حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الخميس ,16 يناير, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 30921

وصدقت رؤيا سماحته

وصدقت رؤيا سماحته

وصدقت رؤيا سماحته

06-07-2014 10:56 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : أحمد محمود سعيد
كان لسماحته نظرة ثاقبة فيما يدور حولنا كيف لا وقد تجاوز الخمسة والثمانون عاما من عمره وكانت الحياة قد عاركته وعاركها وهو شاب بمقتبل العمر قبل ان يصل خمسة عشر ربيعا من عمره في فلسطين وعلى ارضها تابعا ومرافقا لاخيه المجاهد في جيش الانقاذ بقريته الفلسطينية وهي تتنشّق رائحة ورحيق برتقال يافا .
عاش على حب الناس والخير لهم وتقديم العون حيث يستطيع وامتهن كفالة اليتيم وخاصّة ابناء الشهداء من كل اراضي فلسطين واستبسل واياهم في صد محاولات الشيوعيّين الاعتداء عليهم حينما كانوا محسوبون على جماعة الإخوان المسلمون وقد عمل على تعليمهم وتدريبهم ليكسبوا صنعة تفيدهم في حياتهم وفتح لهم اماكن عمل في المؤسسة وقام والمختصّين بتدريبهم على السلاح وحمل المسؤوليّة كاملة بعد استشهاد اخيه الكبير .
لم يطمح ابدا في مركز وظيفي او في جمع مال من تجارة او استثمار بل استثمر كامل ما يملك من حكمة وحب في إسعاد الغير ومساعدة المحتاج وقد كان يقابل الإساءة اليه بسعة الصدر والصفح والسماحة حتى انه كان يقوم بالطلب من السلطات اطلاق سراح من عرّضوا حياته للخطر .
عاش حياته ومات وهو مؤمن ان الاردن بجناحين ولا يمكن لاحد الجناحين ان يصمد امام الريح العاتية منفردا ولا بد وإن طال الفراق ان يعودا معا بل انّه كان يعتقد ان وحدة الضفتين اقوى من الوحدة بين غزّة والضفّة الجناح الغربي للأردن وكان يدلل دوما على الإختلاف في اللغة والعادات حتى القوانين واصناف الطعام بين غزّة والضفّة بينما تطابق كل ذلك بين جناحي المملكة وكان دائما يردد بان على الاردنيين من جميع المنابت ان يحبوا الاردن ويعملوا لحمايته كاردنيّين وان يحبوا فلسطين ويعملوا لعودتها كفلسطينيّين .
كان يلتقي في سقيفته في عين الباشا بمحافظة البلقاء قرب عمان بمختلف طبقات المجتمع من مريدوه من مسؤولين ومواطنين من شرقي النهر وغربيّه وكذلك ضيوفا من خارج الاردن من مختلف الدول والاديان والاعراق ومن سعة صدره انه كان يعرف ان من بين الموجودين من لهم ارتباطات بالأجهزة الامنيّة وبعضهم يكتبون تقارير به وبابنائه وضيوفه بل وكان يساعد بعضهم في الوصول لدرجات اعلى في الوظيفة وكان يعطي الغير الأولويّة عن ابنائه لأنه كان كما في شبابه يؤمن بشدّة ان ابناؤه لهم الله بينما هو نذر نفسه لكفالة الايتام وخدمة المحتاج من المعارف والاصدقاء وهكذا كان .
ولسماحته نظريّة في المحبّة حيث كان يؤمن بانك إذا اردت ان تكون محبوبا من الناس يجب ان تبادر الناس الحب الصادق اولا وان تعمل لإسعادهم صغارا وكبارا وبذلك تترك اثرا لديهم وتصبح عزيزا عليهم في حضورك وغيابك وهكذا كان هو مجمع الاصحاب والخلاّن من كل الاعمار والاطياف وتلك مدرسة ابدع فيها سماحته ولم يستطع احد من اتباعه ان يصل لنفس الدرجه لأن ذلك بحاجة لإرادة وتواصل ونكران للذات وتلك الصفات لا يملكها الكثير من البشر .
