حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,20 يناير, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 23223

نابلس: عائلةٌ افترسها الفقر فصنعت من مكعبات الماجي دجاجاً مطحوناً !

نابلس: عائلةٌ افترسها الفقر فصنعت من مكعبات الماجي دجاجاً مطحوناً !

 نابلس: عائلةٌ افترسها الفقر فصنعت من مكعبات الماجي دجاجاً مطحوناً !

17-07-2014 09:59 AM

تعديل حجم الخط:

سرايا - سرايا - في قسمات وجوههم، تقرأ قصة معاناةٍ وفقرٍ، ورحلة حرمانٍ لا تنتهي من أبسط متطلبات الحياة، فالبؤس بادياً على تلك الملامح المُبتسمة في وجه كل صباحٍ رغم الألم، فيتساءلون: "هل تحدثتم عنا؟ وعن معاناتنا؟ وأوجاعنا؟، هل أصبح العالم لا ينظُر لنا بنظرة الشفقة؟، وهل سنُصبح عائلةً لا تطلب العون من أحد؟".

هُنا في شمال الضفة الغربية، وفي مدينة نابلس، عائلةٌ تتكون من أبٍ وأُم، وسبعة ذكورٍ وإناث، أكبرهم لا يتجاوز الثماني سنوات، يعانون من شدة الفقر، فتجولت بين جدران منزلهم المهترئة، وتنقلت من غرفةٍ لمطبخٍ عفا عليهما الزمن، ثم إلى حمامٍ لا باب له، ولا مكان للإستجمام فيه، فالبيت يخلو من أساسيات الحياة، فهم ينامون على الأرض، وعلى فرشتين مُمزقتين، وسجادة واحدة، والخزانة الوحيدة التي توضع فيها الملابس قديمة، ومتهالكة جداً، ومُعرضةٌ للجراثيم والأمراض.

المواطن خالد عليان، رب الأسرة، شابٌ لم يتجاوز الأربعين من عمره، يستهل حديثه "أوضاعنا صعبة جداً، وجاء إلى بيتنا من قالوا بأنهم سيساعدوننا، ولكن لم نشاهد شيئاً، سوى ربطاتٍ من الخبر، والتشهير، وإظهار مساوئ معيشتنا، فأطفالي أصابهم اليأس، وباتوا محض استهزاء من كُلِّ كبيرٍ وصغير".

وبابتسامةٍ حملت الكثير من دموعِ الألم والقهر خلفها، يقول "إحنا مش شحادين، وما بدنا حد يساعدنا، بس بدنا نعيش بكرامة وإنسانية، متلنا متل باقي البشر، وفش حد أحسن من حد".

ويستذكر أبو أيسر "في أيام إنتفاضة الحجارة عام 1987، أُصبت برصاصتين من الإحتلال الإسرائيلي، أولهما في الرأس، وثانيهما في ركبة القدم اليسرى، وحالياً أُعاني من غضروفٍ، في الفقرات الأولى والرابعة والسابعة من الظهر".

ويمكث عليان على الفراش والأرض عند اشتداد ألم الظهر به، نحو أسابيع عديدة، قد تصل إلى شهر وشهرين في معظم الأحيان، دون زيارته وتوجهه للمستشفى، والسبب يكمُن في الإفتقار إلى دفع أجور المواصلات، والمستشفى.

وبحشرجةٍ في صوته، يُضيف "لم نتوجه يوماً لنطلب المساعدة من أحد، ولن نُفكر يوماً بهذا، فأنا لا أستعطف ولا أشحد، فابنتي ميريانة الرضيعة، بحاجة إلى نوعٍ خاص من الحليب، وتُعاني من نقصٍ في الوزن، والتهاباتٍ في المسالك البولية والقولون، إضافةً إلى أن إبني في الثالثة من عمره بحاجة لمصاريف العلاج، لإجراء عمليةٍ له في الخصيتين، بسبب التهابهما".

