04-08-2014 09:42 AM
بقلم : معن عمر الذنيبات
ندلعت الحرب على قطاع غزة 2014, وهي الحرب الثالثة خلال ستة سنوات إذ سبقتها حرب 2008 – 2009, وحرب 2012, لكن لكل حرب ظروفها وأسبابها التي تفرض واقع الحرب وواقع ما بعد الحرب بقطاع غزة ذلك الجزء الصامد الذي لا يتجزأ من الكل الفلسطيني, ذو المساحة المحدودة, والكثافة السكانية المرتفعة والإمكانيات الضئيلة والواقع المأزوم على مختلف الجوانب (السياسية والاجتماعية والاقتصادية), فهي نقطة انطلاق الانتفاضة الفلسطينية الأولى, ونقطة الانطلاق صوب اقتلاع آخر احتلال على أرض الواقع في العالم, منذ أن تم توقيع اتفاقية أوسلو – ما لها وعليها من ملاحظات – وعودة السلطة الوطنية الفلسطينية إلى قطاع غزة وأريحا أولاً, والمضي في طريق إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف. إذا أردنا الحديث بلغة الحسابات والإمكانيات ومنطق الرابح والخاسر, نقول بشكل واضح وبدون أي مزاودة على المقاومة الفلسطينية وإمكانياتها وقدراتها العسكرية, فما تملكه إسرائيل أكبر وأقوى بكثير مما تملكه المقاومة الفلسطينية, من حيث كمية العتاد العسكري والعدة, والمنظومة التكنولوجية التي تستخدمها إسرائيل في أسلحتها, وغيرها, ولا يمكن مقارنتها بما تملكه المقاومة من عتاد وعدة, ومنظومة متطورة من الأسلحة, فهي أغلبها محلية الصنع, حتى الطائرة الاستطلاعية التي كشفت عنها المقاومة في الحرب, لا تصل إلى امكانيات الطائرة الاستطلاعية المصنعة في المصانع الإسرائيلية. من جهة أخرى, وفي منطق الرابح والخاسر, فالحرب يوجد بها مسارين الأول وهو العمل العسكري والثاني العمل الدبلوماسي يتحركان بالتوازي وفق تطورات ومجريات الحرب, وفي حساب الربح والخسارة, فكل طرف يدخل الحرب وفي جعبته أهداف عسكرية وسياسية, يسعى كل طرف لتحقيقها, وأي هدف لا يتم انجازه فتكون نسبة الربح نسبية, وعليه إذا ما أردنا أن ننظر وندرس ما آلت إليه الحرب حتى هذه اللحظة, فنجد أن إسرائيل لم تحقق الهدف العسكري وهو القضاء على المنظومة القتالية لدى المقاومة, وبالتالي سيكون من الصعب تحقيق الهدف السياسي وهو فرض واقع جديد في غزة والضفة, وبالتالي فهي الخاسر الأكبر, أما المقاومة الفلسطينية استطاعت أن تحقق انجاز ملموس على أرض الواقع لكونها جعلت كل المدن الإسرائيلية تحت مرمى الصواريخ, والبورصة والاقتصاد الإسرائيلي في تهاوي, والرعب المستشري في نفوس الاسرائيليين, والقيام بالعديد من العمليات النوعية, أربكت حسابات الجيش الإسرائيلي, وفشل جهازها الاستخباراتي في جمع المعلومات عن المقاومة وقدراتها العسكرية, وهي تصر – أي المقاومة الفلسطينية - على تحقيق ما ستفرضه من شروط دون الخضوع لأي مؤثر خارجي, لامتلاكها رصيد من الانجازات والأهداف التي تحققت على أرض الواقع, وبالتالي ويمكن القول بأن كلا الطرفين بات يطلب ما هو أكثر مما يستطيع تحقيقه، ومن ثم لم يعد هناك لدى إسرائيل وحماس من تكسير العظام حتى يئن طرف منهما. حيث ان معضلة إسرائيل هي انها لا تستطيع تحقيق ما تريد إلا بالعودة إلى احتلال غزة، وهو كابوس لم يعد الإسرائيليون يرغبون فيه، كما أنه لا يوجد ما يجعل ذلك حلا ناجعا للمأزق الإسرائيلي. ومعضلة حماس أن طول فترة الحرب لا تجعل التضحيات الفلسطينية تزيد فقط، ولكنها سوف تجد هناك من يتساءل عن الأهداف الفلسطينية التي تحققت على طريق التحرير والاستقلال والدولة وعاصمتها القدس الشرقية، فضلا عن عودة اللاجئين إلى أرض فلسطين. لكن يمكننا القول بأن المقاومة هي المنتصر, ليس انتصار معنوي بل انتصار استراتيجي يؤسس لتغيير منطق التعامل مع المقاومة وقطاع غزة, فالمقاومة اتبعت منظومة عمل متكاملة متوازنة متجانسة, (عسكرياً وإعلامياً ونفسياً),وحيث انها وبالتأكيدحققت ما تصبو إليه حيث صنعت ارضيات للارتكاز عليها دبلوماسيا وعسكريا.