بقلم : هاشم الخالدي

ثمة أمر يجب أن نتحدث به ونضع النقاط فوق حروفه ...

واسمحوا لي ان أكون في هذه المقالة مرتفع السقف، وربما أتجاوز الخطوط الحمراء ولكنها الضرورة التي تفرض أحيانا ان نداوي الجرح بالكي.

في الآونة الأخيرة - أي منذ اندلاع أحداث غزة - عادت أصوات البعض تنال من الملك شخصياً وتنتقد غيابه عن الساحة السياسية مطالبين بمعرفة مكانه، فيما انطلقت إشاعات مغرضة منها من قال انه يتجول في اوروبا، ومنهم من قال بأنه وقع عن دراجته ، وغيرها وغيرها ... مما ترك في نفسي ونفوس الكثيرين غصة في الحلق من هذه الاتهامات غير الموثقة.

الغريب في الموضوع أن من طالبوا أنذاك بمعرفة مكان الملك واستنكارهم من عدم ظهوره للإدلاء بتصريحات ضد إسرائيل ، هم أنفسهم من كانوا ينادون بتقليص صلاحيات الملك والمطالبة بتحويل العرش الهاشمي كما العرش البريطاني "يسود ولا يحكم" .

وهنا يحضرني المثل الشعبي الذي يقول " احترنا يا قرعة من وين نبوسك " بمعنى أن هؤلاء كان يفترض بهم أن يصبوا جام غضبهم على رئيس الحكومة "صاحب الولاية العامة" وعلى وزير خارجيته اللذان قصرا في قضية غزة ،فلم نسمع من ناصر جودة تصريحات أو تحركات تشفي الغليل، بينما غاب النسور عن الساحة لأكثر من اسبوعين دون أن يدلي بأي تصريح أو حتى أن نراه على شاشة التلفاز يتحدث عن غزة، ولم اجد احدا يسأل أين غاب النسور ؟؟؟؟

وبالمحصله فليس مطلوبا من الملك ان يعطي تقريرا بما انجز من اتفاقيات تسليحيه خارج الاردن ، وليس مطلوبا منه الافصاح عن اسرار تلك المحادثات.

هل نحن اذاً أمام استهداف شخص بعينه أو نظام بعينه، ومن له مصلحة في تشوية صورة هذا النظام الذي يتفق الجميع على أنه نظام هاشمي غير دموي على الأقل، كما فعل ويفعله حكام العرب بشعوبهم.

ورغم ذلك صدر عن الملك بعد عودته تصريحات صحفية أزعجت الكيان الصهيوني وأربكت أركانه، وبإمكانكم متابعة الصحافة الاسرائيلية وما قالت أنها ستخسر أهم اتفاقية سلام مع الاردن اذا ما استمرت الحرب على غزة "على حد قولهم" .

بحسب المعلومات التي اعرفها فلم يكن الملك ان يغيب عن احداث غزة ، لولا انه كان يقوم بعقد صفقات ولقاءات من أجل تطوير تسليح الجيش والمطالبة بزيادة دعم الاردن لئلا يصل الى مرحلة لا يريدها لحكومته وهي ان تقوم برفع الاسعار على الشعب المنهك اصلا من ارتفاع الاسعار.

كنت اتمنى ان توجه الرسائل لرئيس الحكومة ويكتب فيها من يشاء النقد له ، لان الحكومة اظهرت ضعفا وتخاذلا كبيراً في مواكبة الغضبة الشعبية المؤيدة لغزة ولحماس تحديداً ، وبدت تصريحاتها خجولة ومقرفة احيانا وهو ما ادى بالنتيجة الى ان توجه النقد لرأس الدوله ، وهذه هي المشكلة التي يتحمل مسؤوليتها عبدالله النسور نفسه ووزير خارجيته الذي اصبح امريكياً أكثر من الامريكان.

بالمحصلة.... فأنا اعتقد أن استقرار المملكة الاردنية الهاشمية ينبثق من حرصنا علىحفظ الهيبة لثلاثة اشياء لا رابع لهم... الملك والجيش والامن .

. قد يعتقد من يقرأ ما كتبت أعلاه ياتي من باب التسحيج الذي يعرف الجميع انني ما عرفته يوما ... ، فقد تعودت على ان اكون متوازناً في كل المقالات التي اكتبها.

واتابع...