وزار منزل عليان في إحدى أزقة مخيم بلاطة، عشرات الأشخاص تحت مُسمى "فاعلو خير"، ولكن لم يقدموا شيئاً لهم، فاكتفوا بنشر صورهم وصور أطفالهم ومنزلهم، وكشف المستور الذي رفضوا الحديث عنه، إضافةً إلى تلقيهم الوعود الكثيرة من المؤسسات الخيرية والرسمية، والوطنية والشعبية، ولكن لم يلقُ إلا مُجرد قولٍ بلا فعل.
صوته يختنق، ويُتابع "أنا لست وحدي في هذا المجتمع، فحالي قد يكون أفضل من الكثير، بالرغم من أن وضعي الصحي السيء، ولا يسمح لي بالعمل وتوفير لقمة العيش، فهل سأبقى هكذا حتى يموت أطفالي من الفقر والجوع؟".

ويُردف أبو أيسر بحسرةٍ وحرقةٍ، قائلاً "ماذا سأقول لإبني حين يسألني عن مصروفه؟، ومتى سأشتري له ملابس جديدة مثل الآخرين؟، وماذا سأقول له عندما يقول لي، إلى أين سنذهب إذا لم ندفع أجار منزلنا؟".

وكان عليان مستأجراً لأحد المحال التجارية في المدينة، وتعددت أعماله بها، إلى أن تراكمت عليه الديون، مما جعل مالك المحل يطرده منه، إضافةً إلى أن صاحب المنزل يُريد أجرته للسنتين الماضيتين، فيُمسك أبو أيسر بين كفي يديه عشرات فواتير المياه والكهرباء التي يعجز عن تسديدها، ويقول "كيف لي أن أُوفر أجرة بيت لعامين، وماء وكهرباء، وأنا لا أستطيع توفير المتطلب الأساسي لطفلتي وهو الحليب؟، فأنا أهرب من ذاك الألم بالنوم، فأصحو على فقرٍ يكادُ يُمزق أحشائي".

وبكلماتها التي اختلطت بالدموع، تتحدث زوجته أم أيسر الثلاثينية "أولادي ما بلاقوا شي يلبسوا، أبسط متطلبات العيش إحنا فقدناها، فطورنا وغذاءنا وعشاءنا واحد، ما بتعدى خبز وشاي وزيت وزعتر".

وتُكمل "أقسم بالله ما تذوقنا الدجاج من أكتر من سنة ونص، وبس يطلبوا أولادي الدجاج، بحطلهم مكعبات ماجي، وبحكيلهم هاد دجاج مطحون، وبقنع حالي أنا وزوجي، إنه دجاج مطحون".

وتُضيف "أوضاعنا مأساوية، فلا فراش يكفينا، ولا طعام يُقيتنا، ولا ثلاجة وغسالة تُعيننا على الحياة، ولا مال لعلاج إبني وزوجي، ولا أحد ينظر إلى حالنا، فنحن سنُغادر المنزل قريباً، لنصبح بلا مأوى، كوننا عجزنا عن دفع إيجاره".

وأما أيسر الإبن الأكبر (8 أعوام)، والذي خانته الدموع، يُقاطع حديث والدته، ويقول "إحنا بدنا نعيش زي الناس، بدي أحس إني عايش بكرامة متل غيري، وألبس زي صحابي، وأشتري متلهم، كل همنا لقمة العيش، ورغيف الخبر صار حلمنا".

ويُتابع الحديث عن مأساتهم "أنا بدي أحكي شي واحد، بطالب كل المسؤولين، وأصحاب الخير، يشوفوا حالنا، ويساعدونا، إحنا بنموت باليوم 100 مرة، والله الفقر أصعب شي بالحياة، بس شوفوا حالنا دخيل الله".

وبألمٍ يعتصر قلب أم أيسر، تتساءل "هل يجب أن نخرج إلى الخارج، ونجوب شوارع المدينة؟، ونصرخ؟، ونستغيث؟، ونطلب المساعدة من أجل توفير لقمة العيش؟، أم علينا أن نترك أطفالنا في الشوارع كالمتسولين؟، أم ننتظر أجلُنا وأجلُهم حتى يأتي؟، ومن سيُداوي جراحنا الغائرة؟، ويمسح دموع أطفالنا الذي اكتووا بنار الفقر؟".










طباعة
  • المشاهدات: 23223

إقرأ أيضا

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم