11-08-2014 10:22 AM
بقلم : د. زيد سعد ابو جسار
إن هذه اللحظات التي نعيشها من عمر هذا الكون هي من أعظم اللحظات وأخطرها لحظات تحدي اليأس من رحمة الله تعالى ,تحدي الكفر وتشكيكه بالإيمان ورعاية الله للمؤمن , نتيجة ما يتعرضون إليه من قبل الكفار وأعوانهم , تحدي الكفار باليقين في انتظار لحظات نزول الرحمة والنصر لمن ثبتوا على أيمانهم ,كما هي لحظات الخسران لمن تزعزع أيمانهم , واتبعوا من أصروا على كفرهم بتكذيب ما جاء به المرسلين ليشاهدوا ويشتركوا بالهزيمة والخسران ,لحظات الفصل بين الكفر والإيمان, يلزمها اليقين بالله وبوعده من خلال الدعاء ,يلزمها المعرفة بسنن الله تعالى في كونه من خلال تدبر آياته في كتابه , ومن سننه انه لا يكلف النفس فوق طاقتها ,لذلك فعندما تشتد الأمور يكون اليقين بقرب الفرج ,وأصبح قريب بمشيئة الله تعالى ...
قال تعالى(حَتَّىٰ إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ ۖ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ ) حتى إذا استيأس الرسل من كفار قومهم أن يصدقوهم، وظن من امنوا بصدق المرسلين إليهم,وذلك عندما اشتد العذاب عليهم من قبل الكفار .إن الله تعالى لا يكلف المؤمن فوق طاقته لذلك يثبت الله تعالى الذين امنوا عندما تصبح الأمور فوق طاقة الإنسان ,فيعجل الله تعالى النصر على من لا رجاء لهم بالإيمان ,و أرادوا تشكيك المؤمنين بالله وتحديه ليصلوا لدرجة اليأس من إيمانهم (وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا)....
إن من يقرءا كتاب الله سيجد العديد من القصص التي تتحدث عن الواقع الذي نعيشه وهو صراع الحق مع الباطل ويجد غيرة الله تعالى على عباده من أن يدخلوا في مرحلة الظن نتيجة عدم تحملهم الأمور التي تفوق طاقتهم والغيرة على رسله من خلال تحقيق وعده أن النصر من عند الله...
ففي قصة موسى عليه الصلاة والسلام وقومه عندما أدركهم فرعون من خلفهم والبحر من أمامهم كان هنالك حوار يعبر عن دخول الظن عند من تبعوه وكان اليقين من قبل الرسول أن وعد الله حق(قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا ۚ قَالَ عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ).ويقين الرسول بالله وبوعده يتجلى أمام الواقع الصعب وما نطقوا به من ما تظن أنفسهم ليقول الرسول (كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ). فيستجيب الله تعالى له اضرب بعصاك البحر إن هذه الكرامة كانت تصديقا للرسول ...
وفي قصة غزوة الخندق التي اجتمع فيها كل ملة الكفر ومن الداخل عملاء الكفر والنفاق ومن خذلوا موسى عليه السلام ,كان الأمر مختلف مع من تأدبوا بأدب السمع والطاعة لله ولرسوله وطلب المغفرة ونسب مصير الأمور لله تعالى " وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير " لهذا فقد تعدت البشرى في النصر الآني إلى البشرى في فتح بلاد فارس والروم ,..
إن لمثل هذه المواقف شهادات يشهد الإنسان على نفسه شهادة الإيمان بالله , وبما انزل على رسوله وشهادة الكفر والإصرار عليه ,إن العديد ممن ادعوا الإيمان بإتباع الرسول وطاعته قد سقطوا أمام هذا الامتحان الذي سيرافقهم عندما يحملوا على الأكتاف ليذهب بهم إلى بئس المصير. (وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ )...
إن هزيمة و قوة الإنسان منبعها من داخل الإنسان لهذا فان الإيمان مقره القلوب الذي يدرك الإنسان أن الضار والنافع هو الله وان كل شيء بيد الله وان الله بيده الخير كله , وان هذا هو الإيمان الحقيقي الذي يثبت الإنسان عند الشدة والتحدي, وان الهزيمة والخوف من الإنسان لهذا فالمؤمن دائم الاستغفار والتوبة للحفاظ على سلامة وقوة قلبه من القنوط من رحمة الله ( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله )..
إن ما نشاهده من قتل للركع السجد وقتل العزل وحرقهم وهم يدعون ربهم وبدون رحمة وحرق بيوت الله وحصار غزة وإشاعة الفاحشة والفتن بين المسلمين له تحدي واضح لتشكيك الإنسان المؤمن بإيمانه , وليظن بما جاء به المرسلين , كون ذلك يفوق طاقة الإنسان المؤمن ,وهنا لا بد من تأتي سنن الله في تثبيت الإنسان المؤمن ونصره وتحدي من يشككوه في دينه بيقين القلب بالله (كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ). , فيهزم الله تعالى الجمع ومن معهم ...
إن الحسرة بدت واضحة على وجوه الصهاينة وإدارات الغرب المتصهين واذنابه نتيجة ما أنفقوا من أموال وأنفس وجهد لمحاربة دين الله تعالى بالرغم من ذلك فان الإسلام ينتصر على يد المخلصين وينتشر,لأنه لا يمكن تضليل الشعوب إلى الأبد , إن سنن الله في نصره وقصاصه واضحة للعيان يبصرها المؤمن الذي ليس على بصره غشاوة.والتي من المفروض أن تزيده إيمانا فوق إيمانه لا هروبا ورضوخا للباطل ...
( اللهم إنا نشكوا إليك ضعف قوتنا , وقلة حيلتنا , وهواننا على الناس , أنت ارحم الراحمين , ورب المستضعفين , وأنت ربنا , إلى من تكلنا ؟ إلى قريب بتجهمنا , أو إلى عدو ملكته أمرنا , إن لم يكن بك علينا غضب فلا نبالي , غير أن عافيتك هي أوسع لنا , نعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات , وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة , أن ينزل بنا غضبك , أو يحل بنا سخطك , لك العتبى حتى ترضى , ولا حول ولا قوة إلا بك )