25-07-2014 11:25 PM
سرايا - سرايا - لأكثر من عقدين والدراما التلفزيونية الأردنية تراوح مكانها في موقع متأخر بين شقيقاتها العربية. فالدراما المصرية تقاتل بشراسة عن موقعها الذي تسيّدته منذ السبعينيات، والدراما السورية تنطلق بقوة منذ التسعينيات مستفيدة من الظرف السياسي العربي، فيما الدراما الخليجية وبكل هدوء استطاعت أن تتسلل إلى المشاهدين العرب وتأخذ حصتها منهم.
رغم الدعوات المخلصة التي تنادت لإعادة الاعتبار للدراما الأردنية ومنها العمل بمفهوم المشاركة، بمعنى أن يكون هناك نجوم أردنيون يعملون مع نجوم عرب، إلا أن هذه الشراكة أدت إلى صناعة نجوم ولم تعمل على تقدم الدراما الأردنية فأصبح لدينا نجوم مثل صبا مبارك، ياسر المصري، وإياد نصار، لكن ما تم هو نجومية فردية انعكست عليهم وليس على الدراما.
مسلسل "رعود المزن" ببساطة عمل أردني خالص يبث على أهم المحطات العربية ويحقق نسبة مشاهدة عالية، وأثار ردود فعل ايجابية وهو ما لم يحدث "للدراما الأردنية" منذ زمن طويل، فالمسلسل يضم معظم نجوم وفناني الأردن وان هذا النجاح الذي نلمسه مع الحلقات الأخيرة من المسلسل لم يأت من فراغ، إنما توافرت شروط العمل الناجح كافة من نص وانتاج واخراج وروح جماعية واحساس بالمسؤولية لتقديم عمل يليق بنا. بداية النص يستند في خلفيته إلى الملحمة الشكسبيرية المعروفة "روميو وجولييت" لكنها تحمل نكهة المكان وملامح الشخصيات وحرارة الإحساس وقدرية المصير والحب كقيمة عليا في إطار الصراع الأزلي بين الخير والشر.
هذه الملحمة تحتاج إلى مقومات حتى تخرج بالشكل المطلوب، وقد تم توفير ذلك من خلال الإنتاج الذي تميز بالسخاء والذكاء، ومخرج له خبرته ودرايته، وممثلين تنافسوا فيما بينهم واحساس بالمسؤولية من قبل العاملين في المسلسل كافة.
من خلال متابعة حلقات المسلسل يتضح أن هناك عناية بكل تفاصيل المشهد، فالمخرج "احمد دعيبس" اجتهد بإدارة الممثلين والموقع والديكور والإكسسوارات الأمر الذي يعكس متعة وبهجة بصرية، وهذا يحيلنا إلى الإنتاج الذي يشكل عنصرا مهما جدا والذي يقوده "عصام حجاوي" الذي وفر المستلزمات المتعلقة بالعمل كافة.
إن التماسك يمثل واحدة من مميزات "رعود المزن"، هناك حدث رئيسي لكن هناك أحداث ثانوية تقوم بدورها بأكثر من اتجاه إما من جهة إراحة المشاهد أو من جهة استكمال بانوراما الحكاية ولكنها تصب في الحدث الرئيسي دون تشتيت أو إطالة، واحتفظ العمل بالايقاع الجاذب للمشاهد طوال الحلقات، فكان القطع السريع، والابتعاد عن اللغو، والابهار، ووضوح الصورة حتى في المشاهد الليلية، كل ذلك في إطار من الجماليات التي تحمل دلالاتها وتخدم الحدث وليس مجرد زخرفة، كما أن المكان تم اختياره بعناية، فهو البيئة التي تحتضن الأحداث والشخصيات وهي بيئة منسجمة ومتناغمة وتكمل المشهد.
إن البطولة الجماعية للعمل خلقت حالة من التنافس الايجابي بين جميع العاملين. ظهر ذلك من خلال الأداء العالي للممثلين، فالمخرج يعرف ما يريده ولديه ممثلون موهوبون، واستطاع أن يأخذ أفضل ما عندهم وما تلك اللقطات القريبة إلا امتحانا لقدرة وقوة أداء الممثلين والتفاهم الكبير بينهم وبين المخرج والموسيقى، والتراويد في المسلسل مدروسة وموظفة دراميا فهي تهيئ للحدث أو تفسره أو تعطي إحساسا بالترقب، فهي جزء من الحوار والحدث والموقف الدرامي و "وليد الهشيم" مبدع دائما في الموسيقى التصويرية وصوت "غادة عباس" المتمكن والحساس كان يعطي المفردات قوة وتأثيرا أكثر.
مسلسل "رعود المزن" عمل أردني بامتياز أعاد الدراما الأردنية إلى الواجهة، بعد تغييب طويل لها، وهو يضع التحدي امام المعنيين في الدولة كافة وفي القطاع الخاص، لانه يمكن البناء على هذا الانجاز، واننا قدرون على المنافسة بقوة، والظهور على اهم القنوات العربية، وان لدينا رصيدا جماهيريا كبيرا يمكن الرهان عليه باعمال بمستوى "رعود المزن".