ان هذا لا ينفصل عما يزعجني في هذه الايام من التحريض الممنهج ضد جماعة الاخوان المسلمين ، وتحديداً تلك التي تنادي بحل الجماعة واعتبارها ارهابية او غيره منطلقين مما قيل انه استعراض عسكري تم ابان الاحتفال الكبير الذي دعت له الجماعة في احدى الساحات مع تحفظي عما صدر من المراقب العام للجماعه همام سعيد من اتهامات تخوينيه اذ لا يجوز ان يصل بنا الخلاف في وجهات النظر الى اجترار مصطلحات التخوين من اجل لملمة الشعبيه من هنا وهناك

. واعتقد بأن هذا التحريض الذي يمارسه البعض هو مجرد بالونات اختبار او تجميد لقرار ربما سطرت أولى بنوده لحظر الجماعة في السنوات المقبلة ، ولمحاولة اقناع رأس النظام بحظرهم.

اولا... ومن حيث المبدأ يجب ان اعترف بأنني اخالف جماعة الاخوان المسلمين في كثير من الامور علما بان لي قصه شخصية لو اردت اسقاطها على خلافي مع الاخوان لكنت أول من دعا لحرق هذه الجماعة ، لكنني انظر للأمر من ناحية وطنية منطلقاً من حرصي على هذا الوطن الذي لا يحتاج في هذه الأونة للإصطدام مع احد ، وخاصة مع جماعة كبيرة مثل جماعة الاخوان المسلمين ، فليس هذا الوقت هو وقته ولا ساعته ، لأننا نحتاج في الاردن هذا الأوان أن نبقى متكاتفون موحدون ضد عدو واحد هي اسرائيل التي عاثت في الارض فساداً وأزهقت من ارواح شهدائنا في غزة ما لم تقترفه أكثر الدول إجراماً .

الاردنيون هذا الاوان موحدون كما لم تشهد الساحة الاردنية وحده متينه مثلما حدث خلال شهر الموت والبطوله في غزه ، فاليد الاردنيه الشرقية باتت تعانق اليد الاردنية الغربية ، لذلك ارجوكم لا تفسدوا علينا فرحتنا بوحدتنا وبإنتصار غزة على اعتى كيان مجرم في العصر الحديث .

مطلوب الان من جماعة الاخوان المسلمين ان يدركوا بأن النظام خط أحمر، ليس من أجل النظام نفسه ، بل من أجل حفظ هيبة النظام الضامن لاستقرار البلاد والابتعاد عن سفك الدماء. ومطلوب من الجهات التي تحرض ان تكف عن لعبة القط والفأرلأنها تلعب في الوقت الخطأ، واعتقد أن من يقرأ بين السطور يعلم ماذا أقصد ؛ لأن اللجوء للعبة البيانات من جهات بعينها باتت مسرحية مكشوفة لا اعتقد أنها ستجدي نفعاً.

لنعطي للأخوان المسلمين فرصتهم في الوقت الذي نشعرهم فيه بضرورة معرفة الخطوط الحمراء التي لا يسمح لهم بتجاوزها، وإلا كنا أمام من يذكي نار الحرب أو الفتنة، لا سمح الله، واعتقد انه من الغباء محاولة استغلال ضعف الإخوان المسلمين في مصر لضربهم في الأردن فما فيه تحقيق لمصالح مصر العليا ليس شرطاً أن يكون فيه تحقيقاً لمصالح الأردن العليا.


أما معان ... القريبة إلى القلب دائماً، فاسمحوا لي أن اشتم كل من يحاول إصباغها بثوب الإرهاب، واسمحوا لي أن ادعو على كل من يحاول تحريض النظام على هذه المدينة الصامدة بأهلها الطاهرين الموالين للوطن أباً عن جد.

أما أولئك الذين يريدون أن ينتقموا من معان وأهلها ويصبغون عليها التهم الجاهزة من " تدعيش " و " تقعيد ".. فاعتقد أن النظام الهاشمي يعلم تماماً أن لا علاقة لداعش والقاعدة بأهل معان الذين يحق لهم العيش بكرامة ، ولا نقبل لأحد أن يصف أهل معان بما لا يليق بهم.

معان لها في قلب الملك مكانة كبيرة، لكن المشكلة بأولئك المحيطين بالملك الذين أفسدوا ما أفسدوا وهم يشتمون معان ليل نهار.

لمعان العزة، كما لغزة .... اللهم جنب ملك البلاد كل مكروه وابعد عنه كل محرض ... انك سميع مجيب ...

اللهم اني بلغت ... اللهم فاشهد


الكاتب : مؤسس موقع سرايا

Hashem7002@yahoo.com