30-07-2014 10:05 AM
بقلم : علي الحراسيس
احدثت الحرب على غزة تغييرا استراتيجيا في طريقة تعاطي الدول الكبرى مع المقاومة الاسلامية ، فتباين الموقف الأمريكي عن الموقف الاسرائيلي كان واضحا وملامحه ظهرت واضحة في تبادل اتهامات حد ان تصرح اسرائيل ان امريكا تقف الى جانب المقاومة بعد طرح افكار كيري التي تجاوزت المبادرة المصرية واقتربت كثيرا من شروط المقاومة الإسلامية لوقف الحرب ..
تغيير المفاهيم بدا واضحا في تعاطي اسرائيل نفسها مع مطالب المقاومة وكيفية التعاطي معها مستقبلا بعد أن فشلت على مدار اربعة اسابيع تقريبا من حربها على غزه وما لاقته من صمود وتمكين اظهرته المقاومة من جهة وللخسائر التي منيت بها من جهة أخرى بسبب نوعية المواجهة والأدوات والتكتيكات التي استخدمتها المقاومة ، ولا زالت شروط المقاومة بين مد وجزر الساسة في اسرائيل وهي سابقة لم نعتادها في تباين الموقف الاسرائيلي وكسر الاجماع على ضرب المقاومة كما حدث في حروب غزة السابقة .
دول العالم بأسرة لم تتبنى وجهة النظر الإسرائيلية حيال أسباب الهجوم على غزه ،ولم يصدر مجلس الأمن قرارا بادامة المقاومة ، ونفت كثيرا منها مسرحية قتل الشبان الثلاثة ، وأدانت دولا صديقة لاسرائيل قتل المدنيين والقصف العشوائي الذي طال مئات ألطفال والنساء ، فراحت الدول تدين علنا سياسة اسرائيل وتفكر جديا بتغيير الطريقة " الدبلوماسية " للتعاطي معها بعد أن اثبتت الحرب أن اسرائيل دول معتدية يقودها متطرفون برابرة يستهدفون الناس والمساجد والمستشفيات ودور العجزة ومقرات الأمم المتحدة حيث يلجأ الآلآف من ابناء غزة طلبا للحماية .
غالبية الدول العربية لم تبدل من مواقفها ومفاهيمها وإرث الهزيمة والذل والهوان التي فرضته على نفسها ولم يفرض عليها طوال عقود ، وراحت تتحدث عن وقف الحرب فقط دون النظر الى مطالب المقاومة عبرت عنه المبادرة المصرية وساندها دولا أخرى دون الاهتمام بما جرى من تغييرات كبيرة عظيمة حيال المواجهة مع اسرائيل ، فراحت تبحث فقط في وقف الحرب على غزة والعودة الى المربع الأول حيث غزة الضعيفة المحاصرة والمغلقة وهو ما لايمكن قبوله حتى من دول غربية وعلى رأسها امريكا والمانيا وبريطانيا وفرنسا والبحث عن تلبية لشروط المقاومة وحل المسالة برمتها ..
مثل هذه التغييرات التي جرت في حرب غزة هذا العام بدلت الكثير من المفاهيم والرؤى الدولية ودفعتها للبحث في ماهية الحرب على غزة ، وما سبقها من مخالفات اسرائيل المتعددة والمتكررة في مصادرة اراض وبناء مستوطنات وقتل متظاهرين في مخالفة للاتفاقيات الدولية التي بدلت مفاهيم الدول حيال ما قيل عن الدولة الوحيدة الديموقراطية في المنطقة .
الولايات المتحدة الأمريكية الدولة الراعية للدولة اليهودية ايقنت " اخيرا " أن تكرار تلك الحروب على غزة لم تصنع نصرا ، بل تزداد المقاومة معها رغم الحصار الشديد قوة وثباتا أدت الى بروز اتجاهات عربية تتعاظم في الشارع العربي وتكسب ترحيبا عالميا تنادي بالعودة الى الجهاد ومقارعة الدولة العبرية باعتباره الحل الأمثل والوحيد للوصول الى تسوية عادلة تلبي شروط ابناء فلسطين والمقاومة في غزة بعد أن فشلت كل الاتفاقيات والحروب التحريكية مع العرب والمعاهدات بتحقيق السلام العادل في المنطقة ، ويبدو أن الادارة ألامريكية تتعجل الخروج من هذه الحرب ليس إرضاءا للمقاومة وحماية لإسرائيل فقط ، بل في محاولة لاستيعاب تلك المقاومة و " ترويضها " قبل أن يتعاظم دورها وتتسع مساحتها لتشمل مناطق أخرى داخل وخارج اسرائيل من خلال تلبية شروط المقاومة ، بل وابعد من هذا فلا يستبعد ان تقترح الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول العربية الوصول الى توافق دولي يتم بموجبه منح قطاع غزة حكما ذاتيا او ربطه باتحاد فدرالي مع السلطة الفلسطينية التي ستنتقل الى دولة كاملة السيادة مع هذه التطورات .