07-07-2014 12:50 AM
سرايا - سرايا - مشاركة فرقة "نايا الموسيقية" في برنامج مهرجان جرش الرمضاني يحيلنا الى اكثر من مسألة، فالفرقة أثبتت خلال فترة زمنية قصيرة حضورها الكبير على المستوى المحلي والعربي، وذلك بمشاركاتها في العديد من الفعاليات الفنية، كما تحيلنا الى المشروع الذي تتبناه، باعادة احياء التراث الموسيقي والغنائي العربي، ليس بقوالب جامدة، انما في اطار تقريب هذا التراث الغني، الى الاجيال الجديدة.
وتحظى الفرقة بجماهيرية من كل الاعمار والاذواق، ولعل ادخال الآلات الموسيقية الغربية، وتطويعها لحساب الجملة اللحنية الشرقية، واحدة من عناصر الجذب لدى الاجيال الجديدة، اضافة الى انها من الفرق النسائية القليلة في عالمنا العربي، التي رسمت طريقها بمنهج واضح، ضمن رؤية ورسالة تسعى لتحقيقها، ليس من مبدأ منافسة الرجل او اقصائه، انما من مبدأ التكامل بمنطق التكافؤ، وتغطية مساحة غائبة، فاعضاء الفرقة اما لديهم الدراسة الموسيقية الاكاديمية، او التجربة الناضجة، والمشاركة اصلا مع فرق موسيقية-غنائية، اضافة الى الانفتاح على الموسيقى العالمية وموسيقى الجاز، مما يؤهلهن مستقبلا، لتقديم حوارات مع الموسيقى الانسانية بانتماءاتها المختلفة، مع الحفاظ على الهوية والخصوصية العربية.
فرقة "نايا" بالازياء التي يغلب عليها اللون اللؤلؤي، الموشى بالفيروزي، والمطرز بالحروف العربية، هذا الذي له دلالة، فالالوان تحمل دلالة الجمال، سواء ذلك الداخلي منه، او ما يعكسه على المظهر الخارجي، اضافة الى الحروف العربية التي تحمل دلالة الاصالة، والانتماء الى احد عناوين هويتنا العربية، وان ظهور الفرقة في المركز الثقافي الملكي ضمن برنامج مهرجان جرش 2014، بهذا التميز والحضور، يثير تساؤلا فيما اذا كانت الموسيقى بالاصل انثوية، ذلك ان الفرقة اضفت على ما قدمته من موسيقى وغناء، الكثير من العذوبة والرقة الانثوية، مما يجعل السؤال مشروعا حول انثوية الموسيقى والغناء.
ظهرت الفرقة بقيادة "اول مايسترو اردنية" "رلى جرادات" على"القانون"، و"ديما سويدان" على العود، و"زينب السامرائي" "كمان" و"لانا ابو صبيح" فيولا، و"دانا ابو صبيح" تشيلو، و"آلاء تكروري"فلوت"، و"نادين قبعين وهند سبانخ" ايقاع، ومطربتي الفرقة" لينا صالح وهيفاء كمال".
البرنامج تم تصميمه بما يتوافق مع اجواء رمضان، حيث غلب عليه الطابع الروحاني، فقد كانت البداية مع "لينا صالح" باغنية "الرضا والنور" من تراث "ام كلثوم" بما تحمله الاغنية من دلالات وتاثير في وجدان المتلقي، ثم عودة للموشحات الاندلسية، حيث قدمت "هيفاء كمال" موشح "ياعذيب المرشف" وهو من الشعر القديم، وألحان سيد درويش، من مقام "الرست"، ومن كلمات بيرم التونسي وألحان الشيخ زكريا احمد، قدمت "لينا صالح" "ياصلاة الزين" التي غناها شيوخ وكبار المطربين، حيث قدمتها باداء سليم.
"رلى جرادات" باستهلال على القانون، تضع المتلقي في اجواء الاغنية القادمة مع "هيفاء كمال" "برضاك ياخالقي" ، بصوت حمل معاني الرجاء والتعلق بالخالق، والخشوع. ثم تنويعات من القدود الحلبية"على العقيق اجتمعنا، وقدك المياس" لتبرز امكانات صوتها.
ويبدو تأثر"رلى" بالاجواء المصرية، حيث ادخلت للبرنامج رقصة "التنورة" التي قدمها "سيد" باداء متقن، مستكملة بذلك الاجواء التي سبقت الفرقة بظهور المباخر على المسرح. لتقدم بعد ذلك اغنية "سيبوني ياناس بحالي" وتعود "هيفاء كمال" باغنية "ياجمال الورد"، وتقدم العازفة المبدعة "ديما سويدان" استهلالا على آلة العود، لتظهر "لينا صالح" بموال، ومن ثم اغنية "يامارق عالطواحين" والمدهش بالامر انها انها قدمتها باسلوبها الخاص، وبشخصية صوتها، دون الوقوع في فخ التقليد، وتختم "هيفاء" بواحدة من الاغاني التي مازالت حاضرة بقوة، وهي اغنية "نابي" لـ "كارم محمود"، التي كانت من اسباب شهرته، نظرا لما تتميز به من جمال المفردة وعذوبة اللحن.
امسية من الغناء الجميل، في اجواء رمضانية، باداء غنائي متمكن، وعزف بمهارة وكفاءة، في مشهدية موسيقية رسمتها فرقة محترفة، امام جمهور كبير جاء ليتابعها، ويتفاعل معها، ويعيش اجواء قوالب غنائية موسيقية عربية اصيلة.
وفي نهاية الحفل قدم نقيب الفنانين "ساري الاسعد" درع المهرجان لمايسترو الفرقة تقديرا للمشاركة في برنامج المهرجان.