ولا بد من تحسين الوضع التربوي والتعليمي في الأردن ، ولا بد من الإعداد الجيد لأجيالنا لتكونوا أكثر التصاقا” بدينهم وبتاريخهم وأكثر حبا” لقياداتهم وإنتماء” لوطنهم ، وهذا الشيء سيتحقق لنا في حالة توفير الإعلام المنتمي الهادف والصادق والبعيد عن التفاهات والرذيلة ، وفي حالة تفعيل دور المساجد ودور الأئمة والوعاظ بعد حسن إختيارهم وإعدادهم .