02-07-2014 05:03 PM
بقلم : أيمن موسى الشبول
قال تعالى : ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا ، إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا ، إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا ( صدق الله العظيم ) وقال تعالي في سورة الحشر : ( ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ) وفي هذه الآية من سورة الحشر ثناء من رب العالمين على أخلاق المسلمين المتمثلة في الإيثار وتقديم الآخرين رغم الحاجة ، وهنا يتجلى الإيمان الحقيقي والبذل والعطاء .
ورد في الأحاديث النبوية الشريفة : المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا” ، وفي حديث آخر : مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : منْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ الله عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ الله عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ الله فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، وَالله فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ ،
وعند استعراضنا للأحاديث النبوية فسنجد الكثير من الأحاديث التي تحض المسلمين على التراحم والتعاضد وتدعونا إلى المحبة والألفة فيما ببننا ، وربط المؤشر الإيماني للإنسان المسلم بحبه الخير للآخرين بنفس القدر الذي يحبه لنفسه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه .
شهر رمضان هو شهر الصبر والجهاد والسخاء والإيثار والعطاء والرحمة ؛ عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس ، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل ، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن ، فلرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أجود بالخير من الريح المرسلة " ، رمضان موسم لتحصيل الحسنات ولمحو السيئات ، وهو الباب المشرع لنيل رضا الرحمن وولوج الجنان ، فيه شحن كبير للإيمان وتغذية للعزيمة والصبر والهمم ؛ فالغاية الهامة من رمضان تتمثل في غرس اللحمة وزرع المودة والألفة بين كل المسلمين : وهذه الغاية لن تتحقق إن بقي الشح متحكما” في النفوس ؛ ولن تتحقق إن تجاهل الأغنياء حقوق الفقراء والمساكين ، ولن يتحقق إن تقاعس الأثرياء والموسرين عن إستقصاء حاجات الجائعين والمحتاجبن والمعسرين من هذه الأمة ؛ وما أكثرهم في أيامنا النحس والسوداء من تاريخ أمتنا العربية والإسلامية !!!
إخوتي الصائمين : منذ سنوات وكثير من شعوب أمتنا الاسلامية والعربية تعاني الفقر والجوع وتواجه كل أنواع الظلم والقتل والبطش والتشريد والحرمان ؛ فمن بورما شرقا” إلى مالي غربا” ومن الصومال والسودان إلى سوريا والعراق ... مجاعات دائمة ومعاناة مستمرة لإخواننا المسلمين ،
أخي الصائم : عند عطشك وجوعك تذكر إخوتك الجائعين والمحرومين والمنهكين في ديار الإسلام القريبة والبعيدة ؛ أخي الصائم : وأنت على مائدة إفطارك الملأى بأصناف كثيرة„ من الطعام ؛ تذكر إخوتك المحرومين والجائعين والمشردين الصحارى اللاهبة بين الأتربة والرمال ؛ أخي الصائم : وأنت تهم بتناول إفطارك ؛ تذكر المعاناة المستمرة لإخوانك المضربين عن الطعام في السجون اليهودية والعربية بعد رؤيتهم لكل أنواع الظلم والقهر والتعذبب والإجرام في تلك السجون .
أخي الصائم : في ليلك وفي نهارك وفي سجودك وعند قيامك ؛ تذكر إخوانك المسلمين ولا تحرمهم من فيض دعاءك ومن زكاتك وصدقاتك ومن كرمك وسخاءك ... فهذا هو المؤشر الإلهي لإكتمال الإيمان وهو الهدف المرجو من صيام رمضان .
لقد ابتلىي الله بعضا” من الشعوب الإسلامية والعربية بالجوع والحروب والمحن ، وهو إختبار رباني لتلك الشعوب المسلمة صبرا” وايمانا” ومجاهدة” وجهادا” ، ولكن يجب أن نتذكر بأنه إختبار شامل لكل المسلمين في هذا العالم الواسع ؛ كل حسب إستطاعته ومقدرته وحسب قربه من إخوانه المشردين والمهجربن والجائعين ، أما المسلم الذي يشيح بوجهه عن كل المحن والويلات والمآسي التي تواجه المسلمين ؛ فلن يكون منهم ؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكي منه عضو تداعي له سائر الجسد بالسهر والحمى ، أما المستغلين لمعاناة المسلمبن ولمآسي المظلومين والمهجربن برفع الإيجارات وبمضاعفة الاسعار وباحتكار السلع فقد سقطوا في فخ الهوى والشيطان ورسبوا في الأمتحان وسيحاسبهم ربهم يوم القيامة عن كل ما اقترفوه بحق إخوانهم المظلومين والمحرومين والمشردين من هذه الأمة ... فالبر لا يبلى ، والذنب لا يُنسى ، والديان لا يموت ، اصنع ما شئت فكما تدين تدان .