وكانت رؤيته للقضيّة الفلسطينيّة ان لا حل للقضيّة منذ ان وافق القادة الفلسطينيّين في عام 1964 على انشاء منظمّة التحرير الفلسطينيّة وليس منظمة تحرير فلسطين وبذلك سلخوا الثوب العربي والإسلامي ولبس الفلسطينيّون كامل مسؤولية التحرير وعزّز العرب ذلك عام 1974 عندما اعفوا الاردن من مسؤولية المطالبة بعودة الضفّة الغربيّة وتحملتها المنظّمة من خلال مفاوضات عقيمة لم تصل لنتيجة للآن وبقي يردّد انه لا يحرث الارض إلاّ عجولها وسيمرّ وقت طويل حتّى يأتي شباب فلسطينيّون يؤمنون بربّهم مسلّحون بالإيمان والعلم يعيدون ما اغتصبه الصهاينة وقد شعر بالمرارة عندما كتبت الصحف الفلسطينيّة ان سماحته زار الضفّة الغربيّة بينما كتبت ان الشيخ الضامن عاد للضفة الغربيّة وكأن اللاجئون ليسوا من اهل فلسطين .
وعندما شاهد سماحته على التلفاز البرجين يهويان في امريكا قال لقد بدأت هجمة الصهاينة بيد امريكيّة على الدول العربيّة قاطبة وما ذلك سوى مقدّمة مسرحيّة الإرهاب التي حاك فصولها الصهاينة والأمريكان انفسهم وسيبدأون من حيث انتهت السفيرة ابريل كاترين جلاسبي حيث كان يعتبر سماحته الغزو العراقي للكويت هو الخنجر الذي وضع في خاصرة العرب وسيؤدي لمقتلهم .
وكانت رؤية سماحته دائما ثاقبة لأنّه كان يأخذ بالأسباب لينتهي تحليله بالمتوقّع من النتائج والنهايات وهذا ما كان عندما رأينا الدبابات الأمريكية تدخل بكل سهولة وأمان لمنتصف بغداد وحينها قال سماحته هكذا يسقط اخر حاكم سنيِّ للعراق الموحد الكبير الذي وحّد الشيعة والسنّة والأكراد والتركمان والكلدان وغيرهم .
حينها توقّع سماحته ان هذا مسلسل صهيوني امريكي ابتدأ ولن ينتهي قريبا لأن الخطة الموضوعة لذلك المسلسل لا بد ان تنفّذ حسب البرنامج الزمني والبدائل والإحتمالات المتوّقعة كما خطّط لها والتي تشمل جميع الدول والشعوب العربيّة وحكّامها دون إستثناء وها نحن نشهد صدق رؤياك يوما بعد يوم .
وكان سماحته يعيش كل شهر رمضان معتكفا مع سورة من سور القرأن الكريم ترتيلا وتفسيرا وتحليلا وفي اخر رمضان له عاش مع سورة يوسف ودخل في تفاصيل السورة ولماذا هي من احسن القصص وعلاقة سيدنا يوسف مع ابيه واخوانه وعزيز مصر وما آلت اليه علاقة سيدنا يوسف مع زوجة العزيز وكان يتفكّر في كل ذلك ويأخذ منه الحكمة والمعرفة .
كان لسماحة الحاج محمود سعيد رحمه الله كريزما عزّ نظيرها وكان مؤسسا لمدرسة تقوم على الحب والإحترام ونكران الذات مدرسة مريدوها كثيرون ولكن مبدعوها نادرون مما يجعل الكثيرون يتسائلون كيف استطاع هذا الرجل البسيط ان يجمع كل هؤلاء المريدون حوله وكيف استطاع ان يدخل قلوبهم رجالا ونساء صغارا وكبارا مواطنيين عاديين ومسؤولين اغنياء وفقراء متديّنين وعلمانيّين والذي يدلّل على حبّهم الصادق له ان سيرته ما تزال تذكر بشكل دائم بعد سبع سنوات من وفاته ومازالت قصصه تتناقل بين الناس فرحمة الله عليك سماحة الولد وغفر لك بقدر محبّة الناس لك وبقدر ما اسعدتهم وأعنتهم وأكثر إنّه الرحيم الكريم .









طباعة
  • المشاهدات: 30921
برأيك.. هل تسعى "إسرائيل" لتقسيم سوريا إلى كانتونات بحجة ضمان أمنها من تهديدات الفصائل المسلحة؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم